“عاملات البيوت” “مرحلة انتقالية” !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( عاملات البيوت )
الأربعاء 08 يونيو 2016 – 13:32:32
المفاجئ حقا أن لم يحضر جلسة التصويت سوى 47 نائبا من الأغلبية “الغالبة”، بأمرها، صوتوا “ويويا” طبعا، بينما صوت ضد المشروع ، 7 نواب من المعارضة، وغاب عن الجلسة 339 برلمانيا ليشكل الوضع إدانة صارخة للاستهتار بحقوق الشعب على ممثليه الذين لا يطلب منهم سوى الحضور لقبة البرلمان، حتى يبرروا استفادتهم من ملايين الشعب وما يرافقها من امتيازات أهمها “تقاعد” يحصلون عليه بعد أربع سنوات جل أيامها غياب، بينما يقضي غالبية الموظفين في المصالح العمومية والخاصة، 60 سنة في “الكورفي” يوميا، ويريد بنكيران أن يجعل مدة الخدمة “مطاطية” من أجل معالجة اختلالات مطالبة متراكمة قامت على “الفساد” في معظمها، ولا مسؤواية للشعب فيها……
المفاجيء أيضا في هذه “الحريرة’ ما قبل الرمضانية، أن حزب نبيل بن عبد الله، الذي اشتهر بمواقفه “المتشيعة” المتشبعة بمفاهيم “الحداثة” والمناصرة لقضايا المرأة والأسرة، ضدا على مواقف البيجيدي” المعروفة في هذا الموضوع، هو الذي أصر على اقتراح سن عمل “الخدامات” ما بين 16 و 18 سنة، وفق مفهوم “غريب” لعبد السلام الصديقي الذي أكد في حوار مع جريدة وطنية واسعة الانتشار بأن سن القاصر هو 15 سنة، لأنه السن الإجباري للتعليم بالمغرب، وأن “الضجة” حول خادمات البيوت مفتعلة” ! وسانده في هذا الرأي زعيمه “الأوحد” نبيل بن عبد الله، الذي هاجم بنرفزة وعنف، في ندوة بمدينة سلا، معارضي مشروع قانون “الخدامات” واعتبر أن الأمر يتعلق بـ”جهات غرضها التشويش على الحزب” بسبب إصراره على رفض “التحكم والمتحكمين” ! ….
نبيل بن عبد الله اعتبر أن قانون تشغيل العمال المنزليين (الذي صادق عليه 47 نائبا من أصل 395)، يشكل “طفرة نوعية” في مجال حقوق هذه الفئة من المجتمع ويحمي “الخدامات” و “الخدامين” من ممارسات “يندى لها جبين الدولة” في غياب “حماية قانونية ملائمة لأوضاعهم.
ومعلوم أنه وقع في نهاية الأمر وتحت ضغط منظمات المجتمع المدني من أحزاب وهيئات حقوقية ونسائية، تعديل بسيط ينص على الإبقاء على السن المقترحة أوليا لتشغيل “عاملات البيوت” ما بين 16 و 18 سنة، ولمرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات تبتدئ من تاريخ دخول القانون 19 ـ 12 حيز التنفيذ.
الكل فهم أن الغاية من سن هذه الفترة الانتقالية هو العناد الذي اشتهرت به حكومة بنكيران في كل ما يتعلق بمطالب تأتي من خارج “الأغلبية” وعدم الرضوخ لأي “إرادة” تملى عليها خارج الزاوية” ودائرة المريدين. وهذا ما حصل مع النقابات ، وهذا ما حصل، أيضا، مع “أساتذة” الغد إلى أن أدعن الرئيس لـ “تبوردة” الأساتذة، وقبل ، تحت الضغط بل السخط العام، بما رفض، عند بداية المواجهات التي أبان خلالها الأساتدة عن صبر وعناد وإصرار وصلابة وتشبث بالمطالب التي تقدموا بها وساندهم فيها معظم الشعب، وتعرضوا بسببها إلى شتى أنواع العنف المادي والمعنوي والجسدى ..
