بن جلون و جدلية السياسة و الاقتصاد
جريدة طنجة – محمد العطـلاتـي ( أقلام )
الأربعاء 20 يوليوز 2016 – 15:47:09
رغم حالة التَفاهَــة التي تطْبَـعُ الأداء السيـاسي لمعْظَـم “المنتخبين”، من جهة اليسار كما من جهة اليمين، فإن الواقع يؤكد استحالة التعميم و انفراد بعض السياسيين بأداء مُقْنِع و ذي مردودية على المديين القريب و المتوسط، تماما كما في حالة السياسي المخضرم يوسف بن جلون الذي أثبت أكثر من مرة قدرته على تفعيل الأدوار المسندة للمؤسسات المنتخبة و العمل من أجل انفتاحها و تفاعلها مع محيطها بصورة تساعد بالضرورة على بلوغ الأهداف الآنية و الاستراتيجية التي وجدت من أجلها.
غرفة الصيد البحري المتوسطية، كمؤسسة عامة يمتد نفوذها الجغرافي من العرائش غربا إلى السعيدية شرقا، كانت على الدوام تعاني من الوقوع في حالة خمول تام، و بالكاد كانت تعقد دوراتها الفصلية دون أن تحمل معها أي جديد، دورات “اختصت” في المصادقة محاضر متكررة في الزمان و المكان بصورة تبعث على الملل.
لكن الوضع الخامل للمؤسسة سيصل إلى نهايته و سيعرف تغييرا نوعيا مع تولي رجل جديد كرسي الرئاسة بها، و معه صارت أنشطة الغرفة تتجاوز المألوف و تتطلع نحو التأويل الإيجابي لمقتضيات القانون المُنْشِئ لها، فصارت بذلك أداة تتجاوز “الوظائف التقليدية” نحو وظائف أخرى تندرج في المفهوم الإيجابي و الواسع لفكرة المصلحة العامة.
مع بداية هذا الأسبوع كانت مدينة البوغاز على موعد مع لقاء دولي جمع مهنيي الصيد في المغرب و نظرائهم في الضفة الشمالية للمتوسط، و اعتبارا لأهميته، بالنظر لنوعية المشاركين فيه و لحجم الحضور الوازن لوسائل الإعلام الوطنية و الدولية، فإن اللقاء كان مناسبة للتذكير بجدوى الديبلوماسية الموازية التي يمارسها رجال ذوو خلفية اقتصادية، مع ما تحمله هذه الممارسة من فوائد جمة للبلد، و هو ما يشكل ،في اعتقادي، امتدادا إيجابيا للتوجهات الديبوماسية الكبرى التي انخرط في المغرب بغية تعزيز مكانته الإقليمية و الدولية، مستثمرا في ذلك مؤهلاته و خصوصياته، تلك المؤهلات التي يعتبر الاستقرار واحدا من دعاماتها القوية.
لقد كان الاقتصاد على الدوام مرتبطا بالسياسة و حيلها، يؤثر الواحد منهما في الآخر بشكل تبادلي، لكن حينما تتوفر لدى رجل الاقتصاد المغربي مواهب و نظرة سياسية ناضجة و متمرسة، فإن ذلك يُعد، و لا شكَّ في ذلك، مكسبا للبلد يساعده على مواجهة التحديات المستقبلية، ولعل ذلك قد تحقق بالفعل في حالة الرئيس يوسف بن جلون الذي أثبت، في محطات مختلفة، قدرته على ممارسة مهام القيادة بحكم ملكاته الفكرية و الثقافية، ممارسة أثبتت، بما لا يدع فرصة للارتياب، استطاعة الرجل التصريف العملي لفكرة جدلية السياسة و الاقتصاد في بعدها الدولي.