اتركوا النساء يعشن حياتهن !
الخميس 11 غشت 2016 – 18:45:07
أصحاب الفكر الضيق، لا زالوا ينظرون إلى المرأة نظرتهم لقاصر توجد تحت حجرهم وحمايتهم، وبالتالي فإنها لا تملك من أمرها شيئا، يتحكمون في مأكلها وملبسها ومشيتها وشهواتها واختياراتها …باختصار ، في مصيرها الذي يعتقدون ، عبثا، أنه بين أيديهم.
ومؤخرا، أطلقت نساء من طنجة، كما قيل، حملة فيسبوكية للمطالبة ببحر للنساء وبحر للرجال حتى يتصرف المستحمات بحريتهن ويمارسن الاستحمام بالشاطئ دون “عري أو تبرج”، وتفاديا لـ “المنكر” وللمعصية واللعنة”.
هذه مسألة اختيارات،لكل منا الحق في التفكير بها وإعلانها بطريقة متنحضرة وفي نطاق سجال مدني يهدف إلى تحقيق التوافق داخل المجتمع وليس إلى تهديد المواطنات، عبر نشر صور نساء وفتيات بل وطفلات، بلباس البحر، بعد اتهامهن بنشر “مظاهر الرذيلة والفجور على الشواطئ المغربية”.
إلا أن تكاثر أعداد المشتكين والمشتكيات من تلك الحملة دفع إدارة الفايسبوك إلى إغلاق الموقع وحذف الصفحة التي أحدثت ضجة كبرى داخل فئات عريضة من المجتمع تؤمن بأن اللباس جزء من حرية الأفراد والجماعات وأن تعبير “الملابس الفاضحة”، والتبرج، والمجتمع المحافظ ، والتقاليد، مفاهيم نسبية تختلف من بلد لآخر، ومن مدينة لأخرى بل ومن عائلة لعائلة. المهم أن نصل إلى “توافق” مجتمعي حول تلك المفاهيم التي كثيرا ما تنطوي على جرعات قوية من النفاق المجتمعي,
دعاة “الشواطئ النسائية” يتحججون بأن في لباس النسوة لمايوهات البحر “إثارة” لشهوة الرجال، وفتنة. فلم لا يقال نفس الشيء بالنسبة للرجل، الذي يمكنه أن يستحم ويتجول بالشواطئ، بين المستحمات وهو شبه عار إلا من ورقة التوت التي تستر ما تستطيع أن تستر، أليس في ذلك إثارة وفتنة بالنسبة للنساء؟…..
في الصيف يصبح الشاطئ مسرحا لصراعات مسمومة حول لباس البحر، على خلفيات لا تكون دائما على قدر كاف من الالتزام بالأخلاق والتقاليد، التي هي قضية تربية ووعي مجتمعي ، هذه التربية التي تختفي حين تحضر المرأة التي هي في نظر فئات عريضة من المجتمع مجرد جسد لإثارة الشهوة والفتنة، وتدفق الغرائز الجنسية وينسى الكثيرون أن المرأة كيان مستقل بذاته وأفكاره وثقافته ومعتقداته وطموحه، وأنه خرج من طوق الحجر والوصاية التي مارسها عليها الرجل بحكم القوامة المزعومة التي فقدت الكثير من مقوماتها الثقافية حين تعلمت المرأة وفق ما جاء به الدين الحنيف من أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وخرجت للعمل، وأصبحت قادرة على توفيرالعديد من حاجيات البيت وتربية الأطفال، بل أصبحت في الكثير من الأحايين المسؤولة عن التكفل، كليا، بنفقات الأسرة. وهي لا تخفي سعادتها بذلك، وتعتبر أنه من مسؤولياتها الزوجية الأكيدة، تباشرها بلا تشك ولا تذمر، كما يفعل بعض الرجال من باب “المن” على زوجاتهم.
المسألة إذا مسألة تربية على التعايش “السليم” “المعقلن” بين “النوعين” في مجتمع “يجب” أن يتطور في هذا الاتجاهن بالعلم والتربية والأخلاق، تقوم في ذلك الأسرة والمدرسة والمجتمع ككل بجور هام.
أعلم أنني أدور في فلك النظريات، فالمدرسة فقدت دورها الأولي في التربية ، والأسرة رفعت يديها عن التوجيه التربوي، والمجتمع كما ترون، عنف وسيوف وتهديدات مستمرة على ناصية الطريق بالنهار والليل، واعتداءات خطيرة تكون النساء ضحاياها المستهدفة بامتياز، ومدن افتقدت الأمن والأمان إلى درجة أن صرخت في وجه الجميع: كفى … !نطالب بـ “زيرو اكريساج” !!!……ويبدو أن صرخة الشعب وصلت إلى أذن من يجب، فتحركت الآلة…
لقد تكاثرت المعاول على النساء وتفصح دعاة التطرف والغلو في التضييق عليهن في حياتهن التي هي ملك لهن ، لا وصاية لأحد عليهن ولا حجر ولا كنف ، بل إنهن مسؤولات عن أفعالهن وأقوالهن وسلوكهن، بنفس درجة مسؤولية الرجل داخل مجتمع منظم، يتوق إلى التحديث والتطور. “إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”.