إنقلاب تركيا….. مسرحية مبتذلة للإطاحة بمُعـارضي أردوغـان .. ..وولاء حزب العدالة و التنمية بالمغرب التام لرجب طيب أردوغان ….. وضع لا يحتمل التجاهُل
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( الانقلاب الفاشل بتركيا )
الإثنين 01 غشت 2016 – 12:56:47
وإذا كان من الطبيعي لأي شخص متشبع بالمبادئ الديمقراطية، أن يرفض الإنقلاب العسكري، مهما كانت مبرراته، فهذا لا يعني بالمقابل تحويل موضوع تركيا إلى قضية داخلية مغربية، كما يريد البعض، لأن لأردوغان التركي، أجندته الخاصة، تنطلق من مصالح بلده وحزبه، و لا يمكن تنصيبه زعيما للمغاربة، فللمغاربة رموزهم وشخصياتهم وتاريخهم الشامخ، وليسوا في حاجة إلى التعلق بشخص مثل الرئيس التركي، خاصة وأنه لا يبدي تعلقا كبيرا، سوى بمصالح حزبه، ومصلحته الشخصية، و لن يأبه حتما “لعشاقه” من المغرب، لأنهم لن يفيدوه في حربه ضد الأكراد، وفي قمعه للمعارضين وسجن الصحافيين، وفي تحالفه مع إسرائيل، وفي ترتيب الوضع لتغيير الدستور، وتنصيب نفسه رئيساً مطلق الصلاحيات.
ربما يفيدونه في تبرير سياساته تجاه البلدان العربية، خاصة في سوريا، حيث لعب دورا محوريا في تقوية تنظيمات “القاعدة”، التي تسمى المعارضة السورية المسلحة، وكان له نصيب وافر في تسهيل قيام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، علما أن “عشاقه” المغاربة، لم يخفوا أبدا تعاطفهم مع هذا التوجه، بدا ذلك واضحا عندما عبروا عن موقف مناهض للتدخل الروسي ضد “داعش” والتنظيمات الإرهابية في سوريا.

الذي يفسر أيضا هذا “العشق المغربي” الخاص لأردوغان، هو اعتقادهم أن ما يحصل في تركيا، وما اعتبروه انتصارا لأردوغان، سينعكس أوتوماتيكيا على المغرب، حيث ستتدخل المساجد في التحريض لصالحهم، وتستعمل المآذن للدعوة لهم، ليوهموا الناس كما لو كان المغرب، يعيش حالة شبيهة بما وقع في تركيا، في إطار حملة إنتخابية سابقة لأوانها، تستمد موضوعها من قضية بعيدة كل البعد عن أحوال ومشاكل المغاربة، الكبيرة والعميقة، من بطالة وارتفاع في الأسعار وزيادات متوالية في الضرائب ومديونية فاحشة وفساد مستشري وفقر يتضاعف وحقوق تضيع يوميا… هذه هي القضايا التي لن يعالجها أردوغان، مهما بلغت درجة التعلق به من طرف بعض القوى في المغرب.
عبر العديد من رواد شبكات التواصل الإجتماعي عن صدمتهم، تجاه الإهتمام المنقطع النظير، والحماس الزائد الذي أبداه، وزراء من حزب العدالة والتنمية المغربي، بالإضافة إلى المواقع الرقمية التابعة لهذا الحزب، بموضوع الرئيس التركي، طيب رجب أردوغان، في الوقت الذي لم يعبروا أبدا عن نفس الحماس، في قضية الوحدة الترابية، في أحلك المراحل التي مرت بها.
ومن المعلوم أن عدة وزراء، على رأسهم، وزير التجهيز، عزيز الرباح، كتبوا في الشبكات تعليقات عبروا فيها عن تعلقهم بأردوغان، رغم أن مسؤوليتهم الرسمية، تفرض عليهم الإلتزام بما ورد في بلاغ وزارة الخارجية المغربية.

