هل تنفرج ؟!…
جريدة طنجة – عزيز گنوني ( آراء)
اللجمعة 04 مارس 2016 – 12:45:47
أساتذة الغد اختاروا ساحة تافيلالت بقلب منطقة بني مكادة، لتنظيم مسيرة سلمية، الخميس الماضي، مطالبين بإسقاط مرسومي بلمختار، المتعلقين بفك التكوين عن التوظيف وبتقليص منحة الدراسة والتدريب، إلى النصف.
وبسرعة، وجدَ المتظاهرون أنفسهم محاطين بأعداد هائلة من رجال القوات العمومية، الذين حاصروهم بغية إجبارهم على فض تجمعهم، ولحقوا بهم داخل الأحياء المجاورة لساحة تافيلالت، ولم يتوانوا في اللجوء إلى الأساليب «المعتادة» في مثل هذه المناسبات، مستعملين الهراوات والضرب والركل والسب ومختلف وسائل الإهانة والإذلال، حسب ما أكدته منابر إعلامية محلية وأكده في تصريح صحافي عضو تنسيقية الأساتذة «المضروبين» الذين استوجب نقل العديد منهم إلى المستشفى لأجل تلقي الإسعافات الضرورية.
والواقع أن أساتدة الغد، لم يكونوا ينتظرون معاملة إنسانية من القوات العمومية التي عودتهم أن «تكرم وفادتهم» أينما حلوا يحملون «همومهم» مع وزارة التعليم، و«معاناتهم» مع القوات العمومية الوطنية، التي تترصدهم من أجل إجبارهم على إخلاء الفضاءات العمومية التي يأتلفون فيها، وفض تجمعاتهم واعتصاماتهم بـ «الحسنى»، وإلا «يقضى الأمر» بالوسائل المعلومة، التي أباحها رئيس الحكومة لوقف كل أشكال الاحتجاج ضد مرسومين يصفهما أساتذة الغد بـ «المشؤومين»، اعتبارا لأنهما يمسان حقا مكتسبا لا يجوز القفز عليه بواسطة قرارات مزاجية.
وسواء قصد الأساتذة المتدربون ساحة تافيلالت التي تقابل ميدان التحرير المصري، في أدبيات الإحتجاج بطنجة، أو ساحة الأمم، أو باب الولاية، أو منطقة المعهد الذي يتدربون فيه أو حتى محيط مقر نيابة وزارة بلمختار، القريبة من مقر ولايتي الأرض والأمن، فإن «المعاملة» هي هي، و«الحصة» نفسها، تحتد أو تخشوشن حسب مزاج «القيمين» على «الأداء» وفق «التعليمات» الحكومية.
وخلال عملية اعتصام ومبيت، حاول الأساتدة المتدربون القيام بها أمام بناية وزارة بلمختار، على غرار زملائهم بمختلف جهات البلاد، في سياق نضالهم المتواصل منذ أكتوبر الماضي، اختارت القوات العمومية لغة «العصا» الغليظة، في محاورة المحتجين الذين فضلوا التصعيد بأن شرعوا في نصب خيامهم أمام بناية النيابة، ما عجل بتدخل رجال الحال بالطرق «المألوفة»الأمر الذي تسبب في العديد من الإصابات في صفوف المحتجين.
التنسيقية المحلية اعتبرت أنالتدخل الأمني كان مفرطا وأكدت مواصلة الاحتجاج إلى غاية إسقاط المرسومين.
نفس «الطبق» قدمه رجال الأمن للأساتدة المتدربين في عدد من جهات المغرب، الأمر الذي دفع منظمات حقوقية ونقابية إلى التنديد بالتدخل العنيف ضد المحتجين، وهم من خيرة شباب البلاد والمرشحون الطبيعيون لتربية أولادنا وبناتنا غدا، على «قيم» الشعب المغربي ومكارم أخلاقه .
وأمام «فشل» الحوار الذي أجرته تنسيقية الأساتذة «المضروبين» مع والي الرباط بتكليف من الحكومة، هدد عبد الإله بنكيران باتخاذ قرار «لن يكون في صالحهم» واعتبر خلال لقاء مع شبيبة حزبه أن الأساتدة المتدربين يخدمون أجندات «جهة ما» أو بإيعاز من «جهة ما» ( ! ) دون أن يحددها، ولم يجد سامعوه صعوبة، أبدا، في تحديد تلك «الجهة ما» !!! …
وأمام تلميح وزير الاتصال ب «سنة بيضاء» في معاهد تكوين الأساتذة، ونفي الوزير بلمختار، تصر الحكومة على أن المرسومين صدرا قبل توقيع الأساتذة المتدربين على محاضر ولوج المعاهد، في حين يؤكد الأساتذة ومعهم جمعيات المجتمع المدني ومنظمات حقوقية متعددة، أنه تم نشر المرسومين القاضيين بفصل التكوين عن التوظيف وبتقليص منحة التدريب من 2450 إلى 1200 درهم، بعد توقيع الأساتذة على محاضر الولوج، وبالتالي فالمرسومين معا غير ملزمين بالنسبة لفوج 2015 – 2016، ذلك أن حق التوظيف المباشر ظل العمل به منذ إنشاء المراكز التربوية الجهوية والمدارس العليا لأساتذة التعليم الثانوي ومدارس المعلمين للإبتدائي، قبل أن يتم تجميع هذه المدارس، على عهد الوزير الوفا، في منظومة تحمل اسم «مراكز مهن التربية والتكوين».
وبموازاة مع الجدل الحاصل على مستوى الرأي العام المتعاطف مع أساتذة الغد في معاناتهم مع المرسومين المذكورين، دخلت فعاليات من المجتمع المدني ومن هيئات حقوقية ونقابية على الخط، ووجهت مذكرة إلى رئيس الحكومة تقدم حلولا بديلة تحفظ ماء وجه الطرفين، في احترام تام للدستور وللقوانين الجاري بها العمل بالمغرب، في هذا الشأن.
إلى ذلك، يكون رئيس الحكومة قد استقبل، أمس الجمعة، وبطلب منه، ممثلين عن التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، ليعرض عليهم الحلول التي وصل إليها على ضوء مذكرة المجتمع المدني والحقوقي والنقابي، وضغط الرأي العام، والتي نتمنى أن تحمل إيجابيات تمكن من طي هذا الملف، نهائيا، وعودة الأساتذة إلى معاهدهم، إنقاذا للسنة الدراسية الراهنـة، وحفاظـا على مصالح مئات الآلاف من التلاميذ، خلال الموسم الدراسي المقبل.