السيدة السعدية اليزيد التمسماني (المرشانية) (2006-1925)
جريدة طنجة – د. زبيدة بن علي الورياغلي ( السعدية اليزيد التمسماني )
الثلاثاء 05 يوليوز 2016 – 15:20:44
غادرت الأسرة حي جنان قبطان لتستقر بحي المصلى ولتتخذ مسارا آخر في حياتها يتسم بروح التحدي والنضال في سبيل تحرير الوطن. فكان أن انخرطت في صفوف تنظيمات الحركة الوطنية سنة 1951 إلى جانب مجموعة من المناضلات الطنجاويات المنتميات للخَـلايــا النّســائية السرية التـــابعة للأحزاب الوطنية المتواجدة في الأحياء الشعبية بالمدينة القديمة مرشان والمصلى، فانضمت إلى خلية حي المصلى لتتولى بها مهمة الإشراف والتسيير، والقيام بمهمة توعية المواطنات و تـــأطيرهن، والتحضير المادي لاجتماعات المنخرطات بمبادرات تصدر عنها بعفوية وتلقائية يمليها عليها الحس الوطني والظرفية النضالية السياسية، جاعلة من بيتها مقرا لعقد اجتماعات نساء الحي إسوة بجل منـاضــلات مدينة طنجة اللواتي فتحن بيوتهن لاستقبال جموع السيدات من مختلف الطبقات الاجتماعية وبالأخص فئة الشـابــات المتعلمات منتهزات فرص الاحتفال بالأعياد الدينية والمناسبات الوطنية كعيد العرش ليتم فيها إلقاء الخطب الحماسية، وترديد الأناشيد الوطنية التي تلهب مشاعر الحاضرات وتشجعهن على الانخراط في العمل الوطني والمشاركة في مختلف أنواع الاحتجاجات والتظاهرات في الساحات العمومية لتأييد مطالب الشعب والتنديد بالمستعمر وسياسته.
لم يقتصر نشاط مترجمتنا على العمل الميداني كالمشاركة في المظاهرات والاحتجاجات والتحريض عليها، بل كانت تقوم أيضا بتوزيع المناشير الحزبية والجرائد الوطنية المحظورة، وتنقل الأخبار والمعلومات للوطنيين المراقبين من طرف المخبرين السريين، كما كانت تجمع المساعدات المادية لتسلمها لرجال الحركة الوطنية دعما للمجهود الوطني.
جل هذه العمليات كانت السيدة السعدية تنفذها مع رفيقاتها في العمل الوطني منهن الشقيقتين خناثة (ت 1989) وزهور (-1991) امقشد، والسيدة الباتول العوامي شفاها الله وغيرهن من المناضلات الماجدات اللواتي كن يطفن بين الدروب المظلمة، يطرقن الأبواب الموصدة ليسترق السمع من بداخلها، وهن متخفيات في اللباس التقليدي لنساء طنجة (الحايك) ويغطين وجوههن باللثام لكي لا ينتبه إليهن الجواسيس المنتشرين في أحياء المدينة. لم تكتف للا السعدية بالمشاركة في العمل النضالي فحسب بل ساهمت مساهمة فعالة في تكوين مجموعة من الشابات في المجال الصحي بتدربيهن على كيفية استعمال الحقن الطبية تشرف عليها إحدى الممرضات المدربات العاملات بعيادة طبيب إسباني بحي المصلى يدعى الدكتور Veral، الذي غادر مدينة طنجة مباشرة بعد استقلال المغرب، وكانت هذه الدروس تلقى بمنزل مترجمتنا،حيث يتم التدريب على دمى مصنوعة من الثياب وليس على البشر.
لم يتوقف مسارها النضـالي بــإعــلان الاستقلال بل امتد ليشمل الميدان الاجتماعي والإحساني بــانضمامها إلى جمعية المحسنات بطنجة (تأسست سنة 1957) الخاصة برعاية الفتيات المتخلى عنهن و إيـوائهن، إلى جانب رفيقات الأمس القريب في العمل الوطني، ونظرا لمهارتها وإلمامها بفن الخياطة العصرية والتقليدية، كانت تقوم بتعليم نزيلات الدار خياطة الملابس والجـلاليب وغيرها، كما تتكفل بتجهيز عرائس الجمعية والمشاركة في تنظيم حفلات زفافهن بمعية العضوات العاملات بمكتب الجمعية، وثُلّة من سيّدات المجتمع الطنجي الكَـريمـــات، جــَزاهُن الله أحسَن الجَــزاء. .