في اليوم العالمي للمرأة : مُنجزات على الوَرق
جريدة طنجة – سمية أمغار (الوضعية الحقوقية للمرأة )
الأربعاء 16 مارس 2016 – 11:28:05
وهي التي رددت في أكثر من مناسبة أن انجازاتها العظيمة حولت “أحلام” نساء المغرب إلى حقائق “ملموسة” على أرض الواقع !…
وهي التي “تخصّصت” في إطلاق “الحملات التّحسيسية” تحتَ شعــارات غريبة ومثيرة، تـارة لفائدة المرأة وتارة لفائدة المسنين وتارة أخرى لفائدة الطفل والأسرة….حَمــلات تتخلّلها “تبوريدات” في موضوع “المنجزات” التي لا تكل الوزيرة ووزراء البيجيدي من ترديدها ، لا شك، لإقناع من له قابلية لذلك، بأن الوزيرة “قايمة باشغالها” وعلى أحسن وجه !….
إلا أنه يوجد من بين النساء البرلمانيات والجمعويات والحقوقيات من لم تقتنع بطرح الوزيرة الحقاوي بخصوص توفر الحكومة على “استراتيجية” تخص مناهضة العنف ضد النساء، لتندلع مواجهة حادة تحت قبة البرلمان، سعت خلالها الوزيرة إلى “تبريد الطرح” دون أن تغفل الإشارة إلى أن “كل” أحلام” الحركات النسائية “الحقيقية” تحولت إلى “حقائق” على أرض الواقع، وأنه تكفي زيارة ميدانية حتى نزداد اقتناعا ويقينا بأن الأمور تسير على ما يرام !….
والحال أنّ أغلبية النّساء المَغربيــات، نائبات، ومستشارات وعاملات، وعضوات في منظمات أهلية ، وموظفات ، لسن على نفس هذا الخط..ويعتبرن أنه إذا كانت “الإصلاحات” في ما يخص أوضاع المرأة المغربية قد انطلقت مع المدونة سنة 2005، فإن الانطلاقة الحقيقية لتحقيق مطالب الحركات النسائية جاءت مع دستور 2011، الذي وضع أسس المساواة والمناصفة ومنع التمييز على أساس النوع، وناهض كل أشكال العنف ضد النساء المغربيات…إلا أن مقتضيات الدستور لم يتم التعامل معها ووفق العقلية التي وضعت بها ، ولكن، بخلفية الحكومة التي لم تكن لتسمح أبدا بأي تطور لوضعية المرأة بالشكل الذي يستجيب لطموحاتها ويحفظ كَرامتها وحقوقها الأساسية كمواطنة كاملة الأهلية.
الحقاوي تتَباهى بـ “إنجــازات” تمّت على مستوى الإنتــاج التّشريعي : مراصد، جائزة التميز، هيئة المناصفة، مكافحة التمييز، المجلس الاستشاري للأسرة والطفل، وقانون محاربة العنف ضدّ النساء الذي جمده بنكيران ووزراءه لسنوات، ولم تُفرج عنه الأمانة العامة للحكومة إلاّ أربعة أيام قبل 8 مارس الجاري، حتى تقدمها “مواقع” البيجيدي الكثيرة بالفايسبوك، على أنها “هدية” بنكيران للمرأة المغربية في ‘عيدها” السنوي العالمي، والحال أن أن المرأة المغربية لا تعتبر 8 مارس ‘عيدا’ لها، بل محطة من محطات نضالها المستمر منذ عقود، لانتزاع حقوقها كاملة، ضدا على الفكر “التحجري” الأسطوري الذي يحارب ‘تحرير المرأة” ، بل ويحولها إلى “فتنة” ليحكم عُزلها وإقصاءها !…
وحتىّ نَكون مُنصفين، أدرَجنا في هذا الركن ما جاء على لسان الوزيرة من “منجزات” نسبتها لوزارتها وحكومتها ، ومع ذلك، فإن المبادرات تبقى محدودة، مقارنة مع مقتضيات الدستور التي كان يجب تفعيلها، بل والاجتهاد في تأويلها من أجل تحقيق مطالب المرأة ، العادية والمشروعة.
