البـاكـالوريا خدعة.. كما الحرب تمامـًا!..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( معركـة البـاكـالوريا )
الثلاثاء 14 يونيو 2016 – 10:54:12
وعوض أن يكون التنـافُس بين التلاميذ على التحضير الجيّد للمَواد التي سيتم اختبارهم فيها، صار التنافس على اقتناء آخر صَيحـات عـــالم التكنولوجيا، التي تستخدم لنقل المعلومات وتسريب المعطيات…
بات واضحا اليوم أن الدولة استشعرت خطورة ظاهرة الغش في اختبارات الباكلوريا، التي اتخذت منحى لم يعد بمقدور أي كان التكهن بتداعياته على أكثر من صعيد…
ولذلك قرّرت الدَّولة أن تتجَنّد بجميع الوسائل الممكنة، التربوية منها، وخصوصا الزجرية وحتى الأمنية، بهدف إعادة الحد الأدنى من المصداقية لشهادة تعليمية، يفترض أنها المدخل لأي مسار تكويني أو مهني للتلميذ المغربي…
غير أن المُرعِب في هذا المـوضـــوع، هو أن فئات عريضة من تلاميذ الباكالوريا أصبَحت تعتبر اللّجــوء إلـــى الغش أمـرًا مَطلـوبــًا، بل مشرُوعـــًا، ما دامَ ذلك يَمنحهم الفُرصة للحُصــول على مُعدلات أعلى، تُمكّنهم من وُلــوجِ كُبـريــات المَعـاهد والمدارس العليا…
الغاية تُبَـرر الوَسيلة…
إنّه شِعـار المـرحلة…
التلاميذ صــاروا مـؤمينن بأنّـه مـا دامت غــايتهم هي تحقيق أعلى معدل من النقاط، فإن جميع الوسائل مباحة…
وكأنَّهـا حــرب مفتوحة تبيح للمتحاربين استعمال جميع الوسائل..
و جميع الخُطَط..
و حتّى الخدع أيضا..
المهم هو ربــح المعركة…
تابعوا التعاليق على صفحات الفايسبوك هاته الأيام…
التلاميذ يدافعون عن حقّهم في الغش، بل يقدمون مُرافعات قَويّة من أجلِ تبـريــر أفعــالهم…
منطقهم بسيط و واضـح :
لماذا تُحـاربــون غش التـلاميـذ ؟…
والحال أنكم تتَغـاضـون عن كِبــار الغَشّـاشيــن، الذين يَنهَبُـون خيرات الوطن، ويعيثون في البلاد فسادا!…
إما أن تحاربوا جميع مظاهر الغش والفساد في الوطن، أو تمنحوا الحق للجميع في أن يحقق أهدافه وطموحاته بأي طريقة، وبأي وسيلة…
أ حلال عليهم وحرام علينا؟!…
الأفظع من ذلك أن العـائـلات صارَت شريكــًا رئيسيًا في الغشِ مع أبنـائهـا، بل لم تعد تتحرج في مساعدة “فلذات أكبادهم” على وضع تخطيطات محكمة للغش في الاختبارات…
و المصيبة، أنه في حالات كثيرة تم ضبط أبناء أطر عليا، وشخصيات لها وضع اعتباري في المجتمع وهم في متلبسون بالغش..
بل تجد أولياء أمور، من علية القوم يا حسرة، على بينة مما يقدم عليه أبناؤهم!…
يجب الاعتراف أن اختبارات الباكلوريا ما هي إلا انعكاس لواقع الفساد الذي بات ينخر مفاصل المجتمع…
لقد أصبحت شرعنة الفساد، والتصالح معه نقاشا علنيا، له أنصاره والمدافعون عنه…
لهم منطقهم..
و وسائل إقناعهم..
لا يمكن لإدارة أن تَفرضَ النَزاهة والشفافية وهي منخــورة بـالمحسوبية والـزبــونية…
حتّى المِهَن الحُرّة، حيث النُخَب التي يعتمد عليها الوطن لإنجاز رِهان التّنمية والتقدم، يَنخرهـا الفَساد…
كيف لدولة أن تقنع مُــواطنيها بقيم النــَزاهة والشرف، والفساد مُستشرِ في مُختلف مَفـاصــل قطـاعـاتها ومَصـالحهــا ؟!…