أسطول من 24 باخرة لتأمين وصول ”مغاربة العالم” خلال عملية “مرحبا 2016”
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( مغاربة العالم” خلال عملية مرحبا (2016) )
الثلاثاء 17 ماي 2016 – 12:08:34
• الهلال الأحمر المغربي أول من فكر في تنظيم عملية العبور سنة 1979 .
بعد لقاءات عديدة بين مسؤولين مَغــاربة و اسبــان في إطار اللجنة المشتركة المغربية الأسبانية المكلفة بتنظيم عملية عُبــور مَغـاربة العـــالم بين ضِفَتي البُـوغــــاز، لهذه السنة، أعلنَ الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بـــالخــارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، أنه تمّ إعداد أسطول بحري من 24 باخرة من أجل تأمين نقل المغاربة الوافدين عبر موانئ جنوب فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وبعض موانئ شمال المغرب خاصة ميناءي طنجة، خلال عملية “مرحبا 2016” التي تنطلق عند منتصف شهر يونيه من كل عام.
وإلى جانب ذلك، سيتم تفعيل الشباك الخاص بمغاربة العالم داخل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، الذي تم إحداثه بمنشور صادر عن رئاسة الحكومة، العام الماضي. كما سيتم إقامة ديمومة بالوزارة المكلفة بمغاربة العالم، سواء على مستوى المصالح المركزية أو الجهوية وأيضا بمختلف الإدارات الأخرى، حيث يمكن لمغاربة المهجر الحصول على المعلومات والإرشادات التي يحتاجون إليه وأيضا على المساعدة الإدارية والقانونية التي يرغبون فيها طيلة إقامتهم ببلادهم.
وعلى مستوى الجمارك، تم الإعلان عن إجراءات جديدة في إطار عملية العبور منها إحداث مصالح جديدة متخصصة بهدف تحسين ظروف الاستقبال ، وتعزيز الموارد البشرية لمواجهة حاجيات وطلبات الوافدين ، إضافة إلى القيام بإجراءات القبول المؤقت للسيارات الشخصية على متن البواخر، ربحا للوقت وتعزيزا لسلاسة عملية العبور.
من جانب آخر، تم تأكيد تجند جميع المصالح المعنية ،من أجل الاستجابة لرغبات وشكايات مغاربة العالم مباشرة أو عبر تفعيل خط هاتفي مباشر يوضع رهن إشارتهم ، إضافة إلى حصولهم على منشورات ومطبوعات إعلامية تخص مختلف جوانب عملية العبور وإفادات حول طريقة معالجة قضاياهم لدى المصالح اإدارية المختصة.
ومعلوم أن عملية السنة الماضية تمت في ظروف حسنة، بعد أن تم “تعويض” البواخر المغربية التي بيع معظمها بالمزاد العلني في موانئ أوروبية، بسبب “قلة الدين” ، ببواخر أجنبية في الغالب، تهافت أصحابها على ميناء طنجة طمعا في اقتسام كعبة مغاربة العالم، مع الشركات الاسبانية المهيمنة على الملاحة التجارية بالبوغاز.
عشر سنوات “أوروبية” للهلال الأحمر المغربي في خدمة “مغاربة العالم”
وللتذكير، فقد كان لمنظمة الهلال الأحمر المغربي فضل السبق في تنظيم أولى عملية العبور بفضل مبادرة جريئة اتخذها أحد قياديي المنظمة ، الدكتور محمد النشناش، الذي كان يتولى أيضا مهام إدارة شؤون الهلال الأحمر بطنجة والشمال، حيث عمد إلى الاتصال بالسلطات الإسبانية والحصول على إذن بإقامة “مخيم” بميناء الجزيرة الخضراء ، سرعان ما تحول إلى مركز كبير لاستقبال مواطنينا المقيمين بالخارج، الذين كانوا يواجهون معاناة قاسية، بسبب قلة البواخر وانعدام الاهتمام بهم من طرف السلطات المغربية حيث كان يطلق عليهم رسميا اسم Les TME (العمال المغاربة بالخارج)، ليحول الهلال الأحمر المغربي هذه التسمية إلى Les RME ( المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج).
ونظرا لتحكم الدكتور النشناش في اللغة الإسبانية، اعتبارا لأنه درس بهذا البلد، وعمق معرفته بتاريخ وثقافة وحضارة الأسبان،، فقد نجح في كسب ثقة السلطات الاسبانية وخاصة إدارة الوقاية المدنية التي كانت شريكة للهلال الأحمر المغربي في تنظيم هذه العملية، التي انطلقت سنة 1979، وكان مسؤولو الوقاية المدنية الاسبانية ، تستجيبون لرغبات مسؤولي خلية الهلال الأحمر المغربي ، الذين استطاعوا، في ظرف وجيز، أن يكسبوا مركز الجزيرة الخضراء صفة شبه دبلوماسية حيث يرفرف فوقها العلم المغربي والإسباني باستمرار وطيلة العملية، وتقام به احتفالات بالمناسبات الوطنية، خاصة أعياد الاستقلال والعرش، يدعى لها عمدة المدينة ، والسلطات المحلية إدارية وقضائية ، مدنية وعسكرية ، وأعداد كبيرة من ممثلي الصحافة المحلية والوطنية ومن جمعيات صحافيي الأندلس، ويقع خلالها تبادل الخطب بهذه المناسبات ، تمجيدا للعلاقات بين البلدين.
