تنويه..
جريدة طنجة م.العمراني ( تقرير عن الوضع البيئي والتُراثي التاريخي بطنجة )
الثلاثاء 05 يوليوز 2016 – 12:22:14
وهو التقرير الذي أصبح مرجعا سنويا، يحضى بالجدية والمصداقية، لتقييم تعاطي المسؤولين عن تدبير شؤون المدينة، من سلطات ترابية وهيئات منتخبة مع الشأن البيئي والإرث الأثري والتاريخي لمدينة طنجة…
يل ينبغي الاعتراف أن هكذا تقرير أصبح مطلوبا أكثر من ذي قبل، مع انطلاق مشاريع طنجة الكبرى، التي تروم تغيير ملامح المدينة، وفق رهان يسعى لأن تصبح عروس الشمال نموذجا حضريا متفردا بالحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، حيث بدا وكأن إعادة هيكلة وتهيئة مدينة طنجة، يتعارض والحرص على حماية مآثر طنجة، ومجالها البيئي…
وبالعودة إلى مضامين التقرير، فقد خلص إلى أن “حصيلة 2015 تتراوح بين إنجازات مهمة وإخفاقات مؤسفة”، وهو تناقض يعزى حسب الهيئة المصدرة للتقرير إلى غياب الرؤية وقصور الحكامة، التي تمنع طنجة من مغادرة تخبطها الأول نحو مربع يسوده منطق احترام وقيم ومبادئ التنمية المستدامة، و الحكامة الجيدة.
هذا التوصيف أراد من خلاله المرصد تنبيه كل الساهرين على تدبير شؤون مدينة طنجة، باختلاف مواقعهم وصلاحياتهم، بكون مجالي البيئة والمآثر التاريخية، لا يحضيان بما يلزم من عناية واهتمام…
بالمقابل سجل المرصد بــاعتـزاز كبير الوعي المجتمعي المرتبط بمجال النّظـافــة وتجميل الأحياء، خاصة على مستوى النفس الحيوي للتجرية / الظاهرة، التي أطلقها مجموعة من أبناء المدينة لتجميل الأحياء وتنظيفها…
و هاته المبادرة التي انطلقت من العمق الشعبي لعروس البوغاز، يؤكد أن وعي المجتمع بالدور المحوري للمجال البيئي في محيطه اليومي متقدم عن وعي من يقررون مصير هاته المدينة…
المرصد سجل بكل أسف استمرار نفس الإشكالات المرتبطة بجودة الهواء والماء والبحر، حيث تظل العديد من ظاهر التلوث حاضرة بشكل متفاوت من مجال لآخر، المر الذي يستدعي تحسين شروط المراقبة و الحكامة، هذا في حين لازال قطاع تدبير النفايات بعيدا عن طموحات ساكنة طنجة فيما يتعلق بإشكالية تدبير النفايات عامة والطبية على وجه الخصوص.
وملف تلوث شاطئ المدينة، وتدبير قطاع النفايات، يعكس بكل وضوح الفشل الذريع للمسؤولين المتعاقبين على المدينة، المعينين منهم والمنتخبين، في معالجة أحد أخطر المشاكل التي تتخبط فيها المدينة…
فإلى حدود يوم الناس هذا لازال شاطئ المدينة غير صالح للاستحمام، فيما المطرح العمومي لازال ينفث سمومه من قلب المدينة، وليس هناك ما يؤشر على قرب إيجاد حل لهاته الفضيحة في الأمد المنظور!…
وبخصوص المجال الغابوي اعتبر التقرير أن الحرائق تبقى من أخطر ما يهدد مستقبل الغطاء النباتي بطنجة، يضاف إليها ضغط التوسع العمراني بمختلف مسبباته، والذي يضغط على المساحات الخضراء داخل المدينة، التي تسجل معدلات ضعيفة بالمقارنة مع المعدلات الوطنية والدولية.
وفيما يتعلق بشق المآثر التاريخية، فقد تميزت السنة المنصرمة، حسب المرصد، بإنجاز مهم، تمثل في ترتيب 16 موقع ومبنى أثري بالمدينة، ضمن قائمة التراب الوطني، بتدشين مغارة هرقل، وترتيب بلاصا طورو، وترميم أسوار وأبراج المدينة العتيقة، لكن بالمقابل سجل التقرير استمرار تردي عشرات المواقع الأثرية، وانتهاكات مستمرة لفيلا هاريس وقصبة غيلان، وفضيحة هدم برج البلايا.
المرصد سجل أن حد المداخل الحقيقية للتعاطي الإيجابي مع ملف المآثر التاريخية يكمن في تصنيف طنجة كتراث عالمي، وأي تأخير في إقرار هذا التصنيف سيجل المدينة تعاني على مستوى هذا الجانب، ينضاف إلى هاته الإشكالية، قضية عدم ترتيب عدد كبير من مآثر المدينة، وضعف الإمكانيات والوسائل وضعف القوة القانونية القادرة على فرض تطبيق سليم له، وغياب مخطط شمولي للتعاطي مع هذا الموضوع على مستوى الولاية والجماعة الحضرية.
يجب الاعتراف أن مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية أصبح ضمير طنجة الذي لا ينام، وناقوس خطر ينبه مسؤولي المدينة إلى منزلقاتهم، التي قد تكون بوعي منهم أو بغيره، ولذلك فإن من واجب الجميع أن يسند جهوده حتى من طرف أولئك الذين تحرجهم مواقف المرصد وتقاريره…