عبد الإله بن كيران .. هل أصبح بالفعل عدوا للمغاربة بعد مساره الحكومي
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( عبد الإله بن كيران )
الثلاثاء 05 يوليوز 2016 – 13:18:19
• ما الذي تغيّرَ، والمغرب على أعتاب الانتخابات البرلمانية في شهر أكتوبر المقبل؟، وما صورة الحزب الإسلامي في أذهان الشارع المغربي؟، وكيف أثارت الحكومة حفيظة شريحة كبيرة من المغاربة؟
التفريط في الحلفاء
فرط الحزب الإسلامي في قطب هام في المعادلة السياسية المغربية، وهو حزب الاستقلال الذي يعد أقدم حزب في البلاد، حيث أربك الحسـابـات السيــاسية بعدما انسحب من التحالف الحكومي، ووضع ابن كيران في ورطة حقيقية، حيث كاد يفقد أغلبيته لولا الاستنجاد بالتجمع الوطني للأحرار.
لم تكن المهمة سهلة بكل تأكيد حيث جاءت موافقة الأحرار، بناء على شروط وتضحيات حيث تم سحب عدد من الحقائب الوزارية من يد الإسلاميين وفي مقدمتها وزارة الخارجية، حيث اعتبر الأمر تنازلا كبيرا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ورأى آنذاك العديد من المحللين السياسيين أن عبدالإله بن كيران رئيس الحكومة الحالية، انقلب بنسبة 360 درجة عن عبدالإله بن كيران الذي كان في المعارضة، حيث ان مجمل القرارات التي فرضتها عليه الظرفية الصعبة التي صعد فيها حزبه لترؤس الحكومة كانت أسوأ ظرفية، وعلى الرغم من أنه ظل لوقت طويل يلوح بقدرة حزبه على احتواء الربيع العربي وموجته التي أتت على الأخضر واليابس في دول مجاورة، إلا أن هذه الورقة فقدت قيمتها أمام كبريات القرارات التي اتخذها الأخير وكانت بمثابة الضربة القاضية التي أجهزت على العديد من مكتسبات المواطنين، وجعلتهم بعدما تحمسوا كثيرا لصعوده للحكومة يرفعون في أكثر من مناسبة شعار «ارحل» في وجهه، وهي معادلة تكررت في الفترة الأخيرة بشكل قوي.
ارتفاع وتيرة الاحتجاجات
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في عهد حكومة الإسلاميين، على مجموعة من القرارات، التي اعتبرت ضربا تحت الحزام للقدرة الشرائية للمغاربة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل ملحوظ، ودخل ابن كيران في لعبة شد الحبل مع النقابات التي سجلت سابقة في الحياة السياسية والنقابية في العالم بعدما علقت مشاركتها في الاحتفالات بعيد العمال، الذي يصادف فاتح مايو من كل عام، وهي ضربة لم تستفق منها الحكومة إلا بعد مرور وقت طويل بفعل الاستنكار الدولي الذي وجه لرئيس الحكومة ابن كيران.
و لم يتوقف سيناريو التصعيد بين الطرفين حيث قررت النقابات في خطوة لافتة خوض إضراب وطني عام يوم 24 فبراير المنصرم، احتجاجا على سياسة الحكومة حيث ستكون الخسائر بالمليارات مع ما يرافق ذلك من تعطيل العديد من المصالح.
التصعيد يأتي على خلفية القرار الحكومي بعدم النظر في مجموعة من الملفات الاجتماعية وعدم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الطبقة العمالية. فبعد شد وجذب دام لشهور طويلة، قررت الحكومة المغربية رفع سن التقاعد من 60 سنة حاليا إلى 63 سنة ابتداء من العام المقبل..
وأرجعت الحكومة هذا الإجراء الذي وصفته بالاستعجالي، إلى الوضع المالي المقلق لصناديق التقاعد، بسبب ارتفاع النمو الديموغرافي وارتفاع عدد المستفيدين من معاشات التقاعد، مقابل ضعف ارتفاع عدد المنخرطين في أنظمة صناديق التقاعد ما أدى إلى خلل بين نفقات الصندوق وبين موارده. وخلال العام الماضي، سجلت صناديق التقاعد بحسب البنك المركزي عجزا ماليا قدر بـ 3 مليارات درهم (حوالي 345 مليون دولار) وتوقع البنك أن يتجاوز هذا العجز 800 مليون دولار سنة 2018.
