الصحافة بالمغرب: لا “جَهنّم” ولا “جنّةُ عدن” !…
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( الصحافة )
الخميس 19 ماي 2016 – 16:47:15
ويُلحُّ الوزير الخلفي في تصريح صحافي، على أنه لا يجمل تقديم المغرب على أنه “جهنم” في حرية الصحافة، بل يجب الإقرار بوُجــود الحـــرية في التعامل من الأخبار ومع رجال الإعلام، إلى جانب وجود بعض المخاطر المتصلة باستقلالية المؤسسة الصحافية من طرف جماعات الضغط “المالي التي تضح وسائط الإعلام أمام تحديات مستمرة.
من جهة أخرى، وخلافا لتقرير النقابة الوطنية للصحافة المغربية وجهات أجنبية اعتادت على التشهير بالمغرب، في مجال حرية الصحافة،أكد الوزير في تصريح لـ “أخبار اليوم”، أن السنة الماضية كانت سنة متميزة، لإذ كانت سنة الحسم في إصلاح شامل للمنظومة القانونية بهدف حماية الصحافي واستقلاليته عبر إنشاء المجلس الوطني للصحافة والنظام الأساسي للصحافي المهني والمشروع الخاص بالصحافة والنشر.
وحــول الانتقادات الصادر عن بعض المهنيين بخصوص العقوبات “القاسية” في حق الصحافيين، التي تضم مشروع تعديل القانون الجنائي، في ما يخص “الثوابت” وهي الدين والملكية والوحدة الترابية والاختيار الديمقراطي، يعتبر الوزير أن العقوبات النتضمنة في القانون الجنائي هي أقل من العقوبات الراهنة.
بالمُقـابــل، اعتبر رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” أن مشروع القانون الجديد “خطوة صغيرة” إلى الأمام، وأنه كان بالإمكان أن يكون أفضل مما كان، حيث إنه ألغى عشرين عقوبة كانت موجودة في القانون القديم ، لكنه نص على عقوبات ثقيلة، في ما يخص “جرائم” المس بالثوابت لم يتم تحديدها بشكل دقيق،ما يدع المجال مفتوحا أمام كل تأويل أو تكييف لهذه الجرائم.
إضافة إلى ذلك، لم يحدد المشروع الجديد “سقفا” للتعويضات التي يتحتم على المؤسسات الصحافية دفعها في حالة نزاع مع طرف من الأطراف، الأمر الذي يهدد بــ “نسف” المؤسسات الصحافية.
في حين اعتبر وزير الاتصال أن القانون الجديد منح المغرب مدونة للصحافة والنشر “عصرية” وحديثة تستجيب لانتظارات وتواكب التحولات الجارية في العالم وأن المكاسب الجديدة ترتكز أساسا على ضمانات حرية الممارسة الصحافية بفضل إلغاء العقوبات السالبة للحرية، حيث أن قانون الصحافة والنشر الحالي وردت فيه عبارتا “سجن” أو “الحبس” 24 مرة وفي 21 فصلا، وإقرار الحق في الوصول إلى المعلومة وتحقيق حماية حقوق وحريات المجتمع والأفراد، مع منع التحريض على الكراهية والتمييز والعنف، وحماية الحياة الخاصة وإعمال مبدأ حسن النية في تقدير التعويض في قضايا القذف والسب.
كما أن القانون الجديد جعل القضاء سلطة حصرية في قضايا الصحافة وحماية حريتها ، حيث إن قضايا الحجز والإيقاف والحجب ستظل بيد القضاء. وتوجد مقتضيات أخرى تهم الاعتراف بالصحافة الإليكترونية وتشجسع الاستثمار في قطاع الصحافة وتعزيز حسن التدبير في ما يخص الصحافة والإشهار والطباعة والتوزيع، إضافة إلى تحديد الحقوق والحريات بالنسبة للصحافي و إقرار الحماية القضائية لسرية المصادر، وتوفير ضمانات قانونية ومؤسساتية لحماية للصحفيين من الاعتداءات وتعزيز استقلالية الصحافي والمؤسسة الصحافية، حيث تم التنصيص على أن سحب بطاقة الصحافة أصبحت اختصاصا حصريا بيد القضاء في حالة إدانة الصحافي في قضايا تتعلق بممارسة الصحافة.
وأمام انتقادات النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي ترى أن حرية الصحافة بالمغرب سجلت “تراجعا” كبيرا خلال العام الماضي وأن القانون الجديد يشكل “خيبة أمل” بالنسبة للصحافيين حيث إن حرية الصحافة لا تمارس ولم يتم تفعيل الدستور في هذا الشأن.
في حين قالت منظمة “فريدوم هاوس” في تقرير حديث إن حرية الصحافة في منطقة الشرق الأوسط توجد في أسوأ أحوالها ، بينما صنفت المغرب، منظمة “مراسلين بلا حدود” في المرتية 136 بين 197 دولة في ما يخص حرية الإعلام.
النقابة الوطنية للصحافة المغربية طالبت بسحب القانون الجديد بسبب استمرار عقوبات بالسجن لخمس سنوات تتعلق باحترام الثوابت التي لم يتم تحدديد مفهومها بشكل دقيق وواضح.
على أنه يوجد من بين المهنيين المغاربة من يعتقد أن مشروع القانون الجديد للصحافة والنشر بالمغرب مشروع واعد وتطور بشكل كبير ومتقدم في سياق الاصلاحات الكبرى التي تشهدها البلاد. ذلك بعض مما صرح بع الإعلامي والكاتب المغربي بلال التليدي الذي أكد في حديث سابق أن مشروع القانون الجديد يعزز ضمانات الحرية في ممارسة مهنة الصحافة ويلغي العقوبات السالبة للحرية ويعوضها بغرامات مالية. كما أن هذا المشروع استجاب لمطلب إنشاء مجلس وطني للصحافة يعزز أخلاقيات المهنية ويعالج الإشكالات بين السلطة التنفيذية والصحافة ، كما يضمن المشروع حرية ممارسة الصحافة الإلكترونية.
وهكذا يتضح أن قانون مشروع قانون الصحافة الجديد لم ينجه في تحقيق نوع من الإجماع على مستوى المهنيين، رغم ما حمل من إيجابياتـ مقارنة مع القانون الحالي، حيث تتعدد القراءات والتأويلات الفقهية و”الاحترافية “…و الحسابات السياسية أيضا !…..
على أنه إذا لم يصح اعتبار المغرب ‘جهنم” في ما يخص حرية الصحافة، وتاممارسة الصحافية، في بداية الألفية الثالثة، فإنه يصعب أيضا وصف هذا البلد بــ “جنة عدن” بالمعنى السامرائي أو العبري أو الفارسي..