أضواء على أحياء طنجة القديمة حـي – القصبـة –
جريدة طنجة – محمد العربي بن رحمون ( كتاب : نظرات طنجة إلى الماضي.لمؤلفه الصايغ )
الأربعاء 27 يوليوز 2016 – 15:17:08
• من القصور القديمة للامبراطورية الشريفة بطنجة، القصبة التي تعد من المجموعات النادرة والغريبة والمعقدة بإجماع المختصين في تاريخ المغرب فهي عبارة عن حاضرة صغيرة مستقلة مفصولة بجلاء عن باقي المدينة العتيقة بجدرانها العالية التي يطلق عليها إسم “الحصون” حيث امتدت إلى حدود العشرية الأولى من القرن التاسع عشر على أساس قلعة محصنة محاطة بنظام دفاعي يتجلى في خندق وأسوار عالية ذو فتوحات وأبراج مجهزة بمدافع قديمة متجهة أفواهها نحو البحر والباديـة.
الأبـواب المفتوحة على حياة المدينة تقفل كل مساء وبداخلها مساجد وزَوايا وأضرحة الأولياء والصالحين، هذا الحي قديما كان يسكنه جنود الكيش وممثلي السلطات المخزنية بـالإضـــافة إلى دار المخزن التي كانت تضفى على المكان طابع رسمي وإلى اليوم مازلنا نرى بناءا محاطا بساحة واسعة يقال لها المشوار، إنه قصر السلاطين القدامى والباشــَـوات وولاة المخزن التابعين للمنطقة الشمالية بالإضافة إلى محكمة، حيث الباشا يصدر أحكامه ويقضي بين الناس وسجن وبيت المال. وفي المحيط نجد اصطبلات ملكية واسعة وبعض البيوتات الخاصة.
ثلاث أبواب كبيرة تفصل القصبة عن المدينة العتيقة ولازالت قائمة إلى حد الآن وشاهدة على قرون طويلة من الوقائع والأحداث التاريخية ذات أهمية كبرى. في الناحية الجنوبية، نجد باب العصا إسم مقرون بالضربات التي يتلقاها المنحرفون والمخالفون لأوامر المخزن. في الناحية الشمالية نجد باب مرشان.
وفي الناحية الشرقية نجد باب حاحا الوصول إليها يتم عبر الأدراج وسميت كذلك لأن سكانها كانوا يجلبون من منطقة حاحا جنوب المغرب. سنة 1920 ستفتح باب أخرى تدعى باب الراحة أو باب البحر، لأن الأهالي كانوا يستعملونها للراحة والاستمتاع برؤية البحـر المطل على مضيق جبل طارق وسواحل إسبانيا، وداخل الأسوار نجد أزقة ملولبة ومنعرجات تحمل أسماء لطيفة مثل زنقة الشمس زنقة الغزالة، الزنقة العالية، زنقة اللشين تسكنها أسر منحدرة من فروع الجنود الكيش حراس القلعة.
خلال الاحتلال البرتغالي (1471 – 1662) والإنجليزي (1662-1684) صارت القصبة بدون منازع المكان المفضل لإقامة حكام هذين البلدين الذين تداولوا الحكم على البلد عبر التاريخ، حيث صار هذا المرتفع يجسد بعدا استراتيجيا إذ من أعلاه يمكن السيطرة على المدينة والتحكم فيها كسادة نافذين لهذه القلعة.
ففي سنة 1471 احتلت البرتغال مدينة طنجـة وتم تعيين دون دي ميلوكونت أوليفيسا حاكم على المدينة، ومن هذا المرتفع سيبني قصره وسط سور القصبة وشرع في التناوب على حكم المدينة أكثر من أربعين حاكم، تولوا قيادة القلعة وبعد أكثر من قرنين من الاحتلال البرتغالي، توصل الحاكم البرتغالي قبل الأخير المسمى فيرناندو دي ميينيزس بأمر من الملكة لويزا دي كيزمان، تأمره بالتخلي عن المدينة لفائدة الإنجليز بعد أن صارت طنجة موضــوع مهـر مقـابـل زواج البنت كـاطــرين دي بركانس البرتغال بالملك شارل الثاني لإنجلترا.
في البداية الحاكم دي مينيزس اعترض على تنفيذ الأمر، لكن بعد ذلك حل محله حاكم برتغالي جديد لويس ألميدا وتكفل بالمهمة إلى نهايتها والسماح للاحتلال الإنجليزي بالدخول إلى القلعة والمدينة..
يتـبـع