واسترخصوا دماءهم في سبيلها إلى أن تراجع “الأسد” “المقهقه” ، بعد أن أقسم بالأيمان الغليظة ألا تراجع ! …
لا أحد يجادل في أن قانون تشغيل “عاملات وعمال ” المنازل، بشتمل على بعض الإيجابيات، منها التوفر على عقد العمل ونوع من الحماية الاجتماعية ، والراحة الاسبوعية، والعطلة السنوية، والحماية من الأشغال الخطيرة، والتكوين والتدريب…..ولكن المتتبع للأوضاع بالمغرب، يصعب عليه الوثوق بأن هذه التدابير قابلة للتنفيذ على مستوى واسع، إذ الولوج إليها يبقى صعبا على العديد من عمال المصانع وقطاع الخدمات، الذين يمكن “مراقبة” أوضاعهم من طرف المفتشين، فكيف والحال أن “الخدامات” يشتغلن في فضاء محرم الولوج إليه إلإ بسلطان…..بمعنى أن جل تلك الحقوق تبقى “كارطونية” ما دام يستحيل تتبع أحوال العاملات وطبيعة تعامل المشغلين معهن، ومدى “استفادتهم” من “امتيازات” القانون الذي من المفروض أن يحميهم، وما دام أن مصالح الوزارة الوصية لا يمكن لها أن تتدخل إلى حين توصلها بـ “شكاية” من طرف الخدامة أو أهلها… وهل تقوى خدامة قاصر أو أحد أوليائها على أن التقدم بشكاية إلى دوائر حكومية، والحال أن هذه القاصر قد تكون العائل الوحيد للأسرة، في ظروف الفقر والقهر التي يعيشها الملايين من المغاربة، خاصة في القرى والبوادي التي اعترف بنكيران أنه فشل في تحسين أوضاعها وتوفير العيش الكريم لسكانها، ليختبئ ، كعادته، وراء المبادرات الملكية خاصة تلك التي تتعلق بمخطط تنمية العالم القروي التي رصد لها 50 مليار درهم على مسافة خمس سنوات، وتكفل بتوظيفها وزير الفلاحة، في عملية اعتبرت لحينها قالبا من قوالب أهل سوس العالمة.
ما ضر لو أن بنكيران أخذ بنفسه زمام الأمور وتحمل مسؤولية تعديل قانون “الخدامات” بإن فرض على أغلبيته رفع سن تشغيلهن إلى 18 سنة كحد أدنى، استجابة لمطالب أغلبية الشعب وحماية لحوالي مائة ألف “خدامة” سوف تبدي الأيام لبنكيران ــ إن استمر حيث هو الآن ــ ، ولوزيريه التقدميين الاشتراكيين، بنعبدالله والصديقي، أنهم اختاروا الحل الخطأ ـ بل وراهنوا على الفرس الخاسر، في إصرارهم على “الفترة الانتقالية” حتى وإن حاول بنعبد الله، تلطيف وقعها على النواب بأن قال إن تلك الفترة، “سوف تمر بسرعة”.
ولا شك أن غالبية الشعب من فئة الكادحين فهموا الأسباب الحقيقية لتعنت الحكومة “الإسلامية”، المساندة من “البرجوازية” المغربية، في الحفاظ على الوضع ، مع بعض الروتوش ، لمواجهة انتقادات الداخل والخارج والتظاهر بـ “حماية ” “عاملات وعمال البيوت” !!! ….
وفيما ينتظر بن عبد الله أن تمر الفترة الانتقالية بسرعة، ننتظر نحن أن تمر الأشهر الأربعة الباقية بالسرعة القصوى وبسلام، حتى نسترجع أنفاسنا بعد خمس سنوات من “التبوريدات” و “القهقهات” و”القفشات” التي أساءت كثيرا إلى الممارسة السياسية بالمغرب وهوت بالمعجم السياسي المغربي إلى الحضيض…
الله يبقي الستر !!!…..