الاحتفال بليلة العمر .. خيم تنصب بالشوارع و مكبرات تزلزل الآذان دون مراعاة للمريض و الصبي و الكاهل
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( صخب الاعراس بلا التزام بالقوانين ولا إتزان في المقاييس )
الثلاثاء 19 يوليوز 2016 – 09:25:18
فهل سيكون تدخّل الفرق الأمنيّة في صيفنا هذا حـاسمـًا للقطع مع الأساليب القديمة في قلّة إحترام الآخر ؟ نتمنّى أن تُـأخذ جميع الاحتيـاطـات اللاّزمـة لذلـك وأن يقـعَ التّنبيه على أصحـابِ المُنـاسبـات السعيدة بكلّ صرامة عند تسليمهم رُخصة إقـامـة الحفل لكي نتمتّع بصيـفٍ هـادئ .
وعلى غرار معظم المدن المغربية التي تعاني من التهاون في الحفاظ على الحق العام من طرف السلطات، و عدم الاكتراث براحة المواطنين، تعاني مدينة طنجة بدورها في هذه الفترة بالذات من كل سنة من انتشار ظاهرة لم يستطع أحد أن يجد لها تفسيرا منطقيا يبررها لحد الآن، هذه الظاهرة تتمثل في لجوء بعض أصحاب الأعراس إلى نصب خيم بمقاييس قد تصل إلى حوالي 9 أمتار طولا و 5 أمتار عرضا على طول ممرات و شوارع و دروب حيوية في أحياء مهمة بالمدينة، بحيث يقدم أصحاب هذا الاختيار على غلق شارع بأكمله من الجانبين مع عدم ترك و لو فجوة تسمح للراجلين بالمرور للجهة الأخرى من الشارع، ناهيك عن إعاقة الطريق على السيارات بصفة كلية.
هذه الظاهرة الغريبة أضحت شيئا عاديا لدى البعض، حيث نراها تنتقل يوما تلو الآخر من مقتنع بها لمقتنع آخر وجد الأمر سهلا و بسيطا و غير مكلف، لكن أن تقطع الطريق نهائيا فهذا أمر لا يقبله العقل بتاتا خصوصا و أن من الناس من يخصص لحفلته يومين أو أكثر، دون مبالاة و لا مسؤولية بحاجة الناس لقضاء حاجياتهم، و هو ما يجعل أصحاب العربات و الراجلين يبحثون عن منافذ أخرى للخروج من حصار خيمة العرس، لأنه و ان جرب شخص أن يتفوه و لو بكلمة واحدة كــ “اللهم هذا منكر” فحتما سيجد نفسه هدفا “لرجال” و “نساء” العرس واصفين إياه “بالمريض” على أقل تقدير.

للاضطلاع على تفاصيل هذه النظرية الجديدة في مجتمع غريب الأطوار، حاورنا أحد الناس الذين سبق له و أن استفاد من خيمة الشارع الزفافية، و تساءلنا معه حول الطريقة التي استطاع بها أن يمكّن نفسه من حق هو حق للجميع، إذ لا شك أن الطريق من حق الجميع و بالتالي فإن قطع الطريق جريمة في حق الكل، الشخص المستفيد من خيمة العرس أفادنا بأن عملية استغلال أو بالأحرى احتلال شارع رئيسي بخيمة أمر غاية في السهولة إذ يكفي أن تتصل بأحد السماسرة الذين يتمتعون بنفوذ سلطوية في المقاطعة أو الجماعة المسؤولة عن مراقبة الشأن المحلي و محاربة التجاوزات الغير القانونية، ليحضر لك مقابل مبلغ مالي قد لا يتجاوز بعد الأليفات من الدراهم رخصة موقعة مصادق عليها من أعلى سلطة في المنطقة تبيح لك قطع الطريق على المواطنين دون اكتراث و دون مبالاة و دون خوف من أي متابعة قانونية.
