كيف تطلبون البرّ و أنتم العاقون
لمياء السلاوي
ظاهرة قديمة، غير أنها تأخذ صورا وأشكالا شتى. ففيما يطالب كل الآباء أبناءهم بأن يبروهم ويعاملوهم بالحسنى، وتنطلق دعاوى العلماء والشيوخ والدعاة محذرة الأبناء من عقوق آبائهم، لا يلتفت أحد من هؤلاء جميعا إلى قضية حقوق الأبناء على آبائهم. بينما يصرخ العديد من الأبناء شاكين منددين بعقوق آبائهم لهم. كثيرا ما سمعنا أو قرأنا أو استنكرنا عقوق الأبناء لآبائهم أو سوء معاملتهم أو تنكرهم لهم أو قيامهم بفعل مسيء بحقهم يرفضه الدين والمجتمع إلا أنه نادرا جدا أن تطرق أحد أو ناقش أوطرح أو تناول موضوع عقوق الآباء أو بمعنى أصح ظلم الوالدين لأبنائهم أو التسبب بإيذائهم ماديا أم معنويا ، ولا نعلم السبب في تجاهل كثير من الناس لهذا الأمر! بل وقد تمادى البعض لتعزيز فكرة أن الوالدين لمجرد أنهما والدان فلهما على الأبناء حقوقا مهما فعلا أو لم يفعلا وبغض النظر عن التزامهما بالقيام بواجبهما على أكمل وجه أم لا! رغم أنه في الإسلام للابن حق على أبيه كما للأب حق الرعاية والتقدير والاحترام…
لقد جعل الآباء اية (ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما) سيفا مصلتاً على الابناء يرهبونهم به ويؤذونهم بحجة أنهما الوالدان.
عجبا،،،، هل تحول الدين الى سلاح يمارس القوي فيه سلطاته على الضعيف؟ صحيح نحن لا نملك الحق في محاسبة أهلنا مهما فعلوا وليس ذلك هو ما نهدف إليه، بل نرجو لو يضع الأهل سلوكهم ومعاملتهم لأبنائهم تحت المجهر ويراقبون مدى التزامهم بأداء الدور المرجو منهم ويحاسبون هم أنفسهم.
ترى هل يعي جميع الآباء أن لأبنائهم حقا عليهم؟!
الوالدان هما من يعهد إليهما بتربية أبنائهما وبالتالي يعتبران مسؤولين بنسبة كبيرة عن تصرفات أبنائهما ولكن الأبناء لا يختارون آباءهم ولا أهلهم ولا يملكون تربيتهم أو تغييرهم أو تصحيح توجهاتهم الخاطئة وبالتالي فإن مشقة العيش مع والدين أو أحدهما يسيء لأبنائه لهي أصعب بكثير من تحمل العيش مع ابن عاق…فكم من أب ظلم أبناءه أو قصر باحتياجاتهم أو مارس عليهم أسلوب القمع والدتكتاتورية في التربية دون أن يحاسب نفسه بما فعل أو يتقي الله بهم؟ وكم من أم أضاعت مستقبل أبنائها بتهورها واستهتارها؟ ما أكثر ما يشكو الآباء من عقوق الأبناء. ولكن من يرفع شكوى الأبناء من عقوق الآباء؟!
هل من معتبر قبل وقوع الجناية.. أو مستدرك قبل فوات الأوان..؟!
قصة الأب الذي قام بتعذيب إبنيه بغية ابتزاز أمهما ” يوليوز 2016″
بعد تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي فيديو مروع، يظهر أبا وهو يعذّب ولديه بطريقة وحشية لينتقم من أمّهما، حيث تفنّن في تعذيب أبنائه بوسائل مختلفة دون رحمة، بإغراقهم تارة في دلو ماء كبير وجلدهم و خنقهم تارات أخرى ، داعيا من خلال الفيديو الذي أرسله لأمهما الى الاستماع إلى صراخهما وهو يصفها بأقبح النعوت، ويرغم طفليها على ترديد الكلمة نفسها ” الكلمة التي تنعت بها كل أنثى ببلدنا الحبيب ” ، ليخبر الجيران السلطات الأمنية بمدينة العيون و يتم إلقاء القبض عليه وهو في حالة من الهيجان، و في الأخير يتم الحكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذة مع الحرمان من الولاية الشرعية وإسناد رعاية الطفلين للجدة من جهة الأم.
و بعد أن سادت موجة من الغضب في الشارع المغربي و السعودي على حد سواء ، و لكون الأم تشتغل حاليا بالسعودية ، ها هي القصة الكاملة ترويها إيمان العروسي،ذات 28 سنة، عقب ما أحدثه الأب الجاني ” الوحش” الذي اعتدى على طفليه وفلذات كبده بغية ابتزاز والدتهم ماليًا أو العودة للمغرب ،
إيمان العروسي قالت أنها تزوجت من الجاني رغم رفض أهلها للزواج، وأكملت:
استقرت حياتنا بعد الزواج بمدينة البيضاء لكون وضع زوجي المادي لا يسمح بشراء أو اقتناء بيت مستقل.
