خُدّام الدولة ودولة الخُدّام
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( خُدّام الدولة )
الخميس 04 غشت 2016 – 11:14:21
لستُ أدري كيف تسرب إلى بَـلاغ وزيري الداخلية والمالية، حصاد و بوسعيد، تعبير «خدام الدولة » دفاعـًا عن والي جهة الرباط، “عبد الواحد الفتيت”، صـاحب «الفعلة » المعلومة ، ومن أوحى لهما بذلك التعبير المستفز، البعيد كل البعد عن الاحتـرام الواجب للشعب، والذي اعتبَـرهُ العديد ممن سمعوا به أو قرؤوا عنه في قصاصات الصحف وبيانات المواقع، ضَربــًا من مُخلفات العهد البــائد ! ….
«خدام الدولة » كانوا في ما مضى من العهود القديمة، خدام السلاطين وبلاطات السلاطين، من حصل منهم على رضا سيده، نال منه «الرضا والرضوان « :» قال له زه، وأعطاه ألف دينار » !… من أموال الشعب طبعا.
أما اليوم، وقد حدد الدستور اختصاصات السلط جميعها، «مبدئيا » كما حدد هوامش التواصل والتقاطع في ما بينها، فلم يعد لخدام الدولة مكان في دولة الحق والقانون، وكل استعمال لهذا الوصف في «تصنيف » المواطنين، من أي جهة كان، يعتبر خرقا لمبدا المساواة الذي نص عليه الدستور، كما يعتبر استفزازا للشعب ومدعاة للفتن !…
الشرارة الأولى قي «حرب » خدام الدولة، انطلقت مع إقدام والي جهة الرباط، الفتيت، على تملك قطعة أرضية من 3755 مترا مربعا «تربيعة تامة ،» في أرقى أحياء الرباط الراقية، بثمن بخس، «دراهم معدودة » …احبسوا أنفاسكم…. 3 أورو تقريبا، وهو ثمن فطور في مقهى شعبي بقرية من قرى اسبانيا أو البرتغال. هذه المقارنة موجهة بالخصوص، لمغاربة العالم، المكويين بأسعار صناديق السكن «الاقتصادي » والمنخدعين بالحملات الدعائية والمعارض المنظمة في دول إقامتهم من أجل اصطيادهم .
إلا أن ما أزعج المغاربة هو أن الأمر لا يتعلق ب «فتيت » واحد، بل بعدد كبير من «خدام الدولة »، استفادوا كلهم من «الوزيعة » التي قال عنها الوزيران المحترمان في بلاغهما «المتشنج »، إنها تعود إلى عهد الحسن الثاني رحمه الله.
أسماء وصفات المستفيدين من «الزاهرية » الزاهرة، سياسيون و «زعماء » ووزراء، وضباط سامون، ومقربون من القصر، ومنهم «المنشق » أوريد… ومنهم كذلك بعض الأجانب العرب .
فهل شَكلت هذه النازلة حالة من «الدهشة » لدى عموم المواطنين، خاصة شعب الفايسبوك؟ لا أظن. لأن المواطنين اعتادوا على مثل هذه «الممارسات » التي تخل بأخلاق وقيم المجتمع، كما هو متفق عليها «ديمقراطيا ». ذلك أن ريع الدولة الذي يتخذ أشكالا وصفات تختلف باختلاف الأشخاص والمواقع والتوازنات، أمر اعتاد عليه الشعب منذ الاستقلال وعبر حكومات المغرب من البكاي إلى بنكيران.
إلاَّ أن المثير حَقـًا هو أن يَنبَـري وزيــران في الحُكـومـة المغربية للدّفــاع عن عملية تبقى «مريبة » في أعين المواطنين حتى وإن بنيت على مرسوم من القرن الماضي ،وقع تعديله على عهد حكومة اليوسفي ، بمرسوم جديد سنة2002 ، جاء أكثر دقة في تحديد عملية «البيع والشراء » في الملك العمومي، الذي هو ملك الشعب.
و برأي العديد من المحققين، فإن بلاغ حصاد وبوسعيد جاء مخيبا للآمال لأكثر من سبب. ذلك أنه أعطى للطريقة التي تعامل بها المواطنون مع حكاية الفتيت ورفاقه في تجمع «خدام الدولة » السكني ، بعدا سياسيا قد لا تحتمله القضية وأدخلها في «بوليميك » حزبي ضيق، بإشارته الواضحة إلى حزب سياسي معين، والمنابر الإعلامية التي تدور في فلكه، الأمر الذي استنفر المواطنين ودفع بشعب الفايسبوك إلى التحرك، بشكل مثير.
حصاد وبوسعيد حاولَا تبـرئَة ذمة أخيهم في الله والوطن من أي عملية غش أو ريع أو تدليس، بالرغم من أن تلك العملية قد لا تكون خضعت للشروط المنصوص عليها في المرسوم الصادر سنة 2002 والمتعلق بالنظام العام للمحاسبة والذي يحدد شروط تفويت أملاك «الدولة » وقاعدتها الأساس: المزاد العلني . أما التفويت بالتراضي فيكون للجماعات المحلية والمؤسسات العامة والملاك على الشياع مع الدولة والمستثمرين من أجل إنجاز مشروع استثماري بشروط. فهل خضع الوالي الفتيت إلى مقتضيات مرسوم سنة 2002، حين تملك قطعة من الملك العمومي بمساحة 3755 مترا مربعا وبثمن بخس لا يتعدى 370 درهما ؟ !…..
ثمَّ إن «شهادة » حصاد وبوسعيد لا تصح ولا يمكن اعتمادها لآن كلاهما طرف في القضية، حيث إنهما استفادا بدورهما من نعمة «تجزئة «خدام الدولة » !…وحصاد الذي كان واليا على طنجة، يعلم أن المتر المربع في العوامة أو سيدي ادريس أو حومة الشوك، يتعدى ثمنه العشرين ألف درهم .
فما بالـك بـأحيـاء أكدال والسويسي وطريـق زعيـر وما جـاوَرها ! الحاصل اترك ذاك الجمل «راكدا » ، والسلام !!!…