وفي هذا الإطار، نجح الدكتور محمد النشناش في استقطاب كوكبة من الأطباء في مختلف التخصصات، والممرضين والممرضات، من مدن الشمال ومن مدن الجنوب بالرغم من عائق اللغة بالنسبة لهؤلاء، حيث كان عدد عناصر التأطير الإداري والطبي واللوجيستي يفوق المائة وخمسين عنصرا من المتطوعين والمتطوعات، يسهرون على استقبال الوافدين على هذا الميناء من المهاجرين المغاربة، وعلى توفير العديد من الخدمات الطبية والإسعافات التي كانت أحوالهم تتطلبها، خاصة وأنهم كانوا يقطعون آلاف الكيلومترات بين شمال وجنوب أوروبا، دون توقف، وفي ظروف صعبة، الأمر الذي كان يعرضهم للعديد من المخاطر الصحية الناتجة عن قلة النوم وعن التغذية السيئة، خاصة الأطفال والرضع. وهو ما كان فريق أطباء الهلال الأحمر والممرضات والممرضين، يواجهونه بكثير من الحكمة و الحزم، ويعملون على مواجهته، بالليل والنهار، وبإمكانيات مادية متواضعة، حيث أن قلة البواخر آنذاك كانت تجبر الوافدين على ميناء الجزيرة الانتظار بهذا الميناء لما يفوق الخمسة أيام في المعدل.
وإلى غاية سنة 1989، شهد مركز الهلال الأحمر المغربي بالجزيرة الخضراء نشاطا هائلا على مستوى استقبال مغاربة العالم وتوفير العلاج لهم بدون مقابل، سواء داخل مصحة المركز أو بالمستشفيات الإسبانية، كما أن المسؤولين الإسبان كانوا لا يتأخرون في تقديم الدعم اللوجيستي للمركز المغربي واستشارته في كل ما يخص الجانب التنظيمي لعملية العبور، كما أنه ونظرا للاكتظاظ الهائل الذي كان ميناء الجزيرة الخضراء يشهده، استجابت السلطات الاسبانية إلى طلب خلية الهلال الأحمر وقامت بتشييد فوق مائة حمام وبيت للنظافة، داخل الميناء ومساحات كبيرة مغطاة لوقوف السيارات وباحات للاستراحة، تتوفر على أكشاك لعرض مواد التغذية السليمة ومقاه وأماكن للعبادة ومربعات للترفيه عن الأطفال.
وإضافة إلى مهامه الإدارية، في تدبير شؤون المغاربة الوافدين على ميناء الجزيرة الخضراء، كان الدكتور النشناش يسهر شخصيا على الجانب الصحي والطبي للوافدين وعائلاتهم وتوزيع المياه المعدنية و حليب الأطفال للعائلات المرفقة بأطفال رضع، والتدخل لصالهم لدى الساطات الاسبانية، كما نجح في إقناع المسؤولين الأسبان بإنشاء مراكز للاستراحة على طول الطرق من الحدود الفرنسية إلى الجزيرة الخضراء ، عهد بتأطيرها إلى متطوعين شباب وعلى رأسهم المؤطر الوطني السيد الحوضي .
عشر سنوات، إذن، ما بين 1979 و 1989، قضاها متطوعو الهلال الأحمر المغربي ، بإدارة الدكتور النشناش، في العمل الجاد والمثمر فوق التراب الاسباني والأوروبي خدمة لمغاربة العالم ، بإمكانيات ضعيفة ، ولكن بإرادة صلبة، وإقبال هائل على التطوع تضامنا مع مغاربة العالم الذين كانوا يقاسون الأمرين من أجل صلة الرحم مع أهلهم وذويهم بالمغرب ، في لامبالاة تامة من طرف المسؤولين آنذاك، إلى أن تولت السلطات الاسبانية الإشراف المباشر على العملية ، سنة 1990، وتأسست منظمة وطنية لاستقبال مغاربة العالم بإمكانيات ضخمة وأعداد كبيرة من الموظفين والموظفات، الأمر الذي سهل بشكل كبير انتقال مواطنينا من بلدان إقامتهم إلى بلدهم المغرب، في ظروف مريحة، خاصة وقد انتقل عدد البواخر من ثلاث أو أربع إلى 24 هذه السنة، والأهم أن يتحقق لمواطنينا عبور سعيد وأن يشعروا أنهم ، فعلا، مرحب بهم، حين يصلون، وطيلة مقامهم في بلدهم، وإلى مغادرتهم، وأن تنتهي ، وإلى الأبد، “المتاعب” التي يعبرون عنها حين لقاءاتهم السنوية مع ولاة وعمال أقاليمهم، والتي تصادفهم حين يلجؤون إلى بعض الإدارات العمومية.
مرحبا بمغاربة العالم ……
في انتظار أن يحصلوا على حقوقهم السياسية كاملة، تلك التي تؤهلهم للمشاركة في الانتخابات ، مترشحين ومصوتين، وهي حقوق يفرضها الدستور، ويطالب بها العديد من الحساسيات السياسية الوطنية، وتتحفظ بشأنها بعض “الخلفيات” المشبوهة.