شغب الملاعب وسؤال كرة القدم بالمغرب أحداث ديربي اتحاد طنجة والمغرب التطواني ناقوس خطر !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( شغب الملاعب )
الخميس 23 يونيو 2016 – 14:03:43
مثل هذا السلوك لا يتحقق إلا بوجود مجتمع متحضر، ومتنور، وذي قدرة على استيعاب الإختلاف مع الأخر، والقدرة على حل هذا الاختلاف عن طريق الحوار وتبادل الآراء والأفكار ، في أفق درء المفاسد وجلب المصالح.
رحمد الله زمانا غبر، كانت مباريات كرة القدم في “ستاديوم مونيسيبال طنجة” الذي شيدته الإدارة الدولية، على هضبة مرشان، خلال السنوات الأولى لدخول النظام الدولي حيز التنفيذ، على شاكلة الملاعب الأوروبية الحديثة، لاستقبال المباريات المحلية والدولية، تشكل حقبة ذهبية في تاريخ كرة القدم المحلية بطنجة، بعد تدشين الملعب سنة 1939.
وهكذا احتضنَ ملعب مرشان مباريات كبيرة شدّت إليه أنظار الأندية الأوروبية، والاسبانية خاصة، حيث تحول الملعب إلى فضاء كبير لاستقطاب جمهور طنجة، وجماهير الأندية الوافدة، المولعة بكرة القدم، خاصة حين اتخذه نادي الاتحاد الرياضي الأسباني ملعبا شبه رسمي يجري بداخله مباريات البطولة الاسبانية الاحترافية ويستقبل فرقا عتيدة من قبيل مالقا وبيتس واشبيلية و ويلفا وغيرها.
كما أن الفرق المحلية، كانت تنظم لقاءاتها بهذا الملعب، خاصة المغرب الأقصى الذي واجه يوما فريق “اسبانيا” وتغلب عليه بخمسة أهداف لصفر، وتناسلت آنذاك الأغاني والأهازيج الشعبية من قبيل “الزايرين إلى زاروا، اعطاوهم خمسة لوالو”.

ورغم “حساسة” الوضع، طنجة تحت نظام إداري دولي، وإسبانبا واحدة من الدول الموقعة على هذا النظام، ووجود احتكاكات سياسية بين الوطنيين المغاربة و القائمين على النظام، حيث إن طنجة، سياسيا، كانت قاعدة لنشاط الزعماء الوطنيين الذين استقر بعضهم بها ، فإن جمهور طنجة المتحضر، كان يعرف كيف يفرق بين “لعبة” رياضية، وبين متطلبات النضال السياسي. ولم يحدث أن شهد ملعب طنجة مناوشات بخلفية سياسية أو عنصرية أو دينية، خلال أو بعد مباريات كرة القدم، أيا كانت الفرق المتقابلة أو النتائج المحصل عليها.
إلى أن جاء الاستقلال، واختلط الحابل بالنابل ، وعَمّت الفَـوضى واضطـربـت الأمــور، وطبع سلوك عُشـاق كــرة القدم، عادات دخيلة وأساليب مُستَهجنة، شَنيعة، للتعبير عن الإعجـاب أو التدمر، وغـابَ الحِس الوطني في الكثير من حالات الدمار التي تتعرض لها منشآت عامة، أنجزت بأموال الشعب ، لخدمة أولاد الشعب، الذين أصبـحَ بعضهم يُمـارس ساديته بصورة مطلقة على الغير وممتلكات الغير، وحياة الغير أحيانا، دون مانع ولا رادع ، وفي غياب ضمير وطني يفترض أن يضبط سلوك المواطنين في مجتمع متحضر.
ملعب طنجة لم يسد عن قاعدة “شغب الملاعب”، فقد شهد “معارك دامية” خلال مقابلات سابقة، جهوية ووطنية، كمقابلة اتحاد طنجة و جمعية سلا، واتحاد طنجة والنادي المكناسي، ليُؤكّد المُشاغِبـون أن “لا أحد أحسن من أحد” في فضاء كرة القدم الذي تطبعه الفوضى وتضطرب فيه الأمور، ويتحدث النـّاس عن الملايير التي تنفق على الأندية، وعن ميزانيات ضخمة تخصص لهذه الأندية وعن ملايير الدعم الذي تتوصل بها الجامعة وأنديتها، لتكون النتيجة كارثية بكل المقاييس : إلحاق خسائر كبيرة بملعبنا الكبير، وأضرار بالغة بعشبه وكراسيه وتجهيزاته الأخرى، الأمر الذي أحدث ذعرا كبيرا داخل الملعب وفي أوساط السكان المجاورين للملعب، وذلك في أعقاب “ديربي” اتحاد طنجة ـ المغرب التطواني، الذي انتصر فيه المحليون على الزائرين الذين تفجروا غضبـًا، وعـوضـًا أن يتوجهوا باللّـوم إلى مدرب فريقهم أو إلى لاعبي مَغربهم التّطـواني، صَبـّوا جــامَ غَضبهم و وغرهم على تجهيزات الملعب، وعلى سيـّارات المُتفرجين التي أحـرقــوا بعضها وهَشّمُـوا واجهــات أخرى، ورَشقوا القُـوات العمومية بالحجارة، ما تسبب في إصابات بعض الأمنيين، وفرض اتخاذ تدابير صارمة لمواجهة الفوضى العارمة التي انخرط فيه “أولتراس” تطوان و “هيركوليس” طنجة الذين اضطروا للدفاع عن النفس، ولو ان هذا الأمر موكول للسلطات الأمنية التي قامت بواجبها خير قيام، بعد أن فرضت عليها ضَــراوَة المُـواجهة مع “عشاق” فريق أبراو، تدخل فرقة مكافحة الشغب، و استعمال “الوسائل الكبيرة” ومنها خراطيم المياه لتفريق مثيري الشغب ولضمان السير على الطُرُقـات الجــانبية التي حولها “ألتراس تطوان” إلى ساحات حرب خلفية. كما تم اعتقال 19 مشتبها في ضلوعهم في أعمال الشغب الخطيرة الذين سوف يقدمون للقضاء ليقول كلمة العدل في حقهم، بسبب المنسوب إليهم من سلوكات بدائية وأعمال شغب خطيرة، أضرت بالمواطنين وألحقت خسائر فادحة في الممتلكات العمومية والخاصة، ونتجت عنها إصابات في صفوف القوات العمومية وعامة المواطنين الذين قَضوا أوقـاتـًا عَصيبة وسطَ ذُعر عــارم، وخَوف على صِغـارهم وأنفُسهم، في انتظار مُغادَرة الملعب ومحيطه، بعد مقابلة رياضية كان المَفـروض فيها أن تكون “متعة” فإذا بها تنقلب إلى “نكبة!….
هذه الوضعية الكارثية يجب أن تتوقف. يجب أن يقع التفكير الجدي في مواجهتها كظاهرة خطيرة تهدد أمن واستقرار البلاد، وتشعل النعرات المحلية والقبلية داخل المجتمع المغربي الذي لا تنقصه مثل هذه “المنغصات” والمكدرات. إذ لا أحد يجازف بنفسه يعرض حياته وممتلكاته للخطر من أجل مقابلة رياضية نعلم مقدما أنه قد تتحول إلى كوارث.
سؤول “كرة القدم ” يجب أن يطرح وبشكل جدي ومغاير، بعد أن افتقدنا الـ “أفيسيوناليسمو” الرياضي الحقيقي والصادق…