بلاد الكيف
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( الكيف )
الثلاثاء 14 يونيو 2016 – 13:32:25
والجميل في هذه “المشطبة”، أنه صدر عن الندوة “نداء طنجة”, وليس نداء الكيف، أو بلاد الكيف، أو أنصار “تحرير زراعة الكيف” في بلاد الكيف التي حددها بيان ندوة أخرى نظمت مؤخرا، بطنجة كذلك، على أنها تغطي صنهاجة واغمارة، أو ما اصطلح عليه بالعربية “الريف الأوسط”، والوصف للمنظمين الأكاديميين.
“نداء طنجة” “الكيفي” تضمن سبع “توصيات” عملية كان من بين أبرزها دعوة صريحة إلى إلغاء العقوبات الجنائية المترتبة عن “تعاطي المخدرات’ أو المترتبة عن “زراعة الكيف” والعمل على إيجاد بدائل قائمة على التنمية المستدامة. كما تضمن توصيات ذات طابع “وطني” منها توصية تطالب بتعديل ظهير 1974 بهدف رفع التجريم عن زراعة الكيف ومزارعيه.
من حق المتضررين مهنيا وحتى سياسيا من الوضعية الراهنة للكيف، أن يسعوا إلى تصحيح وضعية يخالون أن بها حيفا أو ظلما أو حتى مسا بمصالحهم، والحال أن زراعة الكيف تتطلب تفكيرا عميقا من أجل معالجة تحمي الحقوق والواجبات، وتقطع الطريق أمام كل أنواع الاستغلال السياسي والمزايدات الديماغوجية، ولعل من الأفضل أن تقام الندوات المتصلة بالكيف في “معاقل” الكيف” وليس في مدينة طنجة التي تعتبر “ضحية” من ضحايا مروجي العشبة “المباركة” حين تتم معالجتها و”تزكيتها” و تحويلها من ورقة رطبة “كتبت عليها وثيقة استقلال أمريكا”، إلى مخدر صلب يفتك بدماغ المستهلك ويدفع بآلاف المعتوهين إلى الشارع، وهو ما نلاحظه اليوم في مدينة طنجة، التي أصبحت مرتعا للمتسكعين والمجنونين و”المسيفين” ومتعاطي السيلسيون، وقطاع الطرق ، ولا يمكن الإقرار بأن لا علاقة للكيف الكتامي المعتق بهذا الوضع.
وهاهي ندوة أخرى تنظم بطنجة، من طرف “كنفديرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية”، بتنسيق مع “جمعية أمازيغ صنهاجة الريف”، ومختبر الدراسات والأبحاث في التنمية، لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وفريق البحث حول الاقتصاد والمالية والتنمية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، بمشاركة نخبة من الأساتدة الجامعيين والأطر وممثلي المجتع المدني بنطقة صنهاجة.
وحسب بيان المنظمين فإن برنامج الندوة تضمن تنظيم جلسات عمل ثلاث: -إحداث عمالة بمنطقة صنهاجة الريف ورهانات التنمية – الكيف وانعكاساته البيئية والاقتصادية والاجتماعية على منطقة صنهاجة الريف – الحقوق اللغوية والثقافية والاجتماعية لمنطقة صنهاجة الريف.
وقد صادق المشاركون على “نداء” استوطنوه، هم أيضا ، بطنجة، كما فعلت ندوة إلياس العماري، حددوا في مضمونه المنطقة الجغرافية التي تعنيهم، وهي صنهاجة واغمارة، “المرتبطة بطريقة مباشرة بزراعة الكيف” حيث أكدوا “أن طرح الموضوع للنقاش يدخل في إطار مقاربة المسالة التنموية ببلاد الكيف من منظور شمولي والبحث عن تحقيق تنمية مجالية عادلة تستهدف الإنسان”، وأن اختيار منطقة صنهاجة الموجودة غرب إقليم الحسيمة كأساس لمناقشة المسالة التنموية ببلاد الكيف جاء لكون هذه المنطقة شكلت منطلق المطالبة بنهج سياسة تنموية تشاركية قائمة على تنمية الفلاح البسيط.
ولذلك صادقوا على مجموعة من التوصيات، كان من أهمها ضرورة إحداث عمالة صنهاجة كمدخل أساسي وضبط وتنظيم زراعة الكيف، وإلغاء معاقبة المزارعين بعد تعديل ظهير 1974 وإحداث وكالة تنمية الريف. كما طالبوا بالنهوض ببلاد الكيف وتمكين سكانها من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الحرص على إشراك المجتمع المدني الصنهاجي ونخب صنهاجة في عمليات التخطيط للسياسات التنموية التي تهم المنطقة.
وعلى المستوى الثقافي طالب المشاركون بالاعتراف بالمكون اللغوي والثقافي الأمازيغي لصنهاجة السراير كجزء من الثقافة الأمازيغية وإدراج المازيغية الصنهاجية بوسائل الإعلام العمومية مع جرد وترميم المآثر التاريخية للمنطقة وتصنيفها وتأسيس منتدى أطر صنهاجة والمطالبة بإنشاء منتزه وطني لتدرغين.
الملاحظ أن من هذه التوصيات ما يخص الدولة، ومنها ما يخص الحكومة ومنها ما يرتبط بالهيئات المعنية مباشرة بالموضوع. وإذا كان إحداث عمالة صنهاجة، وتنمية المنطقة من الأمور التي تخص الحكومة فإن الاعتراف بالمكون اللغوي لأمازيغية صنهاجة يمكن أن يحدث “شرخا” عميقا في مشروع اللغة الأمازيغية “الاعتبارية” الذي يدعو له الدكتور أحمد بوكوس. حقيقة إن العديد من أهل الريف اعتبرا أن هذه اللغة “الاعتبارية” “تحابي” لهجات تعتبر أكثر “نفوذا” داخل اللغة الأمازيغية، إلا أن المطالبة ليس فقط بالاعتراف بالمكون اللغوي الصنهاجي الريفي ، وهو أمر مفروغ منه انطلاقا من الإعتراف الوطني باللغة الأمازيغية كمكون أساسي من مكونات الهوية المغربية، إلا أن مسألة إدراج الأمازيغية الصنهاجية في وسائل الإعلام قد يصعب تصوره لأن ذلك قد يدفع إلى “تشتيت” اللغة الاعتبارية باستعمالات غير منظمة ومتحكم فيها للهجات الأمازيغية المختلفة بالشمال والوسط والجنوب.
على أي، غير خاف أن التركيز على طنجة، عند تنظيم الحملات الريفية لصالح الكيف ومزاريعه ، مرجعه إلى الاستفادة من موقع هذه المدينة التاريخي وإشعاعها الدولي عبر وجود العديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية وانخراطها في مخطط تنموي كبير. إلا أن طنجة لا يربطها بالكيف لا خير ولا إحسان.
ولعل بلاد الكيف هي الأنسب لتنظيم مثل هذه الندوات . !!!”!!!…..
الصحافة بالمغرب : لا “جَهنّم” ولا “جنّةُ عدن” !…
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com