نقاط على الحروف..
الثلاثاء 09 غشت 2016 – 11:11:45
الملك قالها بكل الوضـوح اللاّزم:
اتركوا الملكية بَعيدًا عن التجاذُبـــات السياسية، وعن محاولات توظيفها في المعركة الانتخابية، المزمع تنظيمها يوم 7 أكتوبر المقبل…
الرّسـالة موجهة بالأساس إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي سجل عليه المتتبعون أنه لا يترك أي فرصة تمر دون أن يقحم الملك في أحاديثه، ويوظف علاقته بالمؤسسة الملكية حسب السياق وتطورات الأحداث…
مرّة يكشف عن أسرار وتفاصيل خاصة ذات حمولة إنسانية عن علاقته بالملك، ومرة لا يتردد في نفض يده من المسؤولية في اتخاذ قرارات تدخل في صلب اختصاصاته الدستورية، تحت مبرر أنه لا يريد أن يدخل في صراع مع الملك، وتارة أخرى يتحدث عن شخص الملك بكلام يفتقد للياقة، ولواجب الاحترام المفروض التقيد به…
حتَّـى صـارَت القناعة راسخة لدى الجميع، أن بنكيران يصر على توظيف علاقته بالملك، بما يخدم صِراعـاتـه السياسية، و رهانه لكسب الانتخـابـات المقبلة…
ذات الرسالة موجهة أيضا لحزب الأصالة والمعاصرة…
فالملك بدعوته الصارمة إلى النأي بزج المؤسسة الملكية في التنازعات السياسية، والإعلان صراحة على أنه ملك لكل المغاربة، الذين يصوتون والذين لا يصوتون، إنما أراد أن يقطع الطريق على كل الذين يروجون سرا وعلانية أن حزب البام هو حزب الملك، أو يجسد توجهات الملك، لما لترويج مثل هاته الدعوات من أخطار على مصداقية المؤسسات، وعلى مستقبل النظام الديمقراطي بالبلد. ولذلك كانت هاته الرسالة بمثابة نقطة نظام أعادت الأمور إلى نصابها…
الرسالة الثانية، التي أراد الجالس على العرش توجهيها لبنكيران على وجه التحديد، تتعلق بتصريحاته الصادمة التي دأب على إطلاقها في الآونة الأخيرة، والتي تعطي صورة سلبية عن مؤسسات الدولة، وتضرب في مقتل مصداقيتها داخل المغـــرب وخـارجـه، وترخي سيـاجــًا سميكــًا من التشكيك في جدية الاختيار الديمقراطي للدَّولة المغربية…
ما معنى أن يتحدّثَ رئيس الحكومة، الرجل الثاني في الدولة بعد ملك البــلاد، عن وُجــود دولتين :
الأولى يرأسها الملك محمد السادس، وهي التي سيفوز فيها بنكيران بـــالأغلبية خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة…
الثانية، لا يعرف من يحكمها، ولا من يصدر فيها القــرارات، و بـالتـــالي لا يضمن فيها تصدر الانتخـابـــات…
هل هناك مسؤول عاقل في أي دولة، هو رئيس حكومتها، بصلاحيات يضمنها الدستور، يُجـازف بــالتصريح عن وجود دولتين؟!..
ألا يقدم بنكيران بمثل هاته التصريحات خدمة جليلة للمتربصين بالمغرب، لشَحذ السَكاكين لطعن البلد من الخلف؟!..
هل يستوعب بنكيران التداعِيــــات المدمرة على مصداقية مؤسسات الدولة، حين يسارع السفراء المعتمدون بالرباط إلى تدبيج التّقـــارير حول تصريحات رئيس الحكومة؟!..
خطيئة رئيس الحكومة التي لا تغتفر، أنه لم ينجح في وضع المسافة الضـــرورية بين مسؤوليته كرجل دولة، يتحمل مسؤولية قيادة الحكومة، وبين مسؤوليته كرئيس حزب قائد لأغلبية حكومية…
بنكيران يصر على تطويع منصبه الرَّسمي وجعله في خدمه أجندته الحزبية، والتمكين لتنظيمه السياسي من الفوز بالانتخابات، ولو كان ذلك على حساب صورة الدولة ومصداقية مؤسساتها…
هل من رئيس حكومة عاقل يقرر عدم الحضور في مؤتمر دولي بدعوى أن من يشرف على تنظيمه زعيم حزب معارض، والحال أن هذا اللقاء تليت في رسالة ملكية و حضره شقيق الجالس على العرش؟!..
و المصيبة أن رئيس الحكومة بنى موقف عدم الحضور على قرار حزبه، حتى لا يفهم المواطنون أنه تطبيع مع الحزب المعارض!..
هما رسالتان أصر ملك البلاد على توجيهها لمن يهمه الأمر، كانتا بمثابة نقاط على الحروف لإعادة الأمور إلى نصابها، ولجم جماح البعض ممن قرر المغامرة باستقرار الوطن من أجل ربح معركة الانتخابات…