طنجة تحت القصف..
الإثنين 15 غشت 2016 – 18:24:02
أطفالهم بين أيديهم، وأعينهم تترقب الوافدين والمغادرين لهاته الأماكن، وكأنهم ينتظرون زبائن من نوع خاص، هم يعرفونهم جيدا…
بعد استقصاء بسيط حول الأمر، يظهر السبب..
إنهم ينتظرون الفوز بما يجود به أعضاء الوفد السعودي المرافق للملك سلمان، الذي يقضي إجازة خاصة بعروس الشمال…
ولذلك ما إن تطأ أقدام أحدهم الشارع، حتى تندلع معركة طاحنة بين هاته الجحافل المتوثبة، حول من ينجح في الظفر بمبلغ من المال، يتراوح ما بين 100 درهم و200 درهم..
لتضع المعركة أوزارها في انتظار اندلاع أخرى..
مظاهر مشينة حقا، ومن شأنها أن تنسف كل الجهود المبذولة في تأهيل المدينة، لجعلها نموذجا رائعا، يضاهي أجمل مدن الحوض المتوسطي…
ما يبعث على التساؤل الممزوج بالاستغراب والغضب، هو موقف اللامبالاة الذي يتمسك به القائمون على شؤون المدينة: منتخبون، سلطات، و أمنيون…
زحف المتسولين على مدينة طنجة، ليس مقرونا فقط بحلول الوفد السعودي على المدينة، بل إنها ظاهرة باتت تئن تحت وطأتها المدينة خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما فتئت تتزايد وتيرتها بشكل متزايد…
يجب الاعتراف أن عروس الشمال تتعرض لأبشع عملية غزو، يكاد يكون مخططا له، من طرف جحافل المتسولين، التي استوطنت شوارعها وأزقتها..
بل إن المتأمل في ظاهرة المتشردين والمتسولين بمدينة طنجة، يكاد يجزم وكأن الأمر مدبر بليل، وأنه مؤامرة لتشويه ما تبقى من جمال هاته العروس، التي تجاهد اليوم لتستعيد جزءا من بهائها، بعد أن استباحها كل من تقلد مسؤولية تدبير شؤونها منذ عقود، حتى فقدت عذريتها…
اليوم بطنجة، صار من المستحيل أن تستمع بجلسة هادئة رفقة عائلتك أو أصدقائك في مقهى أو مطعم، دون أن تتعرض لهجوم منظم من المتسولين، على مختلف هيئاتهم..
كل له قصته، أو خطته ل “إرغامك” على دفع ما يجود به جيبك من درهيمات…
يستحيل أن تتجول في شوارع المدينة، دون أن يصدمك العدد الهائل من المتشردين والمتسولين، وهم يستوطنون الأرصفة، ومداخل العمارات، وأبواب المحلات التجارية، وقد اتخذوا منها ملاجئ لقضاء الليل بها!..
من حق كل أبناء هاته المدينة والغيورين عليها أن يتساءلوا، والألم يعتصر قلوبهم، عن إحساس وشعور وموقف من بيدهم قرار تسيير هاته المدينة عند مشاهدتهم أطفالا في مقتبل العمر، وهم يتوسدون العلب الكرتونية بمداخل العمارات وبعض الإدارت، يتعاطون السيلسيون و الكول على عينك يا بن عدي، بل إن معظم شوارع المدينة تتحول ليلا إلى مراحيض عمومية، والرائح الكريهة تزكم الأنوف..
أي شعور ينتاب هؤلاء المسؤولين، بمختلف رتبهم ومواقعهم، وهم يشاهدون متشردين يتعاطون الخمور، ويترصدون أي ضحية، قادته الظروف للمرور ببعض الأزقة الجانبية، لاعتراض سبيله، بحثا عن مبالغ ماليه لإكمال “القصارة”..
هل من مسؤول بهاته المدينة، أكان رئيس مجلس منتخب، أو رجل إدارة ترابية، أو مسؤولا أمنيا، أن يتحلى بالجرأة ليضع النقاط فوق الحروف، وأن يقول:
“كفى، حان الوقت لوقف هاته الفضيحة، التي شوهت المدينة التي نتحمل مسؤولية تدبير شؤونها..”.
هل يعي مسؤولو المدينة خطورة ظاهرة المتسولين والمتشردين على مستقبل المدينة الاستثماري والسياحي؟
بالله عليكم هل يستقيم تسويق صورة :
مدينة تستعد، بعد بضعة أشهر، لاحتضان أكبر ميناء ترفيهي في الحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط..
مدينة باتت إنارة شوارعها تضاهي نظيرتها بباريز…
مدينة مساحاتها الخضراء في غاية الروعة والجمال..
و هي ذات المدينة التي صارت محتلة من طرف المتشردين والمتسولين والأطفال الجانحين!..
قطعا يستحيل الأمر، بل أكاد أجزم أن كل هاته الملايير التي أنفقت من أجل إعادة تأهيل المدينة، ستذهب سدى…
طنجة تتجه بشكل يومي لأن تصير مدينة مشوهة…
مدينة ممسوخة..
مدينة لا تشجع على الاستقرار بها، وبالأحرى الرهان على تحويلها إلى قطب سياحي جاذب..
أبعد كل هذا الذي تعيشه المدينة، لا زال منكم من يصر على نقل صورة بالألوان لمدينة تدفعونها بلامبالاتكم إلى الهاوية؟! .


















