خدعوهم فقالـوا .. البنوك الاسلامية .. كذبة اخترعها الرأسماليون و صدقها الأغبياء
جريدة طنجة – لمياء السلاوي (البنك الإسلامي )
الثلاثاء 05 أبريل 2016 – 18:06:18
نتفق من البداية على أن “البنك إسلامي” كــان أو غير إسلامي، هو مُـؤسسة مالية و اقتصادية تسعى للـربــح من خـلال تــوظيف ما بين يديها من ودائع و أموال و غيرها، و هي من أجلِ ذلك تتحمل مصاريف تصرف عديدة عادة ما تكون هامّة، منها بالأساس أجور العاملين في هذا البنك.
مما لا شك فيه أن التصرف السليم في المؤسسة البنكية و دوام نشاطها و الحفاظ على أملاك المساهمين فيه يفترض تغطية مصاريفها سنويا و توفير فائض أرباح مريح من خلال مجموع النشاط الذي تقوم به، عكس ذلك يعني أن البنك سيستهلك رأس ماله و يغلق أبوابه بسرعة و لو كان “مصرفا إسلاميا يدعي أنه لا يتعامل بالربا” .
البنوك العادية تقدم خدمات للمؤسسات و الأفراد من أهمها قروض الاستثمار و الاستهلاك وفق عقود يقع التفاوض حولها بين البنك و زبونه و هي توظف على القرض نسب فائدة يتحملها الزبون و يقع تحديدها باعتبار عناصر ثلاث:
– نسبة فائدة سوق المال كنسبة مرجعية يتحكم فيها عادة المصرف المركزي للدولة أو للتكتل الدولي و التي تاخذ في الاعتبار نسبة التضخم التي تعني تراجع القيمة الشرائية للعملة من فترة لى اخرى في واقع تضخمي.
– مدّة سداد القرض
-التنافس بين المؤسسات البنكية و الحاجة لتوفير عروض و خدمات و نسب تنافسية في السوق.
البنك في النظام الرأسمالي هو في جزء منه مؤسسة قرض تلعب دورا مهما في تمويل النشاط الاقتصادي من خلال ما توفره من تمويل للاستثمار في شكل قروض أو في شكل مساهمة مباشرة في تمويل المشاريع، عادة ما يفرض البنك على الزبون في حالة القرض توفير ضمان سداد القرض مثل عقود التأمين على الحياة و توفر دخل يمكنه من سداد الدين و كذلك دراسة جدوى المشاريع، هذه بعجالة بعض خدمات البنك التقليدية و التي يصر الإسلاميون على نعتها بالربوية فما هو الحال في البنوك التي تسمى إسلامية.
منذ أمد ظهرت فكرة « البنك الإسلامي » كمشروع اقتصادي اعتبره أصحابه قادرا على إنقاذ المسلمين – وربما البشرية جمعاء – من البنوك « الربوية »، ومن الاقتصاد الرأسمالي المتهم بالاستغلال والجشع.
والحال أن الفكرة ليست أكثر من خرافة أو « بدعة » وجدت للأسف من يصدقها في بيئة يعشش في أركانها الجهل والأمية. مشروع « البنوك الإسلامية » يحمل في طياته قيما وأفكارا وممارسات تعاكس روح الدين وتخنق حرية الفكر وتزدري علم الاقتصاد …ولمن يشك في الأمر أن يتحلى ببعض الصبر لقراءة هذه السطور. الخطيئة الأولى لأصحاب مشروع « البنوك الإسلامية » يقترفونها في حق الدين.

بأي منطق يحق لهم وصف مشاريع تجارية بأنها « ٳسلامية »؟ هذه التسمية بحد ذاتها جريمة لأنها تضفي هالة من القدسية على عمل بشري، والمصيبة أنه عمل بشري مهلهل كما سنرى لاحقا. الإسلام يقدس حياة الإنسان وكرامته وحريته وماله، ولا يجيز المساس بها، لكنه لا يمنح القداسة لرأي الإنسان أو لعمله، ففي الأثر النبوي « كل ابن آدم خطّاء… »، أي أن كل إنسان يخطئ ويبالغ في الخطأ، في الرأي وفي الفعل طبعا.
