أضواء على أحياء طنجة القديمة _ حـومـة بنـي يــدر _
جريدة طنجة – محمد العربي بن رحمون ( كتاب : نظرات طنجة إلى الماضي.لمؤلفه الصايغ )
الخميس 14 يوليوز 2016 – 11:19:52
•منذ قرن ونصف أي حوالي 1850، نشأ هذا الحي المدعو “حومة بني يدر” الواقع خلف الحصون البرتغالية القديمة والقائمة منذ القرن السادس عشر على امتداد زنقة البرتغـال قبالة المقبرة الإسرائيلية. هذا الحي كان له حضور مشهود رغم ضيق مساحته، حيث احتفظ على خصوصيته العربية الإسلامية إلى نهاية القرن التاسع عشر رغم ظهور بيوت سكنها أشخاص من بلدان أخرى.
“الأجنبي عند نُزولهِ لأوّل مرّة ضيفـًا على طنجة، ولحظة ما يضع رجله على اليابسة ينتـابهُ شُعــور مُبـاغِت يرجع به إلى الـــوراء عبر الزمان، كـــأن إسبانيا أو فرنسا اللذان تركهما خلف ظهره قد ابتعدتا عنه فجأة، ليتوقف صخبهما الملازم للحياة الأوروبية الحديثة أمام أبــواب المدينة كما لو كانت موصدة أمامه”.
إلا أن باب حومة بني يـدر مفتوحـة، فتحتها تلك القبيلة المدعوة قبيلة بني يـدر الواقعة 25/30 كلم شرق مدينة أصيلة حسب ما هو ثابت من الوثائق العسكرية الإسبانية لسنة 1922.
ففي وسط القرن التاسع عشر، جاء رجل من تلك المنطقة واستقر بهذا الحي الذي كان عبارة عن أرض نصف عارية وكان يسمّى “حي الأسوار” « El Barrio de los muros » بسبب اتكاءه على أسوار البرتغاليين ومع الأيام ونظرا لمكانة الرجل الاجتماعية، وبعد أن أنشأ أسرة وتناسل أبناؤه في الحي وبفضل ارتباطهم بتقاليد العائلة والأجداد وكذا سيرتهم الحسنة وارتباطهم الأصيل بجذعهم الذي كان يدعو إلى الجماعة، قاموا باقتنائهم أراضي هناك وبنوا فوقها بيوتا لهم ولأبنائهم، ودفاعا عن وحدتهم وبقائهم مجتمعين، لم يبتعدوا عن الأسوار كما كانت تسمى سابقا إلى أن صار هذا الحي مستقرا لأبناء وحفدة قبيلة بني يدر المنتمين لتلك المنطقة من شمال المغرب والذين أصبحوا سكان الحي الأصليين حيث كثر عددهم وفازوا بهذا اللقب في قلب مدينة طنجة العتيقة.
ونَظرًا لمُخـالطتهم للأوروبيين وانفتــاحهم عليهم، تم إدماجهم في تلك العلاقــات الإنسانية الجديدة ونتج عن ارتباطهم بهؤلاء القــادمين من قارة أخرى، وتشريفا لهم، فاز الحي بحمل إسم عشيرتهم أي حومة بني يـدر، ومنذ تلك الفترة والحي يحمل هذا الإسـم.
وفي مؤتمر مدريد لسنة 1880 سيحصل المواطن الأوروبي على امتيازات مهمة منها الحرية في ولوج موانئ الامبراطورية الشريفة، حيث كثر عدد هؤلاء المواطنين الأجانب الذين اختاروا طنجة مستقرا لهم لقربها وجوارها لقارتهم وصاروا من سكان هذا الحي (كما أحياء أخرى) خاصة العنصر الإسباني وفيه أنشئوا أنواع متعددة من النشاط التجاري على شكل محلات تجارية ومكاتب التصدير والاستيراد.
ففي حي أو حومة بني يـدر، التقت أقـــوام مهاجرة و جتــاليات أجنبية تسكن فضــاؤه الضيق بالإضافة إلى تلك العشيرة البدوية التي تناسلت في أطرافه.
أليست هي البوابة التي دخلت منها الحداثة إلى المغرب، بل هي التي كانت صانعة لحداثتها بمخالطة عشائر أخرى متناسلة هنا وهناك. أما اليهـود فهم مواطنون مغاربة يقطنون في المدينة القديمة، يتاجرون ويتعبدون ويتعايشون مع جيرانهم المغاربة المسلمين. .
يتـبـع