أريد مولودا ذكرا
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( التعدد و القضاء )
الأربعاء 29 يونيو 2016 – 11:52:41
والحكمة في مثلِ هذا التصَـرُف “الحَضــاري” هو أن نأخُــذَ بـــالأحكام كما هي دون أن ننبس ببنت شفة في مضمونها احتراما لهيبة القضاء، ثم نسلك صراط الطعن عبر قنواته المعلومة، صراطـا أرق من شعرة و أمضى من سيف، حتى إذا بلغنا ذروة المنظومة، لن يبق لدينا إلا طريق واحدة مفتوحة على كل الاحتمالات !
لقد كنتُ، لسَنوات، واحدًا من “المُولَعيــن” بالمَحـاكــم، حَتَّى كِدت أن أحفِظ فُصـول وبُنــود القـانـون الجنـائـي عن ظَهر قلب، بل إنَّني كُلّمــا اشتبهَ عليَّ الأمر، في تتبع مرحلة محاكمة ما، أكتب استفسارا على ورقة صغيرة وأطلب من عون المحكمة أن يضعها تحت أنظار الوكيل العام أو نائبه الذي غالبا ما كان يخط لي الجواب على نفس الورقة وينظر إلي مما أفهم منه أن الجواب جاهز.
ولعي بالمحاكم جعلني أتوقف عند قرار صادر من محكمة لصالح مواطن يرغب في التعدد.
هذا الموضوع لا يحتاج إلى حكم قراقوش ولا إلى حكمة كونفوشيوس ، فالفصل في قضية التعدد جاء مع الوحي، إلا أن “المدونة” رعيا لحاجات الناس المتجددة ، “قزبت” الراغبين في التعدد، بحيث لا يصبح مدعاة إلى الاستهتار بحُقــوق النساء على حساب الشهوات، وعدم الرضا بـ “واحدة” و ما ملكت أيمانهم !
الرجل أقنعَ المحكمة بأنه مُستَوف لكُل الشُروط بما فيه المبرر الموضوعي والاستثنائي والتوفر على الموارد المالية الكافية لإعالة أسرتين، فقضت لصالحه بنقض الحكم الابتدائي والاستئنافي وأطلقت له اليد في “التعدد” الذي يعتبر حقا قانونيا ولا يمكن منعه طبقا لمدونة الأسرة إلا في حالتين اثنتين، الخوف من عدم العدل بين “الزوجات” هكذا بالجمع، ــ وهو أمر إلهي ــ ووجود شرط من الزوجة الأولى بعدم التزوج عليها إلى جانب رفض الزوجة الأولى الإذن لزوجها بالاقتران بأخرى، وهو اتفاق مدني. !…
إلى هنا والأمر طبيعي ولا يثير إي استغراب. فالتعدد أصلا مباح بالقرآن والحديث، يضاف إليه “ملك اليمين” ، وبالتالي فالرجل ليس له ما يضيره في هذه الباب، ورغبته في “الانتقال من شيء لشيئ” “ومن وردة لأخرى (الشاعر الفرنسي “رونسار” 1524 – 1585)، حق ثابت لا يوجد ما يشوبه.
وإذا، فما موطن الغرابة في أن تقضي محكمة مغربية بجواز التعدد لمغربي مسلم حنفي معتد بحقه في التعدد والتمتع، خاصة والرجل، في بعض شعوب الله المتخلفة، لا يقنع بواحدة، ولا يرضى ب “جارية” واحدة، ولا يخفي حنينه إلى “مثنى وثلاث ورباع”.
موطن الغرابة هو أن هذا الرجل يرغب في التعدد لأن زوجته لم “تلد له” إلا البنات. وأن رغبته بمولود ذكر، أمر مشروع ولا يوجد ما يمنعه لا شرعا ولا قانونا. هذا كلام واضح وقانوني.
أما الكلام الغير منطقي ولا علمي، هو أن المرأة لا “تصنع” ما تلد. البنات هو من وضع كروموزوماتهن وأنزيماتهن وجيناتهن في “قرار مكين” رحم زوجته التي كان دورها أن تحتضن الوافد عليها إلى أن يتحول من نطفة إلى علقة إلى مضغة. ثم تكسى المضغة عظاما والعظام لحما “ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ”. صدق الله العظيم.
هل مبرر الرَّغبة في مولود ذكر أو مولودة أنثى ، تبرر، أخلاقيا، أن يتخلى زوج عن زوجته لمعانقة أخرى، طمعا في ولد؟ حتى وإن قبلت الزوجة الأولى، ولا أحد يجهل كيف يمكن أن تقبل أي زوجة ب “اقتسام” زوجها مع أخرى.
ثم من يضمن لهذا الزوج أن تَلِدَ لهُ الزوجة الثانية والثالثة والرابعة، مولودا ذكرا.
وما ذا عن زوج رزق ذكورا و إنـاثــًا، ورغب في توأم ؟…… !!!”!!!…..
وشَهد شَاهد من أهل الدّار !..
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com