مراعاة حق الجيرة
الأستاذ أحمد التمسماني ، أحد المتضررينمن خيم الأعراس، أعرب عن رفضه التام لمثل هذه الخيم التي تتوسط الأحياء السكنية فهي تهدد راحة الناس فيها ولا تراعي وجود الأطفال وكبار السن ممن يحتاجون للنوم والهدوء، فوجود خيم خاصة بالأفراح يعني وجود مكبرات للصوت وموسيقى وفرق راقصة، فمراعاة أن الحي السكني ملاذ للناس خصص لراحتهم واستقرارهم، هو ما يجب أن يكون عليه الأمر، فيمكن أن يصادف إقامة مثل هذه الخيم للأفراح وجود آخرين من العائلات التي تعيش حزناً عميقاً لفقدهاً قريباً، لتعاني الأمرين عندما تقاسي سماعها للموسيقى الصاخبة والقرع على الطبول وهي في أشد الحاجة للهدوء والسكينة .

ويجد الأستاذ التمسماني، أن وجود مثل هذه الخيم بمعداتها الكبيرة تمثل تهديداً خطراً على أطفال الحي خاصة تلك الأجهزة الخاصة بالتكييف التي تفتقر لشروط الأمن والسلامة، فشفرات أجهزة التبريد تكون ظاهرة وخطرة إن تم العبث بها من قبل الأطفال، غير تمديدات وإسلاك الكهرباء المكشوفة التي تمثل خطورة هي الأخرى، فالناس عندما تلجأ إلى مثل هذه الخيم تستعين بشركات صغيرة لأسعارها الرخيصة التي تفتقر للجودة العالية أو الجودة في معداتها، ويفضل أبو سيف أن تكون هنالك قوانين صارمة حول إقامة مثل هذه الخيم دون معايير جودة أو كفاءة أو اشتراطات سلامة، وان لا تمنح تصاريح إقامتها وسط الأحياء مراعاة لحق الجيرة ولمنع الأذى الصادر منهم أو التطفل على خصوصية قاطني الحي، لينعم السكان بالراحة وسط منازلهم دون أن يتعرضوا للإزعاج.
مسؤولية اجتماعية
ويَرى المهندس أ.ف ، أن إقامة خيم الأفراح بالقرب من المنزل مسؤولية اجتماعية مشتركة، فالتسهيلات التي منحت من تصاريح إقامتها يجب أن يقابل بالعمل الإيجابي، وأن يقوم صاحبها بالالتزام بعدم إزعاج القاطنين بالقرب منه وعدم استخدام مكبرات الصوت، والامتناع عن القيام بأفعال من شأنها الإضرار بالناس أو الحي التي لا تعكس عادات وتقاليد أصيلة تحترم حق الجار.
و عليه فإن مسألة انشاء زفاف في مكان واسع رحب متسع في موقع ممتاز قد لا يكلفك الكثير ما دمت قد حجزت المكان المخصص لنصب خيمة بدورها لا تساوي سومتها الكرائية الكثير، و بـالتّـالي فـإن أسهلَ الطُرُق للحِفـاظ على جيب أصحـاب العُرس هو هذا النـوع من الخيم و لو كانت على حسـاب مصلحة العموم!!
لكن السؤال الذي يبقى مطروحا و بشدة حول هذه الآفة الغير أخلاقية مع احترامنا لسيدنا العريس و سيدتنا العروسة المحترمة، هو، من المسؤول عن هذا الحيف و هذه التجاوزات الخطيرة في زرع الفوضى و قطع الطريق ؟ و هل هناك سلطة عليا يستطيع الشخص المتضرر من فرحة الآخرين، اللجوء إليها لتتدخل بدورها من أجل استخدام “حق الفيتو” لنقض تلك “الرخصة الرخيصة” التي يمنحها أناس لا يعرفون من أخلاق السلطة و خدمة المواطن إلا الاسم فقط؟.