وعبرت النقابات الأكثر تمثيلية، و لأكثر من مرة عن تنديدها بما وصفته محاولة الحكومة، فرض الأمر الواقع في ملفات عديدة أبرزها ملف التقاعد، محملة إياها، مسؤولية ما يترتب عن ذلك من «تبعات وتداعيات خطيرة».
وحذرت هذه النقابات، في بيان مشترك، الحكومة من مغبة محاولات فرضها لما تسميه «إصلاحا»، والاستفراد بقرار يؤثر سلبا على مصير كل الموظفين والموظفات وعموم الأجراء. كما استنكرت تغاضي الحكومة عن كل المبادرات والاقتراحات التي تقدمت بها الحركة النقابية، وحملتها مسؤولية تدهور السلم الاجتماعي جراء «تعنتها وإصرارها على إقصاء الحركة النقابية وتعطيل الحوار الاجتماعي».
احتجاجات الدكاترة والأساتذة
ملف الدكاترة المعطلين من الملفات الشائكة التي لم تتمكن الحكومة من معالجتها إلا بعد خوض سلسلة من الاحتجاجات في مختلف بقاع البلاد، وعلى نفس المنوال تصاعدت وتيرة الوقفات الاحتجاجية للأساتذة المتدربين.
وكان ملف الأساتذة المتدربين الذي لم يتم إيجاد حل ايجابي له إلى غاية اليوم، رغم تداعياته الخطيرة على ميدان التربية والتكوين، فمئات الأساتذة الذين تم انتقاؤهم بعد نيلهم شهادات الإجازة، لغرض التكوين في المراكز العمومية التي تؤهلهم للعمل في قطاع التدريس، وجدوا أنفسهم أمام مرسومين جديدين، يقضي الأول بضرورة إجراء مباراة جديدة بعد إنهاء تكوينهم يُختار عبرها عدد معيّن للتوظيف، ويقضي الثاني بتخفيض المنحة المادية المخصصّة لهم.
عبد الإله بن كيران كان قد صب الزيت على النار حين أعلن أنه لا تراجع عن المرسومين، مشيرا بهذا الخصوص إلى ضرورة عودة الأساتذة المتدرّبين إلى مراكز التدريب ومتابعة دراستهم، مؤكدا أنهم سيفقدون وظائفهم إذا ما استمروا في مقاطعة الدروس، لافتًا كذلك إلى أن «المطالب قد انزاحت عن التوجه الذي كانت تسير فيه، وأخذت أطراف أخرى تتحرك في الملف، والتي لا تهمها مصلحة هؤلاء الأساتذة المتدربين»، الا أنه و بعد تصاعد الاحتجاجات ووافقت اللجنة التقنية على مطالب الأساتذة المتدربين المتمثلة في توظيف هذا الفوج بأكمله، عبر تعيينه في شهر شتنبر من هذه السنة، بيد أنهم لن يتوصلوا برواتبهم إلا عند شهر يناير من عام 2017.
من ابن كيران إلى ابن زيدان
لقبوه بابن زيدان كناية عن إشرافه على الزيادة في الأسعار، حيث ارتفع إيقاع مطالبته بالرحيل، خاصة في شمال البلاد، بعدما تم تنظيم العديد من المسيرات الاحتجاجية على ارتفاع أسعار الماء والكهرباء خاصة في طنجة، حيث أشعل الآلاف الشموع وهددوا بالمواجهات المباشرة والاعتصامات، ولم يتم إطفاء النار إلا بتدخل شخصي من الملك الذي أمر ابن كيران في وقت متأخر من الليل بالتوجه إلى المدينة الغاضبة واحتواء الموقف، ووضع نهاية لمسلسل الاحتجاجات التي كادت تؤدي إلى انفلاتات خطيرة. طبعا لم يكن مرحبا بابن كيران، حيث تم وضع حد لتسيب الشركة الفرنسية أمانديس التي تتولى تدبير القطاع بالاتفاق مع المجلس البلدي، هذا مع الاشارة الى أن الموضوع لا زال يشكل بالفعل نقطة سوداء بالنسبة للمستهلكين بطنجة .