أما الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل والكتائب الرقمية لهذا الحزب، فقد جعلت من موضوع إنقلاب تركيا، موضوعها الوحيد، حيث نزلت بشكل كثيف، غير مسبوق، بكتابات تمجد أردوغان، كما لو كان الأمر يتعلق بقضية مغربية، علما أن حجم ما كتبته عن قضية الصحراء المغربية، خلال شهر، في أشد الظروف التي مرت منها، مثل الأزمة مع الأمين العام الأممي، بان كي مون، لا يصل الى عشر ما خصصته للدفاع عن الرئيس التركي، في مدة 24 ساعة!
في تصريح له ، قال الإعلامي وعضو اللجنة التنفيذية لحزب “الإستقلال” سابقا، خالد الجامعي، معلقا على حملة الدفاع المستميت من طرف أنصار حزب “العدالة والتنمية”، وقادته عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، ” إن بنكيران وأنصاره بدفاعهم هذا وبشكل مبالغ فيه، يريدون استعمال قضية الانقلاب الفاشل بتركيا، فزاعة ضد خصومه الداخليين”، معتبرا ” أنهم فضحوا علاقته بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين”.
وأضاف الجامعي، ” أن بنكيران وأنصاره يستعملون قضية محاولة الانقلاب على أردوغان فزاعة يُزايدون بها على خصومهم الداخليين، ويريدون من خلالها إرسال رسالة مشفرة داخلية لحزب الأصالة والمعاصرة، وأصحاب القرار في المغرب، أنه إذا تم المس بمصالحهم وإديولوجياتهم، فإنهم سيواجهون كما واجه العدالة والتنمية في تركيا”.
وأوضح ، “أن الدفاع المستميت لأنصار بنكيران، يدفع إلى التساؤل حول العلاقة التي تجمع الطرفين بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، تبعا للمعادلة القائلة صديق صديقي صاحبي”، وقال في هذا الصدد: “من حيث لا يدري فضح راسو، وكشف عن علاقة ناظمة تجمع هؤلاء مع التنظيم المشار إليه، وهو الشيء الذي طالما ظل بنكيران ينفيه، لكن بدفاعه المستميت وبهذا الشكل يكشف أن هؤلاء لهم رابطة تنظيمية تجمعهم”، يقول الجامعي.
عرف العالم خلال تاريخه الحديث نوعين من المؤامرات مؤامرة لقلب نظام الحكم والمؤامرة للخلود في الحكم ففي أي مكان يمكننا وضع مؤامرة 15 يوليوز 2016 .؟
ظهر سيناريو الانقلاب الفاشل في تركيا كمشهد من مقابلة بين فريق يلعب كأس رابطة أبطال أوروبا ضد فريق درجة عاشرة يلعب في الشوارع، أردوغان ظهر نجما في الانقلاب الذي لم يعرف أحد إلى حد الساعة قادته الفعليين .
الأكيد هو أن أردوغان سيبرر لاحقًا كل إجراء يتخذه ضد المعارضين بأنه بصدد حماية الديمقراطية التركية من الانقلابيين، كما أنه عمد لتطهير القوات المسلحة التركية بالكامل من أي صوت معارض وبالتالي تكريس كل أجهزة الدولة لخدمة مشروعه السياسي الذي يبدوا أنه ما زال في بدايته.
و لا يبدو على الإطلاق أن من يخطط لانقلاب عسكري يكون على هذا القدر من السذاجة والسطحية في التحليل وتقدير رد فعل الطرف الآخر، الانقلاب الغريب الذي وقع في تركيا لا يبدو أبدا أن هدفه كان إزاحة الرئيس رجب طيب أردوغان بل على العكس، دعمه ومساندته و إظهاره في ثوب الضحية أكثر منه ثوب الجلاد.
حزب العدالة و التنمية المغربي أخطأ التصرف و الرد كما هو الحال دائما ، ردود أفعال غريبة تصدر من حزب مغربي موالاة و ولاء لحزب إسلامي ببلد أجنبي ، ما يدعونا للتفكير العميق في الصلة القوية التي تربط كل أحزاب الإخوان بعضهم ببعض بالعالم أجمع، آن الأوان أن تنكشف الصورة و تتوضح أكثر للعموم ، و أن يدرك المغاربة ، أن حزب العدالة و التنمية المغربي ما هو إلا غصن من أغصان شجرة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.