قانون الصحافة وقانون الحق في المعلومة وجهان لعملة واحدة وعقلية واحدة !!!
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( قانون الصحافة )
الثلاثاء 19 يوليوز 2016 – 11:35:06
لم يبق في القانون الجديد سوى ثلاثين عقوبة من بينها ثالوث “الثوابت” المنصوص عليها في الدستور.
إلا أن بعض المدققين يرون أنه لم يتم إلغاء العقوبات السالبة للحرية بالمرة، بل وقع “ترحيلها” إلى القانون الجنائي كما أنه لم يتم تحديد سقف الغرامات المالية التي يعتبر بعض المهنيين أنه مبالغ فيها والتي من شأنها دفع الصحافة إلى إفلاس محقق..
إلى جانب قانون الصحافة والنشر صادق البرلمان على قانون النظام الأساسي للصحافيين المهنيين وعلى القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة. وتلك فاجعة أخرى !
وارتباطا بمهن الإعلام، صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، مؤخرا، على مشروع قانون الحق في الوصول إلى المعلومة الذي يوجد منذ مدة قيد الدرس، بسبب خلافات في وجهات النظر بين المعارضة والحكومة التي رفضت معظم التعديلات المقترحة والتي من شأنها تسهيل الوصول إلى المعلومة ليس فحسب بالنسبة للصحافيين، بل وأيضا بالنسبة لكافة المواطنين وفق ما تقتضيه دولة الحق والقانون.
للتذكير، فقد حضر جلسة التصويت على هذا القانون 7 أعضاء في لجنة العدل والتشريع صوت لصالح المشروع أربعة برلمانيين من الأغلبية، وامتنع كل من الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وصوت “البام” ضد المشروع.
الحكومة “تفضلت” بقبول التعديل المتعلق بإلزام وزارة الداخلية بنشر نتائج الانتخابات كاملة والصفقات العمومية وأسماء الحائزين عليها ومبالغها بينما رفضت الحكومة تعديلا يتعلق بتوقيع عقوبات على الموظفين الذين يرفضون تقديم معلومات أو يقدمون معلومات “تغليطية” .
الحكومة رفضت أيضا تعديلا جوهريا ونجحت في الحصول على “سحبه” بالكامل، متعلق بإلزامية نشر أسماء الحاصلين على التراخيص والمأذونيات ورخص الاستغلال سواء أكانوا أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين . وزارة الفلاحة تشبثت بمعارضة هذا التعديل وضغطت بقوة من أجل سحبه، لأسباب لا يصعب إدراكها .
الحكومة “فرضت” أيضا طابع “السرية” على مداولات المجلس الوزاري ومجلس الحكومة ضدا على الفصل 27 من الدستور الذي يحدد الاستثناءات في ما يخص الحق في الحصول على المعلومة ومنها ما يتعلق بالدفاع الوطني وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي وكذا المساس بالحريات العامة والحقوق الاساسية وحماية مصادر المعلومات ومجالات أخرى يحددها القانون.
ويندرج أيضا في مسلسل “رفض” الحكومة للتعديلات المقدمة من المعارضة ، التعديل المتعلق بإحداث لجنة وطنية لتتبع عملية الحصول على المعلومات وتلقي شكايات المواطنين ضد الإدارات الممتنعة عن تطبيق هذا القانون ونشر سائر المعلومات المتصلة بموضوع الحق في الحصول على المعلومة، ويكون من مهامها، أيضا، تقديم تقرير عن نشاطها أمام البرلمان, الحكومة أبقت فقط على اللجنة التي اقترحتها ، للاستئناس ليس إلا.
وزير الوظيفة العمومية “أبدع” نظرية من “مبدعاته” الفريدة، معناها أن دخول هذا القانون “الهام”حيز التنفيذ، يعني دخول المغرب عهد “الشفافية” في علاقات المواطن مع الإدارة . قد يصير !
قانون الحق في الوصول على المعلومة يمكن اعتباره “خطوة” جادة على طريق دولة الحق كما هو وفق المرجعية الدولية المتصلة بالتشريعات الخاصة بحق المواطنين في الوصول إلى المعلومة التي هي “ملك” للشعب وجزء من ممارسة المواطنة الكاملة، إلا في ما يتعلق بالميادين التي يقر المواطن بحتمية استثنائها من هذا الحق بسبب ارتباطها بأمن البلد وحرمته وسيادته، وبسلامة العلاقات المجتمعية في إطار احترام حرمة وخصوصيات الفرد والجماعة.
المآخذ على هذا القانون كثيرة، منها إصرار وزير الداخلية على عدم نشر النتائج ، الكاملة للانتخابات وإصرار وزير الفلاحة على عدم نشر أسماء المستفيدين من التراخيص والمأذونيات ورخص الاستغلال .
وأمام هذا الإصرار الغير مفهوم، من وجهة نظر الشعب، على كا حال، كان طبيعيا أن يتجه تفكير المواطنين إلى أمور ــ وإن كانت مألوفة في بلد الامتيازات والرياع والغلل ــ، إلا أنها لا تنسجم مع عهد ا دولة الحق والقانون. ذلك أن نتائج الانتخابات “يجب” أن تنشر في أدق جزئياتها، كما هو المعمول به في غيرنا من دول العالم الحر، حتى “تطمئن” قلوب المغاربة إلى أن “القطيعة ” ثابتة مع عهد: “المسجلون 100000، المصوتون 100000، المصوتون بنعم 100000، المصوتون بلا 0 ” ….أتذكرون ؟ !
أما موقف أخنوش من نشر أسماء المستفيدين من “بركات” وزارة الفلاحة والصيد، فإنه مدعى للاستغراب خاصة والوزير يعلم ، والحكومة تعلم، والأربعون مليونا من المغاربة يعلمون أن “سر الدولة” لم يعد يقوى على الصمود أمام جبروت الأنترنيت، وأن لا شيء يمكن أن يحجب عن المواطنين “حق” الوصول إلى أسماء كافة المستفيدين من رخص الصيد في أعالي البحار وأدانيها …
لا شيء، أكيدا، لا شيء. .