مختبر دولي يؤكّد : ميـاه تطوان غير صالحة للشرب

وأمامَ غَضب المواطنين وصَمت المسؤولين، كَعادتهم، تقدمت جمعية المحامين الشباب بطلب إلى المحكمة الابتدائية بتطوان من أجل انتداب خبير مختص في المياه الصالحة للشرب، الأمر الذي استجابت له المحكمة، حيث تم تعيين خبير من مدينة الدار البيضاء اتضح لاحقا أنه لم يعد يمارس مهام الخبرة.، فتم تعيين خبير غيره من الرباط –غير أن هذا الأخير سرعان ما اعتذر وطلب إعفاءه، ما اضطر المحامين الشباب إلى تقديم طلب جديد لاستبدال هذا الخبير، تعاملت معه المحكمة بإيجاب وتم تعيين المختبر الوطني للدرك الملكي بالرباط للقيام بالمهمة التي بدأ يظهر أنها تكاد تكون “مستحيلة” ولأسباب تكاد تكون مجهولة معلومة !

وفي انتظار نتائج مختبر الدَرك الملكي، وأمام التذمر الشامل للمواطنين بهذه المدينة سارعت جمعية المحامين الشباب إلى تقديم عينات من المياه الموزعة للاستهلاك العمومي بتطوان لمختبر من المختبرات المتخصصة الإسبانية بمدريد من أجل معرفة ما إن كانت هذه المياه تتوفر على المواصفات المطلوبة والمتعارف عليها عالميا، للاستهلاك البشري ، فكانت النتائج كارثية بكل المقاييس، ما دفع الجمعية إلى الإعلان عن تنظيم ندوة صحافية لعرض نتائج التحاليل المخبرية على العموم، تعميما للفائدة، ولكن أهواء المسؤولين كانت تسير في غير هذا الإتجاه، الأمر الذي دفع الجمعية إلى إصدار بيان تستنكر فيه قرار المنع الذي اعتبرته “تعسفا” وضربا للحريات العامة وللحق الدستوري المواطنين في الوصول إلى المعلومة.

ولكن الجمعية نجحت في التواصل مع المواطنين لتقدم تقرير الخبرة المنجزة على عينيتين من المياه الموزعة للاستهلاك بتطوان، تم أخذهما من صنبورين في إقامتين مختلفتين وفترتين متباعدتين حيث أخذت العينة الأولى بتاريخ 22 مارس والثانية في 18 أبريل الماضي، وتم ذلك بحضور مفوض قضائي أنجز محضرمعاينة سجل فيه أن العينيتين وضعتا في قنينتين معقمتين ومحكمتي الإغلاق، كما أن العون القضائي رافق مختلف أطوار عملية إرسال العينتين إلى المختبر عبر مدينة سبتة.

خبرة مختبر مدريد الدولي أكدت أن المياه موضوع الخبرة “لا تستوفي معايير المياه الصالحة للشرب” بمعنى أن المياه التي يستهلكها أهالي تطوان لا تتوفر على الجودة المطلوبة ، وهو ما يفند ادعاءات العمدة إدعمار، الذي سبق وأن أصدر بيانا يطمئن فيه السكان إلى أن الشركة المكلفة بتدبير قطاع الماء، أمانديس “السيئة الذكر”، أكدت للجماعة الحضرية أن المياه التي توزعها “لا تشكل أي ضرر على صحة المستهلكين” بالرغم من تغير لونها وطعمها ورائحتها “الكريهة” !..وأن المياه الموزعة “مطابقة “لجميع” المعايير المعمول بها في هذا المجال” !!!….

“أمانديس”أرجعت، حسب بيان الجماعة، سبب تغير لون ورائحة المياه إلى تغيير مصدر تزويد الشبكة بالماء الصالح للشرب من طرف المكتب الوطني للماء والكهرباء، من سد أسمير وسد الروز إلى سد النخلة الذي قال عنه بعض السكان إن المياه تنقل منه عبر قنوات قديمة تسكنها الطحالب ما تسبب في تغيير لونها وطعمها ورائحتها التي أصبحت تبعث على الغثيان.

مصادر رسمية أفادَت، بهذا الخصوص أن المُختبر الجماعي للبيئة، قام، بتكليف من العمدة، بتحليل عينات من مياه سَد النخلة الذي يزود شبكة التوزيع، ليخلص إلى أن حالة المياه “جيدة” وأن “خصائصها الفيزيو كيماوية والبكتربيولوجية ونسبة الكلور مطابقة لمعايير الجودة” وأنها “لا تشكل أي ضرر”……

و بـالرَّغـم من تطمينــات الجماعة و المختبر البلدي، فإن شُكوك السكان ازدادت حِدّة خـاصـة وأنَّ تلكَ التّطمينــات صـدرت عن جهـــات غير مُحايدة، إلى أن ظهرت تقارير المختبر الدولي الإسباني بتَكليف من جمعية المُحــامين الشباب التي قامت بدور جوهري في الكشف عن ملابسات هذه القضية التي أزعجت وأضجرت المواطنين الطيبين بهذه المدينة العريقة الأصيلة.

يحدث هذا في عاصمة شمال المغرب، دون أن يصدر عن المسؤولين لا على المستوى المركزي ولا المحلي ولا عن المكتب الوطني للماء والكهرباء، بيانات توضح الأمر للمواطنين وتعتذر لهم، كما يحدث في البلدان المتحضرة، وتطمئنهم إلى أن الإدارة سوف تقوم باللازم. في حين لا زال المكتب الوطني للماء والكهرباء “يلهف” ملايير الشعب، برسم دعم استثنائي أنعم عليه به عزيزنا بنكيران، لتغطية “خسارات” لم يسأل الفاسي الفهري عنها ولا عن أسباب تراكمها، بينما فرضت الحكومة علينا تسديد أقساط هذا الدعم “البرامكي” بمشيئتها هي، لا بإرادتنا !.

لولاَ أن جمعية المُحــامين الشَبَـــاب “تطوعت” للقيام بهذا اللازم وطلعت بتقرير عن طبيعة الماء الذي توزعه شركة أجنبية بتفويض من إدارة وطنية عاجزة، تقرير نزل كالصاعقة على المواطنين بهذه المدينة الذين لهم كامل العذر، بعد اليوم، إذا هم أنكروا ثقتهم في الإدارة والجماعة والمختبر البيئي وفي تقارير “كل شيء على ما يرام، يا مدام لا مركيز” !!!.. !‬…!