ادعاء الاختلال العقلي للهروب من العقاب .. ظاهرة تغزو ساحة الجرائم بالمغرب
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( ظاهرة التهرب من العقاب بدعوى المرض النفسي والعقلي )
الثلاثاء 03 ماي 2016 – 10:40:37
• “ليس كل مَـرض نفسي جُنــــونــًا.. وليس كل مريض نفسي يعفى من العِقـــاب “
«عديمو الضمير» يتذرعــــون بـ «المرض النفسي» للتهرب من المسؤولية القـانـــونية!
المختصون – من مُحــامين ومستشارين نفسيين – وجدوا أن ظاهرة ادعاء المرض النفسي للهرب من الجريمة المرتكبة باتت تسطو على ساحات الجرائم ، خصوصا المروعة منها ، وقد تحدث المختصون بأرقام مهمة مما جعلهم يجزمون أنه انعكاس طبيعي لواقعنا الاجتماعي، فهل من الممكن أن يتهرب جانٍ من الحكم الذي يستحقه حينما يثبت أنه مريض نفسي غير مسؤول عن سلوكياته؟، وإذا سلّمنا أن مدعي المرض النفسي ماهر في تمثيل حالة المرض النفسي ولديه خبرة بكل خبايا المرض النفسي الذي يدعيه، فكيف من الممكن أن يكتشف الطبيب الموكل إليه بفحص حالته النفسية من التأكد من توازنه النفسي والخروج بحقيقته دون أدنى شك.
في البداية تحدث أمين الفوهامي -أستاذ علم الاجتماع- عن العوامل التي تدفع الشخص أو تدفع أقاربه وأصدقاءه إلى التحايل واللجوء إلى حيلة المرض النفسي، وقال: «إنها نسيج معقد من الأعراف والتقاليد والعادات الاجتماعية التي تلازمنا وتفرض حضورها بقوة وتؤدي في بعض الأحيان إلى نصرة المجرم، أو المخطئ بحكم القرابة وبغض النظر عن نوع وحجم الجرم الذي ارتكبه؛ فتجد أشخاصاً ملتزمين بتعاليم الشريعة الإسلامية طول حياتهم، يتحولون بشكل مفاجئ إلى الكذب وتزوير التقارير الطبية وشهادة الكذب من أجل إخراج ابن القبيلة أو ابن العائلة أو ابن المنطقة أو حتى الصديق من ورطة قد تصل به إلى السجن، مشيراً إلى أن التهرب والتحايل الذي يمارسه البعض من خلال ادعاء المرض النفسي الذي يصدر دائماً من المجتمع ومن خلال وسائل الإعلام، وغيرها، هو في الواقع ممارسة للتضليل وعدم المصداقية وجنوح نحو المثالية التي ندعي من خلالها أن هناك نوعاً من الجرائم لا تحدث في المجتمع المغربي، ولذلك نلجأ إلى تبرير المرض النفسي لمن يرتكبون جرائم بشعة مثل من يجهز على أحد أفراد أسرته، أو يضرب أحد والديه، أما لجوء الشخص نفسه باعترافه بأنه مريض نفسي فهو أمر نادر الحدوث بسبب الوصم الاجتماعي المصاحب للمرض النفسي بشكل عام.

وأضاف: أن الشخص يلجأ للمرض النفسي من أجل كسب تعاطف المجتمع؛ فدائماً ما يكون السبب في لجوء الشخص إلى القبول بدعوى الآخرين من حوله بأنه مريض نفسي؛ هو من أجل الهروب من العقوبة القانونية المترتبة على سلوك معين، أما عن واقع العلاقات بين الناس والتي تدفعهم إلى البحث عن مصالحهم الشخصية حتى وإن أضطر البعض للتحايل واستغلال وظيفته من أجل علاقات شخصية أو رشوة.
وأشار إلى أن الأشخاص الذين يستغلون مناصبهم أو مهنهم أو علاقاتهم الاجتماعية من أجل تزييف الحقائق واستخراج تقارير طبية غيرصحيحة يجب أن ينظر اليهم على أنهم مجرمون، وشركاء في الجريمة، ويفترض أن يكونوا شركاء في العقاب، وهذا يعكس خللاً أخلاقياً لدى البعض، يوضح التدني في الوعي الاجتماعي بحقوق الفرد والمجتمع، فضلاً عن انه تجاوز قانوني خطير، ينتج عنه ضياع لحقوق الناس، وتستر على المجرمين وتمهيد الطريق أمامهم لارتكاب جرائم أخرى أكثر خطورة.
