الصديق يقول …” مشكلة المسلمين والعرب على الخصوص هي أنهم كلما واجهتهم عقبة كلما انكفؤوا على ذواتهم وعادوا إلى الماضي” و زيدان يضيف “الأمل يكمن في الخجل” إن خجلت الحكومات العربية من نفسها فسيكون هناك أمل في غد أفضل
الثلاثاء 23 غشت 2016 – 20:58:10
انطلقت فعاليات المهرجان تحت شعار “دفاعا عن الطبيعة”، بقاعة الندوات بقصر البلدية بطنجة، من خلال أمسية افتتاحية عرفت حضورا جماهيريا كثيفا لساكنة المدينة و زوارها ، بفرقة أجيال الريف ، الفائزة بمسابقة مواهب مهرجان ثويزا ، من خلال وصلات غنائية باللهجة الأمازيغية، قبل أن تتلو الشاعرة المغربية المبتدئة البتول محجوب، عددا من قصائدها الشعرية، قبل أن يختتم هشام الجخ حفل الإفتتاح ، بكامل حدته وسلاسته في آن واحد ، وكذلك ببساطة اللغة المستعملة لديه ،و هو الذي أطلق عليه المتذوقون المحبون لشعره لقب الهويس ، ومعناه محبس المياه، وهو تعبير مصري شعبي، في إشارة إلى أن كلماته تنهمر كالسيل لتروي عطش كل مستمع عربي إليه.، فألقى الجخ أشهر قصائده كـ “التأشيرة ومتزعليش وبغير والجدول وقصيدة طبعًا مصليتشي العشا”، وذلك أمام جمهور المهرجان
.
مداخلة المفكر والمتخصص في أنتروبولوجيا القرآن الكريم، الدكتور التونسي يوسف الصّديق، و التي تمحورت حول التراث الإسلامي ،أثارت يوم الجمعة 12 غشت الجاري العديد من الجدل، بعدما اعتبر أنّ مشكلة المسلمين والعرب على الخصوص هي أنهم كلما واجهتهم عقبة كلما انكفؤوا على ذواتهم وعادوا إلى الماضي يستنجدون به ويبحثون فيه عن حلول، “هذا الماضي الذي يشكل مشكلة حقيقية بسبب قراءاته وأشكال فهمه اليوم، داعيا إلى ضرورة دراسة القرآن على أسس الفلسفة والعلوم الحديثة.
كما أعتبر الصديق المشروع الّذي أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم مشروعا أخلاقيّا وليس دينيا أو سياسيّا.
وأشار الصديق الذي استضافته مؤسّسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة، في لقاء فكري حمل عنوان “قراءة جديدة في الفتوحات الإسلامية” أداره الكاتب والناشط الأمازيغي أحمد عصيد، إلى أن القرآن الذي بين أيدينا اليوم ليس هو المصحف، مفسرا ذلك بأن عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما نظم القرآن بين دفتين فعل ذلك دون أن تكون هناك دراسة في مستويات كلام الله، بالإضافة إلى مسألة التنقيط (أين تقف الجملة وليست الآية)؛ حيث استحضر في هذا السياق المثل التونسي الذي يتهكّم على الذي يقف في نصف الجملة بالقول : “لا تقف عند ويل للمصلين”.
وشدد الصديق في مداخلته على أن قراءة القرآن اليوم هي قراءة حسب ترتيب المصحف وليس حسب ترتيب السياق والخطاب والمكان الذي أنزلت فيه الآية؛ الشيء الذي يحدث تناقضا في آيات الله، مؤكدا على أنّ التّراث الإسلامي بات يُقدم اليوم كما لو أنه هو العقيدة أو الدين الإسلامي؛ الشيء الذي يطمس حقّ كل واحد منا في أن يقرأ ويعيد القراءة من منطلقات واقعه وتكوينه فيما ألف في الماضي سواء القرآن أو كتب الفقه القديمة.
