ممتهني الصحافة بالمغرب عامة و طنجة على وجه الخصوص …. بين الحرية المنشودة و الارتزاق المبتذل
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( كاريكاتير نواف الملا)
الثلاثاء 17 ماي 2016 – 11:39:11
.
يقومون بكُـلّ شيء، وأي شيء، لايهمهم أن يكون ما يَقـومـون به قانــوني وشرعي أو غير ذلك، لا يهمهم أن يكون العمل شريفاً أو مشبوهاً، غرضهم الوحيد هو الحصول على المال مهما كانت الطريقة، “يتصيدون” ضحاياهم من أعيان الجهة، من برلمانيين، ومستشارين جماعيين، ورجال الأعمال، وحتى من بعض النصابين والمحتالين أنفسهم.
إلى جانب هذه الأعمال الدنيئة التي يقومون بها في واضحة النهار، دون خجل، لأنه لم تعد لهم كرامة يخافون عليها، يقومون بعمل هام في “واضحة” الليل وفي الخفاء، ويتعلق الأمر بالجانب المخابراتي ، حيث يتجسسون على كل الناس، وفي مُقدمتهم الصحافيون الشرفاء والنزهاء، يرفعون التّقـــارير إلى الدوائر الأمنية والترابية والإدارية، والنقــابة الوطنية للصحافة المغربية، وحتى إلى وزارة الاتصال، من أجل الإساءة إلى مَـاضيهم ، وتلطيخ سمعتهم بتقارير مُزَيّفة، لا تمس في الحقيقة شعرة واحدة من سمعة أصحاب الأقلام القوية، لأنهم يحترمون أخلاقيات مهنة الصحافة ويقدسونها.
البعض من هؤلاء الدخلاء على مهنة الصحافة، لهم جرائد جهوية لا تقرأ ولا تباع، ومع ذلك يستمرون في طبعها، كيف وبأية أموال ؟ طبعاً من الارتزاق والتسول ، والبعض الآخر يشتغل في الجرائد المكتوبة بدون مقابل، طمعاً في التستر على أفعالهم المشينة وعدم افتضاح أمرهم ، الأفعال التي تؤدي طبعاً إلى السجن، ورغم كل ما يجنونه من أموال بالطرق الملتوية، فمنهم من تمد إليه يدك للسلام عليه فيعتقد أنك ستعطيه بعض المال، بكثرة حبهم وعشقهم وشغفهم بالمال الحرام.

عندما نتحدّث عن مثل هؤلاء الدُخَــلاء والمُتطفِلين على مهنة الصحافة مهنة الأخلاق الشريفة، أو بمعنى آخر عندما نتحدث عن أمثال هذه الحشرات الضارة، التي جاءت من فيافي بعض مؤسسات الدولة أو من بعض الأحزاب السياسية ، نريد فقط أن نظهر لقراء ومتصفحي أن مهنة الصحافة لا تخلو بدورها من النصابين والمحتالين، ومن منعدمي الضمير، كما نريد أن نبين للجميع أنه لا مكان للمندسين ولأشباه الصحافيين، الهاربين من مهنهم الأصلية، والفاشلين مهنياً وإجتماعياً.
دعـونــا الآن نتحدث قليلا عن حرية الصحافة، هذا الموضوع الساخن الذي ما يزال يطرح على بساط البحث في أي مجتمع وفي أي عصر ، فالحرية كانت و لا تزال هدف البشرية منذ فجر التاريخ إلى وقتنا الحاضر، فهي التي أنارت طريق البشرية في كفاحها الطويل والمستمر من أجل تحقيق المزيد من الرفاهية والتقدم ، فلا مجال للإبداع بدون حرية الصحافة ، ولا قيمة للتقدم بدون تحقيق المزيد من الحرية .
فالصحافة كإحدى وسائل التعبير عن الرأي في المجتمع المعاصر و في النظام الديمقراطي ، هي السبيل إلى معرفة ما يدور في المجتمع، والإحاطة به لقيم اجتماعية سائدة لأنها تبني و لا تهدم ، و تكشف عن النقص المتفشي بالمجتمع ، وتعمل على دفع الجهات المسؤولة على الأصلاح و التنمية و تجنب النقص سواء كان من الناحية الإجتماعية أو الإقتصادية أو الثقافية أو حتى السياسية . فالصحافة تلعب دورا أساسيا في تغطية الأحداث سواء عن قرب أو عن بعد و بدون رتوش و تقديم المعلومة الصحيحة و هو ما يفسر سر إهتمام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان سواء على النطاق الإقليمي أو الدولي .
