الفساد ينتصر بالضربة القاضية
جريدة طنجة – محمد العمراني ( الفساد )
الثلاثاء 24 ماي 2016 – 10:36:55
تعود فصول القضية إلى يوم 03 ابريل المنصرم، عندما عممت وكالة المغرب العربي للأنباء بلاغـــًا كشفت فيه أنه، تحت إشراف السُلُطــات المحلية بـــإقليم العرائش، قامت اللجنة الإقليمية لمراقبة المواد الغذائية والجودة، بحجز حوالي 20 ألف طن من مسحوق الطماطم المجفّفـة، الموجهة لتصنيع مركز الطماطم، والتي تم إنتاجها وتخزينها، داخل وحدة صناعية بمنطقة العرائش، في شروط لا تطابق معايير السلامة الصحية وتشكل خطرا على الصحة العامة.
و أضــافَ البـلاغُ أنّـهُ تم كذلك خلال هذه العملية، التي جَـــرَت بتعـاوُن وتنسيق مع السلطات المحلية والمصالح الأمنية – بما فيها جهاز الديستي -، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، حجز كميات أخرى من مسحوق الطماطم المجففة، تم تزوير تواريخ صلاحية استهلاكها. حيث تم اتخاذ إجراءات الحجز التحفظي على هذه المنتجات الغذائية، وتم تشميع المصنع، فيما أحيل أصحاب هذه الوحدة الصناعية على التحقيق تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وفي الوقت الذي لقيت هاته العملية ارتياحــًا كبيـــرًا في نفوس المواطنين، وأعطت الانطباع بأن الحكومة جادة في مُحـاربـة الفَســاد بجميــعِ أشكـالهِ، خُصـوصــًا عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على صحة المواطنين، ظهرت تطورات خطيرة تؤكّد أن إرادة الفساد أكبر من إرادة الإصلاح…
الصحيفة كشفت أن التقرير الذي أنجزته هذه اللجنة، يؤكد أنه قد «تم العثور على مئات الأطنان، أي كل المواد التي كانت موجودة بالمخازن وقتها، من مصبرات ومسحوق الطماطم، في وضعية كارثية، حيث لا توجد مكيفات ولا وسائل حفظ، بل إن هذه الكميات الضخمة من المصبرات كانت موجودة بين القذارة، خصوصا براز الفئران والحشرات والروائح المقززة.
والمثير أن تقرير اللجنة أشار إلى عمليات تزوير خطيرة جدا، حيث تم العثور وقتها على عدد كبير من العلب المصبرة تحمل تاريخ الإنتاج لسنة 2017، علما أن الزيارة تمت في 2 أبريل 2016، وهو ما دفع اللجنة إلى إصدار قرار فوري بتشميع المصنع والاستماع إلى مسؤوليه، الذين أقفلوا هواتفهم وفروا إلى وجهة مجهولة، قبل أن يتم التحقيق معهم أياما بعد ذلك».
فأمام خطورة هاته المعطيات، وعوض أن يتم الضرب بيد من حديد على المتورطين في هاته الفضيحة المدوية، يبدو أن هناك محاولات جادة « بتواطُـؤ مع عدّة جهـاتٍ، من أجـلِ تَخفيفِ حِدّة الصيغـة الأولى لتقرير الخبرة الذي أعَدّهُ مَكتَب السّـلامَة الصحية “ONSSA“..»…
المعلومات المُسربة حول هـاتـه القضية، التي يفترض أن تحدث زلــزالًا حُكـوميــًا، تؤكد أن جهات معينة تضغط من أجل إعداد تقرير ثان «يقول بكون الكميات الفاسدة من مصبرات الطماطم محدودة، وهو ما سيشكل ضربة موجعة لمصداقية ونزاهة اللجنة الأولى التي أعدت التقرير الأول…».
المسار الذي يتم إعداده لهذا الملف بغاية إيجاد مَخـــرج لمالك المصنع، وإنقاذه من المتابعة، تطرح أكثر من سؤال حول جدية الشعارات التي ترفعها الحكومة حول محاربة الفساد…
فــإذا كانت لجنة إقليمية، تحت إشراف عامل إقليم العرائش، تضم في عُضــويتهــا جميع الإدارات المعنية، بما فيها الأمنية، قــامت بحجز هاته الكميات الضَّخمة من المواد الغذائية الفاسدة، وتمت معاينتها بالعين المجردة..
وإذا كان بلاغ رسمي صدر بشأن هاته الفضيحة، يؤكد خطورة القضية، وإذا كانت المتورطون قد تم إحالتهم على التحقيق تحت إشراف النيابة العامة…
و رغمَ ذلك فإن جهات نافذة في طريقها لإعداد سيناريو محْبــوك لتخليص المتورطين في الفضيحة من حَبــلِ المتـابعــة، وتحويل القضية من ملف فساد ضخم يهدّد صحّة المُـواطنين إلى جُنحة بسيطة، تتعلق بإهمال في توفير الشروط الصحية لتخزين مواد غذائية في ظروف سليمة…
ألا يعتبر ذلك إعـلان صـريـــح على انهزام الحكومة أمام لوبي الفساد، والخطير في الأمر أن مؤسسات تحت الإشراف المباشر للحكومة هي التي تحبك سيناريو هاته الفضيحة حماية لهذا اللوبي؟…
أي مصداقية ستبقى لرئيس الحكومة عندما يتحدثّ عن مُحـــاربة الفساد وهو عاجز حتى عن ضمان تنفيذ مسطرة قضائية صدر بشأنها بلاغ رسمي، وتم حجــز عَنـــاصر الإثبات بحضور مختلف الإدارات والمصالح المعنية؟…
أبعد فشل رئيس الحكومة في قدرته على ردع المفسدين الذين يهدّدون صحة المواطنين المغاربة، أن يكون موضع ثقة من طرف المَغـــاربة بكونه قــادرًا على حماية الاختيار الديمقراطي، والوقوف في وجه التحكم، والدفاع عن دولة الحق والقانون؟…..