ما حكَّ جلدك مثل ظفرك
جريدة طنجة – عبد المجيد الإدريسي ( آراء )
الجمعة 06 ماي 2016 – 19:04:5
منذ سُقوط جدار برلين و انحلال الاتحاد السوفييتي ، و الولايات المتحدة الأمريكية تعكف على إقناع الدول الأروبية ، إذ هي التي يجب عليها أنِ تأخذ دور أمريكا في الحركة العسكرية ، و استبدال قواتها بقوة عسكرية أروبية في تنظيم جديد للحفاظ على عسكرييها من النسب المرتفعة من القتلى ، و المعاناة من الأمراض النفسية و العقلية التي تعاني منها ، جراء الحروب و المعارك التي تخوضها بعيدا عن بلادها ، بدعم منها كقوة عظمى و شريكة في الحلف الأطلسي . لكي يتقاسمان الغنائم “مناصفة” و الهيمنة على الخريطة السياسية العالمية . ( على صورة لغة المستعمرات الأنكلوسكسونية-الفرانكفونية ) .
يجب أنِْ يعيَ العـالم العربـي و الإسلامــي الوضعية “المخزية” بين أعضائه و أنْ يتجنب سياسة إخفاء الشمس بالغربال . بداية ، فإنَّ الجماعات التي تنبث العنف ، و كأنها تعتبر جزءا من الشعوب باتتْ لاعبة رئيسيا على الساحة العالمية . و هي أوضاع شاذة . تنشأ هذه الظواهر ( إسلامفوبيا) و تنجح في الإساءة إلى المسلمين و إلى”الإسلام”. بعض الأنظمة الاستبدادية هي الحاضنة للعنف (الإرهاب) ، و كرد فعل لنمطية القمع الوحشي و الانتهاكات لحقوق الإنسان داخل المعتقلات . نظام “عربي” منتج ” للإرهاب” بالغصب و القهر و التهجير القسري لشعبه ، و الطائفية عوض المواطنة ، حتى قيل : ” إنَّ العربي الجيِّد هو العربي المِّت ” ؟ تلك الصورة النمطية و إزالتها عبر التعامل الثقافي بين الدول العربية و الإسلامية و البعد الاقتصادي لسوق عربية ، منهجا للتعاون ، و ليس أداة لتصفية الحسابات . ينبغي على كلِّ دولة عربية اتخاذ نفس المسافة من أخواتها ، و لتجمعهم الكرامة الإنسانية و الحريات العامة و المواطنة العربية . و قيمة مضافة للتنمية العلمية و البشرية إذ لا يمكن أنْ تتحقق بين الأنظمة إلا بالديمقراطية ، مصدرا للأمن و الاستقرار و التقدم . إقرار خطة إستراتيجية لحكومات تمثل شعوبها على المدى المتوسط و الطويل ، لكي ترسم مستقبل الشباب للعمالة و الكرامة الإنسانية .
الجسم العربي يحتاج إلى المناعة بالعلم والعدل و الصحة ، من أجل ألا تتحول المنطقة إلى إشكالية ، كما هو الشأن الآن في ليبيا و العراق و سوريا و اليمن و هي التي كانت أنظمة استبدادية ، ثمَّ مصر من نظام عسكري إلى عسكري ، إلى انقلاب عسكري على الشرعية .
حتى لا يراد للنظريات الغربية أنْ تطبق على الدول العربية و الإسلامية ، فصل الدين عن الدولة ، كما هو الحال في الدول الغربية التي عانت من سيطرة الحكم الكنسي . الثقافة باللغة الفرنسية( إحدى لغات الغرب ) مختلفة تماما عن الثقافة الفرنسية . حينما نحارب التيار الديني حربا ضروسا، و الذي له مشروع فكري مدني بمرجعية إسلامية و ليس طائفيا و لا إثنيا و لا عرقيا نكون قد انتمينا إلى ثقافة فرنسية (غربية) . فالسياسة ليست مشروع إقصاء . و هل كل الحكومات تمثل شعوبها ؟ و بضع منها ينظر إليهم كأرقام ، و ليسوا في مقام المواطنة يتمتعون بالحق الكريم في الحياة . هناك انفصام واضح بين الشعوب و الحكومات ( الغير المنتخبة ) .افتقاد بعض الحكومات لمبادرات ، من شأنها أنْ تحسِّن من وضعية الطبقة الدنيا و الوسطى ، في أساليب العيش من دخله الفردي و من الإنتاج الداخلي الخام للدولة . لولا انقسام الدول العربية و افتقاد بعضها للديمقراطية ، ما كانت تجرؤ إيران أنْ تتدخل بمشروعها السياسي و ليس الديني لاستغلال ملفات سوريا و اليمن و لبنان ، بحزب الله .
تدخل بلد شيعي في تلك الدول باسم تلبية دعوة وجهتْ لها من “الأنظمة” . إيران على ما يبدو تنظر إلى أمنها من خلال إذكاء الفتنة و الفوضى عند جيرانها . أينما وضعت هذه الأخير أصبعها إلا و أصبحت جحيما . هل طهران تؤذي جيرانها ؟ فلا أحد من العرب يرى فيها عدوّا ؟ التدخلات الإيرانية في المنطقة و إذكاء الخلافات بين أعضاء الدول العربية ، لزعزعة استقرارها . أين العراق و أين سوريا و أين اليمن أضحت هشيما تذروها الرياح . لم و لن تستفيد من ذلك إلا الصهيونية ، وهي التي أنتجت الإرهاب . أرادت بهذا المصطلح تشويه صورة “الإسلام” في الغرب بهجمة شرسة ضد الدول العربية و الإسلامية ، و هي التي اكتوتْ و تكتوي من الإرهاب من هؤلاء الإرهابيين الذين لا يمثلون إلا أنفسهم . للغرب انتقائية و ازدواجية في المعايير بين الفلسطينيين و إسرائيل وهي التي تبقر بطن الأم الحامل لقتلها و جنينها ، دفاعا عن النفس ! نتيجة ذلك تضارب مصالح البلدان العربية و الخلافات العميقة بينها . لعدم وجود صوت قوي لتصحيح كل ما له علاقة بالإرهاب ، رغم القواسم المشتركة و التنمية الحقيقية للدول العربية .
فتعدد الطروحات تنتج التشتت . يصبح العالم العربي مرطعا خصبا لتدخل الغرب الانتهازي في شؤونه من أجل النفط و استنزاف ثرواته ، لا من أجل السلام ، فهذا الأخير (السلام) لا يخدم مصلحة إسرائيل مدللة الدول الغربية . و التي فرضت وصاياها سياسيا من خلال البنك الدولي و الشركات المتعددة الجنسيات ، و السينما و الصحافة و سوق القيم ، من أجل الهيمنة …ما هو دور العالم العربي و الإسلامي ، و عدده 57 دولة ، على الخريطة السياسية العالمية ؟ الذي لا يسمح له و يراد له أنْ يشكل محورا قويا و إعلاميا و سياسيا ! منذ سبعين سنة خلتْ و مصير 193 دولة أممية تحت رحمة خمس أو ثلاث دول بمجلس الأمن. فهل يفرج للدول العربية و الإسلامية و هي تشكل ثلث الأنظمة العالمية ، دور التأثير الغربي ؟ قيل قديما : ما حك جلدك مثل ظفرك أيها العربي …..