يؤكد استشاري الطب النفسي الدكتور أحمد بناني، على أن الطب النفسي المسؤول عن كشف حالات مدعي المرض النفسي من قبل مرتكبي الجرائم يسمى «الطب النفسي الجنائي»، حيث لا يتم التصرف بتشخيص المصنف بأنه مريض نفسي أو أنه سليم مع وجود بعض الاضطرابات النفسية، إلاّ بعد مراقبته وأخذ معلومات وافية عن حالته لإثبات أنه مريض نفسي، حيث يتم معاينة المريض بالجلوس معه والتحدث اليه، ثم من خلال أيضاً سؤال أسرته عن حالته النفسية لأخذ تاريخ حالته وشخصيته ومدى قدرته على ارتكاب الجرم وإقدامه على ذلك؛ فجميع تلك الأمور يتم جمعها والتوثق منها قبل أن يحكم عليه بأنه عليه مسؤولية ارتكابه للجريمة أو يغرم بها.
وقال: «إن افتعال المرض النفسي والتمثيل بأنه مختل نفسي ممكن حدوثه، أما عن احتمالية عدم اكتشاف الطبيب النفسي بأنه يدعي المرض فإن ذلك يعتمد في المقام الأول على مدى براعة الطبيب النفسي، وقدرته على اكتشاف المرض حتى مع من يدعيه، وذلك من خلال معرفته بنوع الحالة، ومعرفته بالمريض، وكذلك من خلال فهم المريض لكل ما يدور حوله، ويحدث ذلك بدرجة تركيز عالية في الحالات الجنائية التي تتطلب من الطبيب الحذر والتركيز في مرض الجاني النفسي بسؤال مدعي المرض النفسي عدة أسئلة؛ للاستيضاح من قدراته العقلية والنفسية حتى لا يهرب من عقوبة الجرم، خاصة بأن هناك من مرتكبي بعض الجرائم من يلمون بجميع السلوكيات التي تظهر على المريض النفسي؛ فيلمون بها ويكونون على دراية كبيرة بما ينتج عنها من أحاديث وسلوكيات حتى يقنعوا الطبيب بأنهم مرضى نفسيون، ولذلك فإن الكشف عن حقيقة مرضهم النفسي يعتمد على المريض وعلى براعة الطبيب المطلع على الحالة.
وأضاف: إن محاولة إقناع أسرة الجاني لإقناع الطبيب بأنه مريض نفسي لتهرب من محاكمته، فإن ذلك وإن حدث فإن الحالات النفسية المتعلقة بحالات جنائية لا يتم عرضها على أي قطاع صحي غير متخصص، بل يتم إرسالها إلى أقسام الطب الجنائي الحكومية والمتمثلة في الصحة النفسية ، وهي مؤسسات تحتوي على أقسام جنائية تتعامل مع المحاكم والقضاء بشكل مباشر، حيث تصدر تقارير رسمية عن حالة مرتكبي الجرم.
الجرائم التي أصبحنا نشهدها بالفترة الأخيرة أو بالأحرى بالسنوات الأخيرة بالمغرب ، زوج يذبح زوجته و يرجع ذلك الى الخيانة الزوجية ليفلت من عقاب مشدد ، ابن يجهز على والديه و أفراد أسرته بدم بارد ثم يدعي الجنون و الاختلال العقلي ، و هو و بشهادة جيرانه شخص يتعاطى الحبوب المهلوسة و التي جعلته يتجرد من انسانيته كانسان، آخر يذبح أمه ثم ينتظر رجال الشرطة بباب المنزل و بالآخر يدعي هو ايضا الجنون ،،،، عديد حالات تجعلنا نستغرب لما وصل اليه حال أبناء وطننا ، ضياع و شتات و فقد للقيم الأخلاقية و مبادئ الانسانية .
يقاس رقى وتقدم الامم والمجتمعات بمقدارما تتمتع به من ضميروأخلاق، كما يقاس بالعلم والتقدم التكنولوجى، فعن جَابِرٍرضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا….
الفقد هو شعور صعب على النّفس ، ضياع للذاّت وتشتت لها ،هذا الشعور لا يعرفه إلاّ من ذاق شيئا منه وتألم بوخز شوكه.
كيف لو كان هذا الفقد ” للإنسانيّة ” ،فتُرمى تلك الصفات الساميّة وتُجرّد من أرقى الأخلاق ،فتُباع الضمائر بأبخس الأثمان وتموت الشّهامة ،في أيّ بنْد من بنود الحياة يُدوّن هذا الفقد !
في أيّ خانة ُيضاف ! في أيّ طريق يُمكن البحث عنه !
تلك الإنسانية التي يوجد من وضعها على هامش الحياة ، ليعيش وفق معطياته الفاسدة ظنًّـا منه العيش حياة هانئة ،ألا يظن بهذا التّجرد أنه فقد نفسه وأصبح متخبط الخُطى ، فاشل ومُتشتت الفكر ؟
فكيف تظنّ أيها الإنسان أنك حاملٌ لهوية الإنسانية……