واعتبر يوسف الصّديق أنّه لا فائدة من خطبة الجمعة كونها باتت سياسيّة أكثر منها دينية، على اعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختار هذا اليوم بالذّات حتى يدعو اليهود إلى الاستماع إلى خطابه؛ كونهم يأتون إلى السّوق قبل غروب الشمس من هذا اليوم، مؤكدا على أنّ “المسجد ليس ولم يكن فضاءا دينيّا بالمُطلق”.
يوسف زيدان ، المفكر و الكاتب المصري ، المثير للجدل أيضا ، استهل الحديث عن الصيرورة التاريخية التي تحتم استفادة أية نهضة من التراث الذي سبقها، على غرار ترجمة التراث العربي إلى اللاتينية، مستغربا كيف ينادي البعض داخل ثقافتنا بمقاطعة التراث، ومتسائلا ” كيف ستفهم الواقع وتطور عقلك إن لم تعرف حدوده؟ كيف ستتعامل مع مشكلة واقعك إن لم تفهم جذورها؟”.
المفكر المصري عاد إلى منتصف القرن العشرين في كلامه مستحضرا تأثير ما أسماها 100 سنة من التنوير “والتي بدأت تعطي ثمارها، والتي قادها أشخاصٌ أمثال رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي، فبدأت المكتبات القومية تنشأ تباعا وعرف نشاط الطباعة ازدهارا ملحوظا”.
واستمر هذا الحال، حسب زيدان ، “قرابة 100 سنة كانت تجلياتها الأخيرة في طه حسين الذي طلب الدخول في تفاعل حقيقي مع أوروبا دون توجس، متجاوزا ما جرى في زمن الاستعمار والصيغ الجاهزة والمغالطات التاريخية”.
وعن الأوضاع الحالية، قال زيدان في معرض إجاباته عن الأسئلة التي طرحها حسن أوريدن أن داعش قتلت ضعف ما قتله الاستعمار الفرنسي في سوريا، مضيفا “أقبح من الاستعمار الإستهبال، أي أن يرفع أشخاص راية الدين فيجدون من هو أخبث منهم يضعون في أيديهم سلاحا فيصبحون كالورم السرطاني”.
واستعرض المفكر المصري تاريخ الإخوان المسلمين بدءا من إلغاء كمال أتاتورك، سنة 1923، مسترجعا أيضا تاريخ الحركات الفكرية الجديدة التي كانت تؤسس نهضة جديدة في بلاد العرب، “ومن بين هذه التيارات سيخرج شخص اسمه محمد رشيد رضا ومنه سينطلق تيار الإخوان المسلمين، وهي تسمية خطيرة تعزل مجموعة من الناس وتصفهم بالإسلام، معتبرة بالتالي أن الآخرين ليسوا إخوانا ولا مسلمين” حسب تعبير زيدان دائما.
واعتبر زيدان أن السياسيين ظلوا يرتكبون نفس الأخطاء”بنفس الغباء ونفس الويلات، من منطلق المصالح الضيقة، فيتحالفون مع من يرتدون قبعة الدين، فينقلبون عليهم، فالمثقف إذا اقترب من السلطة ينزوي، بينما من يرتدي قبعة الدين يتسيد ويطغى” مضيفا “المثقفون العرب هم أبطال المرحلة الحقيقيين الذين يخجلون من إعلان أنفسهم، فالسياسة دائما ما تفسد والثقافة دائما ما تحاول مواجهة الفساد”.
حسن أوريد، تساءل عن المخرج من هذه الدوامة، خصوصا بعد أن ظهرت إرهاصات تحول مع ما سمي “الربيع العربي”، وهو ما أجاب عنه زيدان بقوله “الأمل يكمن في الخجل، إن خجلت الحكومات العربية من نفسها فسيكون هناك أمل، ففي كل البلاد العربية وزارات ثقافة، فإن كان الكتاب الذي ينشر في مصر لا يصل إلى المغرب مثلا.. فما الذي يفعله هؤلاء بالضبط؟”.
مهرجان “ثويزا” أصبح هوية وعلامة ودليلا للاحتفال بالتنوع والتعدد الثقافي الذي يميز الأمة الواحدة والوطن الواحد في مدينة ساحرة ، طنجة العروس.