المؤسف أنه في ظل السذاجة والبساطة التي تعتري بيئتنا الفكرية يكون لهذه التسمية المصطنعة أسوء الأثر، لأنها تكرس الأمر الواقع وتقطع الطريق على كل نقاش موضوعي. فمن يجرؤ على الوقوف في وجه « شيء » يوصف بالٳسلامي؟! نعم، لافتة ملفقة وُضعت على واجهة دكاكين تجارية استطاعت أن تكرس القمع الفكري، و تخنق حرية الرأي وتُفشل الاجتهاد الرصين في عالم عربي يئن بما فيه من اضطهاد ومآس وتخلف.
ٳذا كان الموضوع مجرد عمل بشري قابل للصواب والخطأ، فهذا يحيلنا على الخطيئة الثانية التي تتعلق بطبيعة « الاجتهاد » والأسس الفكرية لمشروع « البنوك الإسلامية » التي تجافي المنطق السليم، وتعكس ضحالة فكرية لنخبة تدعي العلم والخبرة وتحتكر الفتوى. الفكرة الرئيسية التي تؤسس لما يسمى بالبنك الإسلامي هي أن الإسلام حرم الربا – طيِب، وماذا بعد؟ -، وأن الفوائد البنكية هي الربا بعينها! أي أن ما استنكره الدين قبل 14 قرنا من استغلال بعض المترفين لحاجة الناس وٳقراضهم مبالغ يؤدونها مضاعفة، هو نفسه ما تقوم به الأبناك في هذا العصر حتى ولو كان سعر الفائدة 1 أو 3 في المائة فقط كما في بعض الدول الغربية.
بعض العقول تعجز عن التمييز بين رد دين قدره مثلا مائة درهم مع إضافة درهمين أو ثلاثة كفوائد وبين رد المائة درهم مائتان أو ثلاثة مائة درهم قهرا. هكذا قرر بعض « الخبراء » أو الكهان أن الفوائد البنكية حرام وكفى. ثم راحوا يزرعون في شعور الناس ووجدانهم أن التعامل مع الأبناك حرام في حرام، وأن الحل السحري هو « البنوك الإسلامية » العتيدة. من الغريب فعلا أن تجد مفاهيم ومشاريع تؤثر على حياة الناس وقد أسست على مجرد أكذوبة، أو في أحسن الأحوال على التباس لغوي وخطأ في التسمية (الفوائد البنكية هي الربا والربا حرام!). لم يغفل طبعا أصحاب المشروع عن الترويج لبضاعتهم بإغراق أدبيات « البنوك الإسلامية » بالحديث عن مرجعيتها المستمدة من الشريعة الإسلامية التي تحض على التكافل والتضامن والعدل و و و…هذه الأدبيات التي تبيح تمرير أساطير وسط ركام من الشعارات تدغدغ عواطف الناس، وتفسد قدرتهم على النقد والتمييز.
ومن أغرب تلك الأساطير أن « الاقتصاد الإسلامي يقوم على أساس المشاركة في الربح والخسارة »! أنا أقر بعجزي عن ٳدراك أمرين في هذا « المبدأ » العجيب. أولا، لم أستوعب معنى أن يكون اقتصاد ما « يعتمد » – بهذا الوصف – على مبدأ المشاركة في الأرباح والخسائر. ثانيا، لا أفهم أن يُنسب الأمر ٳلى الإسلام. ما السند في ذلك؟! حسب هذا المنطق، من المُحرم كراء مزرعة، أو مصنع أو محل تجاري، بدعوى أن صاحب العقار مطالب بأن يشارك المُكتري في مشروعه التجاري، ويقتسم معه الربح أو الخسارة.
بالنظر ٳلى أن الأسس الفكرية لما يسمى بالبنوك الإسلامية تثير الشفقة، حري بنا أن نحاول فهم كيفية اشتغالها وما تقدمه على أرض الواقع. وتلك خطيئة أخرى في حق علم قائم بذاته هو علم الاقتصاد.
