American Légation ot the United-States مكتب البعثة الأمريكيـة
جريدة طنجة – محمد العربي بن رحمون ( كتاب : نظرات طنجة إلى الماضي.لمؤلفه الصايغ )
الأربعاء 13 يوليوز 2016 – 14:16:33
• هناك علاقة وطيدة بين التاريخ والتمثلات انطلاقا من ملاحظات بيير لوطي في كتابه المغرب أيام الإمبراطورية الشريفة. فحسب معلومات موثوق بها، فإن سكان المدينة داخل الأسوار intra-muros في مطلع القرن التاسع عشر لم يكن يتجاوز 3500 نسمة موزعة كالآتي: 20.000 من المسلمين و 10.000 من اليهود و 4000 من الإسبان وألف فرد من مختلف الجنسيات.
أغلب سكان حي بني يـدر كانوا إما مسلمين أو يهـود وانضاف إليهم العنصر الإسباني، كل هؤلاء كانوا يتعايشون في ود ووئام، تجمعهم علاقة صداقة وانسجام كأنهم أسرة واحدة، يتبادلون الزيارات ويعقدون لقاءات داخل بيوتاتهم في جو من المودة، تجمعهم لحظات يتبادلون فيها الطريف والنافع ومناقشة القضايا المحلية والدولية في هدوء وثقة تامتين، تعكس تفاعل الإمبراطورية الشريفة والفاعلين والمؤسسات الأجنبية في صياغة وتسييس ما يسمى بالحقل السياسي الكولونيالي.
ففي سنة 1821 سيتبرع السلطان مولاي سليمان لفائدة الجمهورية الأمريكية الشمالية بدار بأحد أزقة حي بني يـدر زنقة أمريكـا ستتحول إلى إقامة تابعة للولايات المتحدة بداخلها بعثة Légation ومنذ ذلك التاريخ ولمدة 140 سنة ستصبح هذه البعثة مقرها الدائم ويطلق عليها بالإنجليزية: « Américan Légation ot the United-States »

ستعطي هذه التمثيلية الدبلوماسية قيمة مضافة لحومة بني يـدر التي ستتحول إلى حي يفـد إليه العديد من الأجانب بسبب حضور القنصلية ومساهمتها في إحاطة هذا الحي بهالة من الثقة والاحترام، وهو الشيء الذي سيدفع أيضا العديد من العائلات المسلمة واليهودية إلى الانتقال إليه والإقامة به، نذكر منهم عائلة الصايغ وكوهن وسشطريط استقروا بزنقة الفران منذ مطلع القرن التاسع عشر وانضافت إليهم عائلات مسلمة مثل السي العربي التمسماني كان يعمل قاضيا وأسرة أبارودي وأسرة الركاينة والسي عبد الكريم الزكاري والمفرج وبنجلـون…
وابتداء من سنة 1882 سيعرف الحي حضور عدد من الفنانين التشكيليين منهم الفرنسي المعروف أوجين دولاكروا وهنري رونيو وماتيس، فتنتهم مدينة طنجة بأضوائها ومشاهدها الطبيعية، هؤلاء الفنانين لازالت بصماتهم ثابتة في حي بني يـدر من خلال المنازل التي كانوا يسكنون فيها يضاف إليهم الكاتب والروائي ألكسندر دوما الولد وهو من أكبر رجالات الأدب الفرنسي الذي زار مدينة طنجة سنة 1885 وسيطلق إسمه على زنقة متاخمة لزنقة أمريكا، هؤلاء المثقفين كانوا يجدون في البعثة الأمريكية ملاذ لهم ويستقبلون بحرارة في رحابها التي كانت بمثابة فضاء للنقاش والحوار الأدبي والفني والسياسي.
ومما يؤكد الحضور الفعلي لليكاسيون مريكان كما يسميها الطنجاويون في مجالات الفكر والثقافة والأدب والفن والسياسة هو الكم الهائل من الأعمال والأبحاث تاريخا وثقافة ومجتمعا وسياسة واقتصادا، جمعها الكتاب الذي صدر في الآونة الأخيرة عنوانه “صناعة المغـرب: التدخل الاستعماري وسياسة الهوية” لمؤلفه جونتان ويرتزان اهتم بدراسة تأثير الحقبة الاستعمارية في تغيير العلاقة بين الدولة والدين والمجتمع. .
يتـبـع