حتى لا يصبح مجلس مدينة طنجة نقمة على العباد والبلاد
جريدة طنجة – محمد العمراني (مجلس مدينة طنجة )
الثلاثاء 17 ماي 2016 – 11:05:49
نتيجة شكّلت رسالة واضحة من طرفِ ساكنة المدينة، الرَّاغبة في نَمط تدبير جديد يقطع مع كل الممارسات السابقة، وكَشفت الرَّغبة الجامحة للناخبين في إحداث تغيير جذري يهم أسلوب تدبير شؤونهم اليومية على مختلف المستويات…
ثمانية أشهر مرت على دخول البشير العبدلاوي إلى قصر البلدية، نعتبرها كافية لوضع تقييم أولي لأداء حزب المصباح بطنجة…
وإذا كانت الموضُوعية تقتَضِي الاعتـراف أن أداء المصالح الإدارية لمجلس المدينة والمقاطعات كانت تعيش على إيقاع تسيب كبير في عهد التحالف المسير للأغلبية السابقة بقيادة حزب الجرار، الذي فشل فشلا ذريعا في جعل الإدارة في خدمة المواطن، ولا يمكن تغطية الشمس بالغربال، إذ أن المواطن كان يعاني الأمرين عند ارتياده للمصالح الإدارية الجماعية..
طبعًا لا يمكن التعميم، ذلك أنه في جميع الإدارات هناك دوما موظفون مواطنون، ويستحقون الاحترام..
فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية طرأ تغيير كبير على أداء الإدارة، وصار المواطن يلمس تغييرا ملموسا على مستوى الأداء والتعامل، وأصبحت مصالحه تُقضى من دون تماطل أو ابتزاز، وأصبحت المعاملات الإدارية شفافة إلى حد كبير…
مثلما يجب الاعتراف أنه منذ وصول العدالة والتنمية إلى سدة التدبير بطنجة، اختفت العديد من الكائنات البشرية، التي كانت متخصصة في السمسرة والتدخل لفائدة المواطنين قصد استصدار رخصة، أو قضاء معاملة إدارية لفائدة المواطنين، كانت تستغل شبكة علاقاتها مع المنتخبين وبالأخص مع المسؤولين بالإدارة، واليوم أصبحت جميع المصالح الإدارية نظيفة من هاته النماذج…
لكن بالمقابل وجد الإخوة أنفسهم بوعي أو من دونه غارقين في التشدد، ربما بسبب الخوف من ارتكاب الأخطاء، أو ربما بسبب الإحساس بكونهم مستهدفين، وأن هناك من يتآمر عليهم ويتحين الفرصة لتوريطهم، حتى صاروا يبدعون في عرقلة مصالح المواطنين، بداعي تطبيق القانون، حتى أصبح ينطبق عليهم المثل القائل ” واش كتعرف ف العلم؟.. قالُّو كنعرف نزيد فيه”…
و عوض أن يصبح الإخوان مصدر رحمة على العباد تحولوا إلى مصدر نقمة عليهم، حتى باتت المدينة اليوم على حافة فالاختناق، بسبب قرارات متناقضة و غير مفهومة على الإطلاق…
وإليكم هذا المثال الواضح:
على مستوى التعمير، ولننطلق من مسلمة مفادها أن العمدة السابق ونوابه المكلفون بالقطاع أفسدوا في الأرض، وسلموا رخصا بزيادة طوابق إضافية من دون موافقة الوكالة الحضرية، و النتيجة عشرات العمارات توجد اليوم في مرحلة نهاية الأشغال، والمنعشون العقاريون اغلبهم تسلم تسبيقات من الزبائن..
لكن حيث أن هاته العمارات يعتبرها الإخوة في وضعية مخالفة للقانون، وهذا فيه نظر، لأنهم يعرفون جيدا الخروقات الحقيقية التي تحدث في المدينة، ولا يتجرأون على فتح أفواههم، فإنهم يرفضون تسليم شواهد نهاية الأشغال، حتى يتمكن مالكو العمارات من تسليم الشقق لأصحابها…
و في محاولة لإيجاد حل لهاته المخالفات اتخذ الإخوة، بعد استشارة مع سلطات الوصاية، تم استصدار قرار بإجماع مكونات مجلس المدينة لتسوية وضعية المباني التي لا تتوفر على رخص مؤشر عليها من طرف الوكالة الحضرية، على أساس أداء ذعائر باهضة، لتكون رادعا لهم في المستقبل…
طبعا هذا القرار لقي ارتياحا داخل المدينة، و من شأنه أن يشكل مخرجا للمشاكل العالقة..
لكن المصيبة، هي أنه في الوقت الذي انتظر الجميع أن يتم تفعيل هذا المقرر، وأن يتم الشروع في دراسة الملفات، يفاجئ عمدة المدينة الجميع بتوقيع سلسة من قرارات سحب الرخصة، وهدم ما يعتبره بناءات مخالفة، بل لا يتردد في تنفيذ الهدم…
ما هذا التناقض ؟
كيف تتخذون مقررا تدعون فيه المخالفين إلى تسوية وضعيتهم، ثم تقوموا بطعنهم من الخلف، وتصدروا قرارات هدم الطوابق المخالفة، رغم أن أصحاب المباني يتوفرون على رخصة مسلمة من مجلس المدينة، ومؤدى عنها الرسوم القانونية؟
وإذا كان الإخوة حريصون على تطبيق القانون، فيجب عليكم أن تتابعوا العمدة السابق ونوابه من الذين وقًّعوا على الرخص التي تعتبرونها مخالفة للقانون، وليس القفز على “الحيط القصير”، الذي ليس إلا مالك عمارة أو إقامة، حصل على رخصة تحمل خاتم الإدارة وتوقيع رئيس المجلس أو المفوض له بالتوقيع؟!..
هل يعلم السيد العمدة المحترم أن تنفيذ قرار الهدم معناه إدخال هذا المنعش العقاري إلى السجن، وحرمان المواطنين من الحصول على شققهم اقتنوها من مشروع مرخص؟!…
طيب ستقولون لماذا لا يتوجه المتضررون للقضاء؟
أنتم تعرفون أن الأغلبية الساحقة من المنعشين العقاريين لن يتجرأوا على ذلك، لأنهم سيجد نفسه عرضة للانتقام، وستصبح مصالحهم مُهَدّدة…
و الحال أنه كان على الماسكين بزمام أمور مجلس المدينة أن يتابعوا من وقًّع رخصا، هم يعتبرونها غير قانونية، لكنهم لن يفعلوا ذلك…
لأنهم يعرفون بالضبط أن هناك مخالفات في مجال التعمير أفظع بكثير تورطت فيها شركات عقارية هم غير قادرين على فتح ملفاتها!…
ألا يعتبر هذا الذي تقومون به سيدي العمدة المحترم كيل بمكيالين وظلم للعباد؟؟؟…