الخصومة السياسية والانعكاسات السلبية
وبالعودة إلى الشق السياسي، فإن حزب العدالة والتنمية ذا المرجعية الإسلامية، لم يتراجع عن توجيه الاتهامات لخصومه السياسيين، واتهامهم بالسعي إلى عرقلة التجربة والتآمر عليه، ونعتهم بالعفاريت والتماسيح وبوحمارة، وما شابه من أوصاف قدحية، بلغت أقصى درجات الانحطاط، وخلفت موجة من الغضب داخل الأوساط المغربية، حيث نزل الخطاب السياسي إلى الحضيض، خاصة بعد التراشق بالاتهامات الغليظة التي تدعو إلى فتح تحقيقات قضائية، بفعل ثقلها وخطورتها على حد السواء، خاصة بين ابن كيران وزعيم الاستقلال حميد شباط من جهة وبين رئيس الحكومة والزعيم الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، الذي اتهم بأنه أكبر تاجر مخدرات، وأن حزبه حزب اداري مخزني شأنه شأن باقي الأحزاب التي توالت على الحكومة المغربية و التي فشلت و لم نعد نسمع عنها .
أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس (عبدالرحيم المنار اسليمي) قال إن «الأصالة والمعاصرة» ساهم مع حزب «العدالة والتنمية» في ضبط التوازنات السياسية بالمغرب، مع أنهما أحيانا ينزلقان إلى خصومة ثنائية.
وعن الانتخابات البلدية والجهوية التي شهدها المغرب اواخر 2015، قال المعني بالأمر إن المواطن اختار كلمته استنادا إلى الميدان، مشيرا إلى أن أي قول عن علاقة أي حزب بمؤسسة القصر غير منطقي، فالملك يتموقع فوق الأحزاب ويسير التوازنات.
الباحث (الموساوي العجلاوي) قال إن ولادة هذا الحزب لم تخرج عن النسق السياسي المغربي منذ العام 1956 في إيجاد نوع من التوازنات، وحول ما يقال من أنه حزب ملكي، يوضح العجلاوي أن كل الأحزاب لها تواصل في إطار الدستور مع الملك، وهذا مرتبط بطبيعة الدولة والنظام السياسي الذي يتكون من مؤسسات منها المؤسسة الملكية.
ومع ما يعرف من خصومة بين حزبي «العدالة والتنمية» و«الأصالة والمعاصرة»، قال العجلاوي إن ذلك «بهارات السياسة» في المغرب، وإن إمكانية أن يتحالفا معا واردة، حيث التناقض لا يلغي البراغماتية السياسية وتحالفات المصالح.
بطبيعة الحال قرارات الحكومة ذات البعد الاقتصادي و السياسي لها امتدادات اجتماعية خطيرة، فلا يمكن الحسم بأن ارتفاع العديد من المظاهر من قبيل السرقة والفقر والتسول، لا يرتبط بالقرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة، بارتفاع المديونية الخارجية يلزم الحكومة بتأدية تلك القروض بفوائدها للمؤسسات المالية العالمية، ومن أجل هذا تتخذ قرارات من قبيل تحرير قطاع المحروقات ورفع الدعم عن قنينات الغاز، وهو المسار الذي بدأت تسلكه الحكومة كما سبق واتخذت التوجه نفسه مع رفع الدعم عن المحروقات. وكل هذه القرارات بموازاة تراجعها عن خلق مناصب الشغل بالعدد الذي يستوعب، أو على الأقل يخفف من حجم البطالة التي تعانيها الكثير من الفئات النشيطة وعلى الأخص الشباب والخريجين، تدفع إلى ما قد نسميه الانفجار الاجتماعي، وما سيكون نتيجة «سياسة اتيلا »، ، وهي السياسة التي تتخذها الحكومة، والتي تتحمل المسؤولية عن الأوضاع الحالية، حيث إن هناك أزمة اقتصادية محضة تدفع إلى أزمة اجتماعية مما يفضي إلى وجود عدم استقرار اجتماعي، في الوقت الذي نسجل انفصام الشخصية لدى هذه الحكومة، التي تطبق سياسة النظام الحر الليبرالي المتوحش، في الوقت الذي تروج لحوار سياسي على أنها تدعم الطبقات الضعيفة والمعوزة.
سياسة بن كيران و اخوانه و كتائبه و عشائره يرى العديد من المهتمين بالشأن العام أنها بصدد تدمير هذا البلد بضرب جميع قطاعاته و بقصف مواطنيه اقتصاديا و اجتماعيا، الشيء الذي لم يحدث على مر السنين بهذا البلد الأمين…