الحكومة والتحكم..
جريدة طنجة – محمد العمراني ( الحكومة ! )
الإثنين 02 ماي 2016 – 11:35:31
“تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.”
منذ مباشرة عبد الإله بنكيران لمسؤولية كرئيس حكومة، وفي الوقت الذي كان فيه المغاربة ينتظرون أن يمارس رئيس الحكومة صلاحياته الدستورية، فوجئوا بإصراره على تكريس صورتين متناقضتين:
الأولى يظهر فيها وكأنه لا يمسك بمفاتيح القرار داخل الإدارة المغربية، وأن صلاحياته محدودة، وأنه لا يمكن أن يدخل ي نزاع مع الملك حول الصلاحيات، مستندا على لازمته الشهيرة: “واش بغيتو دابزوني مع الملك”، ” و انا كنتناقش مع جلالة الملك، و كنقول رأيي، ولكن لّي قرّرْها الملك هي اللي تكون”..
بينما الصورة الثانية، فبنكيران يظهر من خلالها أنه صاحب الحل والعقد في اتخاذ القرارات التي تهم مصلحة الشعب المغربي…
تذكروا تصريحه في قناة الجزيرة، عندما كشف أن “الملك أخبر بنكيران بضرورة إعمال القانون واحترام الدستور، بل قال له بصريح العبارة، إذا اتصل بك أحد من الديوان الملكي ليطلب منك شيئا مخالفا للدستور لا تقبل منه ذلك…”..
واستنادا لهذا الأسلوب المتناقض في تعاطيه مع صلاحياته الدستورية، فإن بنكيران ينتقل من صورة إلى أخرى وفق ما تقتضيه مصلحته ومصلحة حزبه…
فعندما يتعلق الأمر بما يدخل في خانة المكتسبات:
( تفكيك صندوق المقاصة، منحة الأرامل، الزيادة في منح الطلبة، التقليص من سعر الدواء، إصلاح صندوق التقاعد…) لا يتردد بنكيران في نسب هاته المكاسب إلى نفسه، وأنه من قررها باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية…
بالمقابل عندما يتعلق الأمر بالملفات المستعصية والشائكة، فإنه لا يتردد في التراجع إلى الوراء، مطلقا تصريحاته المرموزة بكون جهات خارجة عن سلطاته هي المسؤولة عما يقع…
فإذا كان بنكيران هو من يقترح وزير الداخلية على الملك لتعيينه، وأنه لا يمكن تعيين المدير العام للأمن الوطني، أو والي أو عامل إلا باقتراح من رئيس الحكومة…
وإذا كان الدستور ينص بصريح العبارة أن رئيس الحكومة هو رئيس السلطة التنفيذية…
فلماذا كلما تعلق الأمر بتدخل عنيف للقوات العمومية يسارع بنكيران إلى التملص من مسؤولياته، بدعوى أنه “مافراسوش”؟!…
تصوروا أن رئيس الحكومة يعلن تعاطفه مع “مي فتيحة”، صاحبة البغرير، التي أحرقت نفسها احتجاجا على حكرة قائد القنيطرة، ويتصرف وكأنه مواطن مغلوب على أمره، وليس رئيس حكومة يجب أن يخضع للمحاسبة، باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية…
ما معنى أن يعلن رئس الحكومة، عندما يُسأل حول ما قام به لمحاربة الفساد، بأن الفساد هو من يحاربه؟..
ما معنى أن يصرح رئيس الحكومة بأنه جاء لمساعدة الملك، وإذا طلب منه الرحيل سيرحل؟..
ما معنى أن يعلن رئيس الحكومة أمام الملأ وعلى المباشر، بكون حكومته هي حكومة الملك، ولا يمكن نسب الأمور الإيجابية للملك والسلبية للحكومة؟..
لكن رئيس الحكومة هو نفسه لا يتردد في التباهي بإنجازات حكومته، وبالمنطق الذي يتحدث عنه فإنه لا فضل له في هاته الإنجازات، مادامت هي حكومة الملك…
المتأمل لحصيلة رئاسة بنكيران للحكومة منذ 2011 أنه نجح إلى حد كبير في تسويق صورة مفادها أن بنكيران له صلاحيات محدودة على وزرائه، وعلى الإدارة المغربية، وأن صلاحياته محدودة، كلما تعلق الأمر بقضايا محاربة الفساد، وحقوق الإنسان، وأنه لا يمكن له اتخاذ أي قرار لا يحضى بقبول و رضى الملك…
ومن جهة أخرى له كامل الصلاحيات كلما تعلق الأمر بما يعتبرها منجزات ومكاسب..
بنكيران نجح اليوم في تقديم نفسه كمواطن مغربي بسيط يسعى إلى إصلاح البلاد والعباد، لكن هناك جهات أقوى منه تعرقل مشروعه الإصلاحي، وتتحين الفرصة لإسقاط حكومته…
ولذلك سيقدم نفسه خلال الانتخابات في صورة الضحية الذي تتكالب عليه جهات يرفض دوما أن يسميها صراحة، لكن لا يتردد في فضحها باللمز والإشارة والتلميح، لدرجة أن المواطن صار يعرف جيدا من يسعى للانقلاب على بنكيران…
والمصيبة أن الجميع بات مقتنعا بأن الأصل هو أن يكتسح الانتخابات، وأي نتيجة غير المرتبة الأولى معناها انقلاب على الديمقراطية…
سؤال:
من هي الجهة التي تتقن نسج مؤامرة التحكم للهيمنة على مفاصل الدولة والمجتمع في القادم من السنوات؟..