” الحَذَرمن العمْ سامْ”
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( آراء )
الجمعة 13 ماي 2016 – 10:22:07
تَعاقبت العُصور و جُرِّبت في النـّاس “نظريات” متنوعة و بقيت أخرى عـالقة في أذهانِ أصحابها قبل ان يتبيّن لهم “الوضع الأسود” من بُلُــوغ ضــالة العدالة .!
الوقائع “الاجتماعية” أكّدت، على مر العصور، أن العدالة بين البشر غاية يستعصي إدراكها و يصعب نيلها، فقد ظلت المجتمعات، مع توالي الحقب، تضم الفقراء كما الاغنياء، الأقوياء كما الضعفاء، والأذكياء كما البلداء، وبقيت “المساواة” حلما يراود الحالمين بجنات الخلد.!
و كما الحال بين الأفراد و الطبقات داخل المجتمع الوطني، فإن الوضع عينه يسري على الدول في “مجتمعها الدولي”، فالصراع فيه سنة مؤكدة و مبدأ قائم، الغلبة فيه تؤول للقوي و لا يدركها الضعيف أبدًا.
الدول في هذا “المجتمع” صِنفــان لا ثالث لهما : عظمى توفرت لها أسباب القوة و الجبروت و أخرى متهالكة، لا تملك من أسباب النجاح إلا العدم، و الواحد عندما تُكتب له أسباب القوة و الثراء فلا يثنيه عائق عن بلوغ مآربه، أما الفقير الضعيف فلا ينال مُراده إلا لو رُفعت عن مسلكه جميع العوائق، و كذلك حال الدول، فامريكا مثلا، كدولة عظمى لا تخطئها العين، لها اقتصاد العمالقة و عملة عالمية، وفوق هذا و ذاك، لها جيش عرمرم خماسي مزود بسلاح لا يبقي و لا يذر.
و بهذه الصورة، فلا يُعقل، من جهة المنطق السليم، أن تُرى دولة مثل هذه تعجز عن بلوغ غاياتها و مقاصدها، وهي غايات مصلحية لا تُخفيها عن العالم، فهي لا تخشى أحدا، بل إنها لخّصتها في عبارة قصيرة :”لا صداقات دائمة و لا عداوات دائمة، بل فقط مصالح دائمة”.
مع بداية “أزمة” المغرب مع “الأمرد الأممي” بدا أن المصالح الدائمة للامريكان بإمكانها أن تصبح سببا “معقولا” للإضرار بمصالح بلد ظــل يعتبره حليفــًا له على امتداد عقود، و هكذا لم ير الأمريكان حرجا في تقديم مشروع إلى مجلسها الأمني، المرابط في “يورك الجديدة”، قد يضع المغرب، الذي علمنا من حصص التاريخ المُدَرَّس في معاهدنا أنه أول بلد اعترف باستقلال “الميريكان”، في ورطة ديبلوماسية قد لا تُحمد عقباها، و كان ذلك بمناسبة ممارسة سِيادته على الصحراء التي اعتبرها “بان الأمرد” احتلالاً، فيما يحجم الكل عن وصف الأمريكان بصفة المُحتّل و هو يُنـزل جيشه الجبـــار على بُلْدان تطل|عت للاستقلال عن قِوى مُعـادية، فهو، بإجمـاع الجميع، مجرد حامٍ للديموقراطية، و لا يُعقل وصفه بالمحتل، وفضلا عن ذلك فهو الاقوى بين اقرانه!
لقد بَدا جليًا، خلال ازمة “المينورسو”، أن المغرب تَراـَخى، او بالاحرى تكاسلَ، عن مراجعة دروس التـاريخ برويَّةٍ و تمهُّل، و يستخلص منها العِبَر، ولعلَّ الدرس الأعسَر بينها هو ” الحَذَر من العَمْ سامْ”..!