“التحكم”
الخميس 22 شتنبر 2016 – 18:41:54
و رغم أن التناوب على السلطة يُفترض أن يكون تتويجا لتنافس مفتوح تحسمه صناديق الاقتراع، كما هو الحال في الأنظمة الغربية، و لا يُستساغ أن يكون موضوع “توافق” في الكواليس المغلقة، فإن هذا التعبير نجح في وصف المرحلة من جهة طبيعة التحول الذي طرأ على المشهد السياسي المغربي، و لقي، تبعا لذلك، قبولا من العامة كما عند النخب السياسية.
بعد انتقال مقاليد “الحكم”، أو رئاسة الحكومة بتعبير الدستور الجديد، إلى “تيار اليمين الديني”، مسنودا بلفيف غير متجانس يضم بقايا الإقطاع و أذناب الشيوعيين، فإنها كانت مناسبة أخرى “أبدع” خلالها ” فُقْيان الكلام” اصطلاحات جديدة و أضافوها إلى القاموس السياسي الوطني، ومن جملة هذه الاصطلاحات المبتكرة ما أضحى اليوم معروفا في الأوساط السياسية بـ “التحكم”، فبماذا يتعلق الأمر ؟
لغةً، التَّحَكُّمُ مصدر من فعل تَحَكَّمَ، و هو فعل خماسي لازم، و معناه، حسب معجم المعاني، هو ضبط الأمور الذاتية، يُقال : تحكم في أموره الشخصية، ضَبَطَها و أَحْكَمَها، و يُقال أيضا : تَحَكَّمَ في أمور غيره، أي تَصَرَّف فيها كما يحلو له، و يأتي الفعل أيضا بمعنى اسْتَبَدَّ.
أما عن استخدام مصطلح “التَّحَكُّم” في التعابير السياسية للدلالة على الانزعاج من “سلوك ما” تمارسه “جهة ما” فهو استخدام حديث لدى المغاربة، و يكتنفه اللُّبْس و انعدام الحجة و الدليل، فرغم ما فيه من تلميح يفيد نِسْبة هذا التحكم المزعوم لأشخاص ينتمون لدائرة السلطة، فإنه يبقى، رغم ذلك، مجرد تلميح و لا يجوز أن يقوم مقام التصريح.
“التحكم” المنسوب لجهة ما، على فرض وجوده و تحققه الفعلي، فإنه لا يعدو كونه سلوكا تُفترض نِسْبته لشخص ما طبيعيا كان أو معنويا، بمعنى أنه فعل مادي، و عندما يكون الأمر كذلك، فعلى المُشتكي أو المتضرر أن يثبت حصول ذلك أمام الجهات القضائية المختصة ، إن تعلق الأمر بارتكاب “تحكم” يقع تحت طائلة القانون ،جنائيا كان أو مدنيا.
أما إن تعلق الأمر بـ”تحكم” لا تسري عليه القوانين العادية، فالمؤكد أنه يخضع للقانون الأسمى للدولة أي الدستور ، و في تلك الحالة، فإن الوضع يقتضي رفع الدعوى من المتضرر و حلفائه أمام المحكمة الدستورية، وعلى الجميع أن يثبتوا صحة ثبوت هذا “التحكم” و مخالفته لأحكام الدستور، لكن دون إغفال أن العجز عن بلوغ ذلك يقابله السقوط في حالة إذعان دائم.