حكومة الشعب.. وحكومة المخزن.. !
جريدة طنجة – محمد سدحي ( “أقلام” )
الثلاثاء 26 يوليوز 2016 – 17:54:00
• دخلَ الأستــاذ ابن كيران “دار لحكام” المغربية عبر بوابة (الربيع الديمقراطي) الضيقة… وسيكتب التـاريــخ غير الرسمي أن السي عبد الإله (أو عبإيلاه بلهجة أهل طنجة) هو أول زعيم سياسي يقود حكومة انتخبها الشعب (أو جزء منه) ولم يفبركها المخزن مائة بالمائة… وكان الذي كان.
وكانت الآمال معقودة على حكومة البيجيدي، المعززة بقوى مصنفة في خانة الصف الوطني والديمقراطي، في الانتقال بالمغرب إلى القسم الثاني ديمقراطية بعدما سجل نقطة موجبة للسقوط في القسم التحضيري مع المناضل عبد الرحمن اليوسفي أطال الله في عمره…
وكانت، أيضاً، أصوات من خارج التيار (الإسلامي) تطالب بدعم التجربة الحكومة البنكيرانية سعياً إلى اتمام الورش الدستوري وتطبيقه على أرض الواقع… وهي الأسماء نفسها التي اعتبرت الوثيقة الدستورية الجديدة متقدمة جداً، ولا ينقصها إلا إرادة سياسية وصدقية في التفعيل والتنزيل، من كافة الأطراف المعنية…
إلا أن المخزن العظيم كان له حسابه الخاص وتكتيكه المخالف للتوقعات والمتمنيات، ذلك أن السيد رئيس الحكومة الذي لم يتمكن من تسخين كتفيه بحزب القوات الشعبية وجد نفسه في مهب الصهد ماثلاً أمام الجدار الصلب الذي يحجب نسائم التغيير الذي ينشده السواد الأعظم من الشعب… وفي الوقت الذي كان المتتبعون ينتظرون تغييراً ولو جزئياً في مفاصل ودهنية الدولة (العميقة) تفاجؤوا بالسيد ابن كيران هو الذي يتغير ويتنازل عن صلاحياته الدستورية ويتراجع عن وعوده الانتخابية وأصبح سياسياً (أليفاً) وتلميذاً نجيباً في دار المخزن، يحفظ ما يتلقى من دروس عن ظهر قلب وزيادة، ويبادر إلى تطبيق التعليمات قبل صدورها، خاصة عندما بدأ يحس بضيق المنزلة التي وضعه فيها الشارع المغربي بعيد 20 فبراير 2011…
وكجزاء له، وعبرة لغيره، ها هو المخزن يعود بعد موته الذي بشر به يوماً السي محمد اليازغي الله يذكره بخير، ويجر الحكومة التي انتدبها الشعب لاتخاذ اجراءات ضد هذا الشعب الذي حملها إلى كراسي الحكم… وكان آخر هذه الاجراءات المرة ضرب فئة عريضة من الشعب في ما عرف بإصلاح التقاعد، الشيء الذي لم تقم به أي من الحكومات (المخزنية) وقامت به كرهاً الحكومة (الشعبية)…
تصورا: حكومة وبرلمان انتخبهما الشعب يدخلان طولاً وعرضاً في تقاعد فئة هامة منه.
ولما لا نصور: الشعب ينتخب الفئة المتضررة من تمرير “إصلاح التقاعد” ويمكنها من الحكم وبالتالي تمكين الحكومة الجديدة من إعادة النظر في تقاعد الوزراء والبرلمانيين بإجراء إصلاح مماثل…
لو تحقق شيء من هذا، من هنا سينطلق التناوب الديمقراطي الحقيقي، ويصح القول بالتدافع السياسي للتعاقب على ممارسة السلطة في هذا البلد العزيز…
هل يرضى المخزن العظيم بهذا؟
هذا ما لا أؤكده ولا أنفيه… وإذا بقيت في بلدي فسحة من الحرية، بعد اليوم، سوف:
– نلتقي !