المصلحة العامة لا ينبغي أن تكون على حساب أرزاق المواطنين
جريدة طنجة – محمد العمراني ( طنجة24 )
الثلاثاء 10 ماي 2016 – 11:30:14
مناسبة هذا القول ما عرفته مدينة طنجة طيلة السنوات المنصرمة، ولازالت تعرفه إلى يوم الناس هذا، بل أكاد أجـزم أن الوضع زادَ استفحالاً…
جميل أن يحرص من يتحمّل مسؤولية تدبير شؤون هاته المدينة على اتّخــاذ ما يراه من قرارات لإنجاز الإصلاحات التي يفترض أن المدينة في أمس الحاجة إليها، بل الأمر مطلوب في حد ذاته…
وطبيعي جدا أن يتطلب تنزيل هاته الإصلاحات نزع الملكية الخاصة للمواطنين، بل وترحيل السكان والتجار في كثير من الأحيان…
لكن الذي لا يمكن قبوله تحت أي ذريعة كانت، أن يتم اتخاذ مقررات نزع الملكية الخاصة للمواطنين، وتوقيع قرارات الإفراغ، دون أدنى اعتبار لهؤلاء المتضررين، ودون أن تتوفر الجماعة الحضرية على الموارد المالية الكافية لأداء تعويضات المشمولين بهاته القرارات…
هل يعقل في بلاد نتكلم فيها عن حقوق المواطنة، وأن الملكية الخاصة حق مقدس، بينما الجماعة لم تؤدي ما بذمتها من تعويضات منذ عشرات السنين…
أعرف حـالات توفي فيها رب الأسرة بغصة في القلب لأنه تم نزع ملكيته، وربما كانت ذلك العقار هو كل رأس ماله، ولم يتوصل بتعويضه، الهزيل أصلا، ولا زال أولاده ينتظرون من الجماعة أن تجود عليهم بدريهمات لا توازي عشر القيمة الحقيقية للأراضي التي تم نزع ملكيتها…
ما معنى أن يسارع مجلس المدينة، الذي يتألف من ممثلي الساكنة يا حسرة، إلى اتخاذ قرارات نزع الملكية، ويتم التحايل على القانون، باقتراح تقويم هزيل للعقار، ويتم دفع المتضرر إلى اللجوء للقضاء، ليغرق في مساطر التقاضي سنوات عديدة، وبعد أن يستصدر تعويضات سمينة، يصطدم بعدم وجود الميزانية، ليظل معلقا لسنوات دون أن يحصل على حقوقه؟…
ما معنى أن يتجرأ مجلس، يفترض فيه أنه يحمي مصالح الساكنة، على اتخاذ قرارات بترحيل تجار من محلاتهم التجارية، دون أن يتم تحضير بدائل مناسبة، ودون أن يتم الأخذ بعين الاعتبار الخسائر الفادحة التي سيتكبدونها، وكأن هؤلاء مواطنون من الدرجة تحت الصفر؟!…
لا يعقل أن يتم رصد ميزانيات ضخمة لإنجاز الأشغال ويتم تناسي الميزانية المخصصة لتعويض المواطنين على نزع ممتلكاتهم، وترحيلهم عن الأماكن التي منها يكسبون قوت يومهم!…
كيف يسمح مجلس المدينة لنفسه، وهو المدين بما يناهز 60 مليار سنتيم، عبارة عن أحكام صادرة ضده لفائدة مواطنين قام بنزع ملكياتهم، ولم يؤد منها سوى الفتات، وعوض أن يقوم بتعبئة الموارد المالية لتنفيذ أحكام نهائية صادرة باسم ملك البلاد، نجده لا زال متماديا في توقيع قرارات نزع ملكيات جديدة، واتخاذ قرارات ترحيل المئات من التجار عن محلاتهم التجارية…
وما إصرار مجلس المدينة على تمرير تصميم التهيئة إلى دليل على تماديه في ظلم الساكنة…
الجميع يعلم أن تكلفة تنزيل الطرقات وإنجاز المرافق العمومية، المضمنة في تصميم التهيئة، بما يقتضيه من اتخاذ قرارات نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة، تتطلب من مجلس مدينة طنجة توفير ما يناهز 300 مليار سنتيم!…
فمن أين لمجلس المدينة بكل هاته المـَبالـغ، وهو العاجز حتى عن تنفيذ عشر هذا المبلغ؟.
وكلنا يعلم أن اقتطاع 7 مليار سنتيم من ميزانية المجلس لفائدة تنفيذ بعض الأحكام القضائية النهائية، أصـابَـت المجلس بــالإفلاس، حيث صار عاجزا عن الوفاء بتحمُلاته والتـزامـاته الإجبـاريــة…
و الدليل أنه قـامَ في خطوة غير مسبوقة إلى حذف بعض نفقات التجهيز وتحويلها إلى نفقات التسيير لتفادي سكتة قلبية أصبحت وشيكة، وستصيب مجلس المدينة في مقتل…
ألا يعتبر هذا الإصرار على عدم صيانة حقوق ومصالح المواطنين احتقارا لهم؟…
ألا تغذي مثل هاته الممارسات مخزون الحقد والإحساس بالحكرة، وتدفع المواطن إلى الإقدام على أي تصرفات غير محسوبة العواقب؟…
ألا تزرع مثل هاته القرارات الاقتناع لدى المواطن بوهم دولة الحق والقانون والمؤسسات، مادامت حقوقه مهضومة، ولا قدرة له على انتزاع حقه من الإدارة بالوسائل القانونية؟!…