قوة حزب أم غياب البديل؟!..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( حزب المصباح وغياب البديل )
الجمعة 08 يوليوز 2016 – 17:05:39
•مع قُرب الانتخـابــات التشريعية المرتقبة يوم 7 أكتوبر المقبل بدأت الاستراتيجية التواصُلية لحزب العدالة والتنمية تأخذ طريقها نحو التنفيذ، وهي الاستراتيجية التي يراهن عليها حزب بنكيران لتحقيق نصر انتخابي، قد يكون ساحقـًا، يزكي اكتِساحه الذي حقّقه في الانتخـابـات الجمـاعية المنصرمة…
بنكيران يعـرف جيّدًا أن المجتمعَ المغربي صارت له حساسية مفرطة مع مظاهر نهب المال العام، وفساد الإدارة، وانتهازية النخب السياسية التي تعاقبت على تدبير الشأن العام…
وحيث أن بنكيران يُتقن دَغدَغَة مشاعر الشعب المغربي، الناقم على قيادات الأحزاب السياسية، فإنه فهم بدهائه وفطنته، أن المدخل الحقيقي لكسب أصوات الناخبين هي ورقة الطهرانية، ونظافة اليد، وعدم التورط في ملفات الفساد المـالي، والاغتنـاء على حِسابِ المـواقـع والمَنـاصـب…
بنكيران استغل جيدا الهيمنة المطلقة للمخزن على جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية، والتحكم في كل كبيرة وصغيرة، طيلة عقود منذ الاستقلال وإلى دستور 2011، الذي منح صلاحيات حقيقية للحكومة، ولرئيس الحكومة على الخصوص، لم تكن مسبوقة من قبل…
ولذلك فإن بنكيران ليس من مصلحته تنزيل دستور المملكة، والقيام باختصاصاته المكفولة بنصوص الوثيقة الدستورية، لان في ذلك سينكشف ضعفه على مستوى تدبير الشأن العام، وإيجاد الحلول للمشاكل المستعصية خاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي…
هو من مصلحته التواصلية والانتخابية أن يرسم صورة المسؤول المنزوع الاختصاصات، وان لا شيئ يمكن القيام به دون موافقة الملك…
هو يعرف جيدا ماذا يريد من تسويق هاته الصورة…
بنكيران يريد أن يرسخ في عقول المغاربة صورة المجاهد في سبيل إصلاح أوضاعهم، ومقاومة اللوبي المتحكم في السياسة والاقتصاد، الذي يعارض مخططاته، ويربك أداء حكومته لعرقلة تنزيل الإصلاحات..
و أمام هاته الوضعية، فمن غير المقبول، بل من الظلم محاسبة بنكيران على حصيلة فترته الانتدابية…
بل يجب دعمه لمواجهة ومحاصرة التحكم، الذي يحاول الرجوع من جديد، ويخطط للانقلاب على المسار الديمقراطي…
بنكيران يعلم أن الأحزاب الديمقراطية، التي لها شرعية نضالية وتاريخية، مشرذمة وضعيفة، وهي عاجزة عن مواجهته…
هو يعرف أن خصمه الآن هو حزب البام، الذي يتشكل من خليطا غير متجانس من الأعيان ورجال المال وجزء من نخب اليسار الجذري…
لكن لعنة النشأة لازالت تطارد البام إلى يوم الناس هذا، لأسباب يعلمها الجميع. ولذلك فإن بنكيران نجح في تحوير معركة الانتخابات من محطة للمحاسبة على الأداء، إلى فرصة للاستنجاد بالشعب من أجل دعمه ونصرته على حزب، لم يقطع حبل السرة مع مراكز النفوذ السياسي والمالي، أو ما يسميه بنكيران بقوى التحكم…
حزب العدالة والتنمية، المسنود بأذرعه الدعوية والنقابية والخيرية، والمدنية، يعي جيدا أن معركة 7 أكتوبر ستكون محطة مفصلية في تاريخ الحزب، وهو يراهن عليها لتكون مدخلا له نحو التمكين، والهيمنة على مفاصل الدولة والمجتمع، وهذا هو الراجح…
حزب المصباح وبعد أن بسط سيطرته على معظم مدن المملكة، وفي حالة اكتساحه للتشريعيات المقبلة، فإن التوازن داخل الحقل السياسي المغربي سيختل لفائدته، مع ما يحمله ذلك من مخاطر لا تخفى على أحد، خاصة وأنه لا يتردد في استعراض قوته وهيمنته، وفرض الرأي الوحيد والهيمنة على القرارات كلما سنحت له الفرص…
لاحظوا كيف يتصرف في الجماعات الترابية، التي يسيطر عليها، لاحظوا كيف كلن يتصرف بنكيران قبل إسقاط مرسي وخروج حزب الاستقلال، وكيف راجع تكتيكاته بعد ذلك، وكيف عاد “ليتبورد” من جديد…
بنكيران يعرف أن محطة سابع أكتوبر هي الحصن الأخير الذي يفصله عن اختطاف الدولة والمجتمع…
تابعوا اليوم كيف تجد الأحزاب السياسية صعوبة كبرى في انتقاء المرشحين القادرين على مواجهة تسونامي العدالة والتنمية، وأغلبها لازال مبرمجا على تقنيات انتخابات ما قبل دستور 2011…
وحده البام من يقدم نفسه البديل والقادر على مواجهة حزب العدالة والتنمية، لكن أعطاب النشأة والممارسة جعلت من البام وقودا لزحف المصباح…
إن أخطر ما يتهدد مستقبل البلد ومساره الديمقراطي هي هاته الثنائية ما بين حزب وضع نصب أعينه السيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع، وابتلاع منافسيه، وبين حزب يرى فيه المغاربة امتدادا لتجارب سياسية كانت وبالا على العباد والبلاد، في زمن اعتقد المغاربة أنه قد ولى إلى غير رجعة…