وأضافت: “قبل زواجي به كان يتعاطى المخدرات الى أن رزقت وأنجبت ابني البكر، فأكد لي ابتعاده عنها و قرر الإستقرار بمدينة العيون للعمل بها، ولكسب لقمة العيش”.
وأكملت: ” في بداية الأمر عملنا سويًّا في مصنع للسمك ولكن بعد فترة وجيزة من العمل معه استقر به الحال أن يستغني عن العمل ويلازم البيت الذي نسكنه”.
و بحرقة وألم إنتفضت قائلة ” ترك مسؤولية النفقة له وأبنائي على عاتقي، وكنت أعطيه مبالغ مالية بين الفترة والأخرى حتى لا يحس أمام أهله وأصدقائه بالنقص”.
وعن تفاصيل الحادثة المؤلمة قالت إيمان “حصلت في تاريخ 14 – 4 – 2016 على عقد عمل لدى إحدى العائلات السعودية بجدة بمبلغ شهري وقدرة 2000 ريال ، حيث أخبرت زوجي الوحش” والمتجرد من كامل الأبوة والإنسانية برغبتي بالعمل بالسعودية، و أبدى وبكل رحابة صدر موافقته وكان يلح علي بالإسراع بالعمل بالسعودية إلا أن تعلقي بفلذات كبدي”ريان وبلال” والبالغين من العمر ست وسبع سنوات جعلني أرفض هذه الفرصة ، ولكن كان يلح علي بالعمل وبشكل مستمر وإقناعي بحجج واهية وهي تحسين الوضع المادي، وتسجيل فلذات كبدي بأفضل المدارس وضمان مستقبل جميل لنا وبعد إلحاح رضخت للأمر الواقع”.
وأردفت “قمت بعد ذلك بأخذ بعض المال من أهلي لتوفير تذكرة الطيران، وقمت بإعطائه مبلغ مالي ليغطي مصاريفه ومصاريف ” ريان وبلال ” لكونه دون عمل أو لا يرغب بالعمل بالأساس معتمدًا علي.. وعند وصولي للعمل بالمملكة بأيام قليلة اتصل بي وطلب مني ما يقارب 1000 ريال بحجة أن لديه مصاريف، حيث قمت بعد ذلك بإرسال ما طلب مني إلا أنه وبعد أيام معدودة عاود الاتصال بي وطلب مني إرسال مبالغ مالية إضافية و لم أكن أملك الا ما يكفي مصاريفي هنا ، و فوجئت منه بطلب إرسال صوري، وأنا في أوضاع حميمية ليستأنس بها”.
وأكملت:” قام بالاتصال بي عدة مرات يطلب مني إرسال بعض المبالغ له، ولكن أخبرته بأن ينتظر حتى استلام راتبي وسوف أرسل له، إلا أن بعد ذلك تحول مسلسل الإبتزاز إما أن أرسل المال أو أن يعذب فلذات كبدي للاستسلام للأمر الواقع”.
“تحول إلى وحش متجرد من أي إنسانية؛ قام بتعذيب فلذات كبدي بأبشع صور دون أن تأخذه الرحمة بهما كون ليس لهم لاحول ولا قوة بما يقوم به من تعنيف لهما وتجريدهما من ملابسهما و خنقهما و جلدهما، كل ذلك من أجل المال ، فقمت و على الفور بإرسال كافة مقاطع العنف المرسلة منه إلى والدتي التي توجهت الى الجهات المعنية هناك “الدرك الملكي”؛ للقبض عليه بمدينة العيون”.
وأضافت: ” أثار حفيظتي ما صدر به من حكم ، السجن لمدة خمس سنوات ، مما اضطرها الى الطعن بالحكم لإيقاع أشد العقوبات عليه، لأن هؤلاء الأبناء يعانون و سيعانون طوال حياتهم من المخلفات الجسيمة الواقعة عليهم جراء ما عاشوه من عنف و ألم “، و أكدت في سياق حديثها أنها سوف تعود للمغرب خلال الأيام القليلة القادمة لإنهاء إجراءات الطلاق منه”.
واختتمت حديثها قائلة أن أبناءها الآن يتواجدون في جمعية التعاون والتضامن للمرأة والطفل وحالتهم الجسدية في تحسن ، لكن حالتهم النفسية مدمّرة .
هذه هي القصة الحقيقية لهاته الأم المكلومة ، و ليس كما ادعا الجاني أنه لم يقبل يوما باشتغالها بالديار المقدسة ، الطمع حول حياته و حياة زوجته و أبنائه الى مأساة حقيقية ، فماذا ننتظر من هؤلاء الأبناء اليوم ، أن يحنّوا مثلا على أبيهم و يعفون عنه و يبرّوه بعدما عاشوه من قسوة و عنف و دمار لنفسيتهم ؟؟؟؟ كيف تطلبون البر و أنتم العاقون ………………….

