و من أجل إنجاح دور هذا الصحافي أو ذاك فان حرية التعبير يجب أن تكون مطلوبة و إبداء الرأي يجب أن يكون حقا مقدسا لدى الإنسان مع عدم خضوعها للرقابة.، لكن في المقابل على الصحفي أن يكون ملتزما بآداب و احترام المهنة و لا يحق له ثلب الآخرين أو نشر تقارير و مقالات مزيفة مغلوطة ، وتمكين رؤساء تحرير الصحف من صلاحية تقرير سياسة الصحيفة ،وكذا الحق في التحقيق والحصول على المعلومات ، وأيضا حرية نشر هذه المعلومات والآراء ، وذلك حتى تتحقق الأهمية المرجوة من الصحافة و خدمة المجتمع على وجه أفضل ، فالصحافة لن تأتى هكذا و عليها أن تؤدي دورها المنوط بعهدتها ، كما ينبغي و بذلك تتحقق النتائج المرجوة منها .

حرية الصحافة هي التي تتأسس أولا وأخيرا على مبدئي المسؤولية والإلتزام والأخلاق بمفهومه العام والمهني، تتطلب المزاولة الشريفة للمهنة الصحفية والإخلاص للمصلحة العامة ، لذلك يجب على الصحفيين أن يتجنبوا السعي وراء منفعتهم الشخصية أو تأييد المصالح الخاصة المتعارضة مع المصلحة العامة أيا كانت الأسباب والدوافع .
فالإفتراء والتشهير المتعمد والتهم التي لا تستند إلى دليل وإنتحال أقوال الغير كل ذلك يعد أخطاء مهنية خطيرة، أما التقارير الإخبارية والإستطلاعات التي تعالج الشؤون القضائية ، يجب مراعاة قاعدة ” البراءة هي الأصل “، وكذا يجب مراعاة مشاعر عائلة الشخص المعني بالأمر في حالة إدانته ، إضافة إلى وجود حماية الضحايا وإحترام الكرامة الإنسانية.
على الصحفي أن يتجنب إستغلال المعطيات والأخبار المتوفرة لديه، بغرض الإثارة خارج السياق ، كما يجب عليه احترام أخلاق وآداب المهنة ، وأن يعترف لها بالسلطة المعنوية التي يجب أن تحظى بها خاصة على المستوى الأخلاقي ، بالتالي فكل تجاوز لأخلاقيات المهنة يعرض لعقوبات و خطايا .
إذا كان هناك خروقات أو تجاوزات أخلاقيات المهنة ، تغضب القارئ والقانون على وجه التحديد فإنها بالدرجة الأولى تمس بسمعة الصحافيين المهنيين الممارسين، الذين يتضررون من ممارسة زملائهم و خاصة الدخلاء على المهنة، إذ غدا عمل الصحفي مهنة من لا مهنة له .
الحرية الواسعة في إصدار الصحف وإنشائها ، إذا ما أدى إلى عدم وضع ضوابط تنظيمية في إصدار الجريدة ، و لا تراعي آداب المهنة ، وتسمح لكل من هب ودب بنشر ما يريد بهدف الربح والتجارة متجاوزين بذلك كل الأعراف أو القوانين ، خاصة من أشخاص لا تكون لهم أدنى علاقة بحقل الإعلام أو التكوين الصحفي ، زد على ذلك يسببون تجاوزات أخلاقية وخروقات للقانون لمهنة الصحافة فان ذلك قد يضر بالصحيفة .
لذا فإن إعمال القانون في هذا الشأن ، إجراء ضروري وأساسي فقانون الصحافة أيضا شأنه ميثاق أخلاقيات المهنة ، لا تخلو قواعده القانونية من قيم أخلاقية مثلى، تضمن حسن سير العمل الصحفي وحماية مصالح الأفراد والدولة معا.
هنا نستنتج إذن ، أن ” حرية الصحافة ” موضوع ، ساخن … ساخن و سيظل دائما ساخنا …