البنوك التقليدية تعتمد على رأسمالها وودائع الزبناء كمصدر رئيسي لمواردها المالية. وهي تضمن للمودعين أموالهم وتؤدي فوائد لذلك. كيف للبنوك « الإسلامية » أن تقنع المودعين بأن لا تؤدي فلسا واحدا (الربا حرام) حتى لو احتفظت بأموالهم سنين طويلة، رغم أن قيمة ودائعهم ستنخفض بفعل التضخم. كيف لهذه أن البنوك أن تستقطب مودعين دون أن تضمن إرجاع الأمانة ٳلى أهلها بدعوى المشاركة في الربح والخسارة. كما أن »البنوك الإسلامية » تبدو عاجزة عن أداء دور البنك التقليدي في مواقع كثيرة. في مجال الاستثمار، يستحيل تمويل حرفي أو فلاح أو شركة باعتماد مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، فمن غير المعقول مطالبة البنك أن يصير مساهما في كل مشروع يموله، صغيرا أو كبيرا. وفي هذه الحالة، أي جواب يقدمه أصحاب « الاقتصاد الإسلامي » للحاجة الملحة للتمويل لقطاع واسع من الفاعلين الاقتصاديين.
كما أن « البنك الإسلامي » غير قادر على تقديم القروض الاستهلاكية، وهي حاجة ملحة للأفراد. في بعض الأحيان قامت هذه البنوك بفبركة طرق ملتوية لتقديم قروض كتلك التي تقدمها البنوك التقليدية المتهمة بأنها تستغل حاجة الناس، لكن بكلفة أغلى! وما هذه ٳلا بضع من أمثلة كثيرة. البعض يستشهد بقيام دول غربية بالترخيص للمعاملات البنكية « الإسلامية » وقيام بنوك كبرى بفتح فروع لها تقدم مثل تلك الخدمات على أنه نجاح لما يسمى البنوك الإسلامية، وتلك خدعة أخرى. الدول الغربية وبنوكها تبحث عن الاستفادة من فرص تجارية ولا يهمها أن تكون المشاريع « ٳسلامية » أو مسيحية أولا دين لها!
قبل فترة بسيطة وجه عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، صفعة قوية إلى حزب العدالة والتنمية، ” الحزب الاسلامي” ، الذي روج خلال الأيام الأخيرة، عبر الموقع الرسمي للحزب، وجريدة “التجديد” الناطقة بلسان ذراعه، بخصوص منح التراخيص لخمسة بنوك إسلامية للاشتغال في المغرب، وهو ما كذبه الجواهري نافيا منح أي ترخيص من هذا القبيل لأي بنك إسلامي.
وأكد الجواهري في تصريحات صحفية خلال حفل توقيع اتفاقية بين منظمة العمل الدولية والجمعية المغربية للثقافة المالية، بداية شهر مارس، أن بنك المغرب لم يمنح أي تراخيص للأبناك التشاركية مشيرا إلى أن بنك المغرب لازال يدرس ملفات طلبات الترخيص لإنشاء أبناك تشاركية، موضحا أن دراسة الملفات تستغرق فترة تتراوح مابين 3 و6 أشهر، في حين تستغرق بعض الملفات الأخرى وقتا أطول.
ٳن بناء بنك أو حتى اقتصاد جديد يعتمد أولا على الاستفادة من التجارب الأخرى التي راكمت الكثير من النجاحات والٳخفاقات، والتمكن من العلوم الاقتصادية، وتطوير الاجتهاد الرصين، مع الاستفادة من التراث والقيم الأصيلة. ولا فائدة من إقحام الدين في الاقتصاد بشكل متعسف ولا تزكية الرأي الوحيد تبريرا للتقاعس وقلة الكفاءة.
مذ أن تم اقحام الدين في السياسة و الاقتصاد و نحن نعيش في دوامة كلماأحسسنا بوجود مخرجلنا منها الا و توغلنا أكثر فأكثر ، الآن أصبح البنك اسلاميا و الحزب اسلاميا و ربما غدا نسمع بمستشفى اسلامي و دمى اسلامية للأطفال و و و ….
ما أجمل الدين الاسلامي الذي يعدّ من أجلّ نعم الله على عباده، و المنهج القويم الذي يصلح به حالهم في الدنيا ، و يطيب به الجزاء في الآخرة ، و بالتمسّك به يجد الانسان ما يشبع حاجاته و يهذّب شهواته و هو ضالتنا المنشودة عند الحيرة من أمرنا بحثا عن الطريق المستقيم.
هذا الدين الذي يرتكز على المعاملة الطيبة السليمة ، فلا تقحموه في أمور دنياكم العملية التي منحكم الله عقولا لتدبيرها ، و لا تضحكوا على شعوبكم باسم دين الله كفانا جهلا و جهالة ..