وقد لا يختلف اثنان في أن حصيلة وزارة الأسرة والتضامن وما قاربهما، والحكومة على وشك أن “تتبخر”…ضئيبة للغاية وقد تكون بلا “أثر ملموس” و “مفيد” على أرض الواقع، وأنه لا يوجد “شيء” ذو أهمية يذكر، إذا أستثنينا، طبعا، حملات الوزيرة الحقاوي “التحسيسية و إعلانها المتواصل ، عن “منجزاتها التشريعية” !..
المرأة المغربية لا تزال صامدة في نضالها على أكثر من واجهة: نضال من أجل قانون المناصفة ومحاربة التمييز، نضال ضدّ العُنف بكــلّ أشكاله، نضال من أجلِ الوُصــول إلى مراكز القرار، حتى إن نسبة التأنيث في المناصب العليا لا تتجاوز 10 بالمائة، نضال من أجل “تحرير “دعم” النساء الأرامل من الحيف والعنف اللذين “يتميز” بهما هذا القانون قصد عرقلة الوصول إليه من قبيل أن تكون المرأة أرملة لها أطفال متمدرسين أو في سن التمدرس، حتى تحصل على “زوج فرنك” بقيمة الصرف الرائج، لا بقيمة معاش النواب كما “صرفته” وزيرة الماء، التطوانية الجميلة…..
تلك “تراكمات” إقصائية، سببتها الخلفية التي يستند إليها عبد الإله بنكيران، والتي يستمدها من اقتناعاته الثقافية الشخصية، بخصوص المرأة. وهو الأمر الذي يمكن أن يفسرأن تكون الحكومة قد “اختزلت” قضايا المرأة المصيرية في بعض “المبادرات” ذات الطابع الاجتماعي من بينها الدعم “الملغوم” للأرامل….
منظمات نسائية نشيطة، تُحَمّل حُكومة بنكيران مسؤولية تَرَدي أوضاع المرأة المغربية واستمرار معاناتها اليومية مع الفكر الذكوري “المهيمن” ضدا على الاتفاقيات الدولية ، خاصة تلك التي أصبح المغرب طرفا فيها، بخصوص حقوق المرأة الأساسية.
والمثير للاستغراب أن تنتفض بعض النساء من عرائن بنكيران للتنديد بوضع المرأة المغربية وباستمرار الفوارق الاجتماعية على أساس النوع، وللتنديد أيضا بضعف أداء الوزيرة الحقاوي في التصدر لهذا الانحدار الخطير في مسيرة النساء، أمام تدابير “تجزيئية” لا تصل إلى انتظارات المرأة المغربية ! ..
بل إن من بين الناشطات الحقوقيات من تعتبر أن أوضاع المرأة المغربية في الوقت الراهن “كارثية” في غياب تدابير عملية تحمي النساء من العنف وتقطع مع آفة الإفلات من العقاب بالنسبة لمعنفي زوجاتهم أو لممارسي العنف ضدّ النساء سَواء داخلَ الأسرة أو في أماكن العمل أو في الفضاءات العمومية، حتى وُجد من يقول إن جل المشاريع الحكومية التي تخص المرأة مشاريع “سياسوية” حزبية أو انتخابية، ومنها هيئة المناصفة التي، فضلا عن تركيبتها “المخدومة”، لا تمنح صلاحيات قضائية لتتبع الشكايات، يل اقتصر دورها على تلقي تلك الشكايات !!! …
ونختم بـ “تبــوريدات” بنكيران في “ملعب” المرأة، و”خرجاته” المثيرة التي جرت ضده العديد من نساء المغرب، خاصة حين استنكر خروجها للعمل “لتنطفئ” البيوت” ويضيع الأطفال، أو حين يستعمل لفظ “العيالات” وهو يتحدث عن النساء المغربيات أو بعد أن قسم النساء إلى “مكلفات” و “رخيصات”، فالزوجة رخيصة و”الصاحبة” مكلفة دائما …. كلام اعتبرته بعض الحقوقيات جارحــًا وذا حمولة “دونية” بالنسبة للمرأة المغربية….
وما دامت الهدية بالهدية، فإن هدية منظمة العفو الدولية لعبد الإله بنكيران، في اليوم العالمي للمرأة، تصريحها بأن المرأة المغربية “حقيقة مُرّة” حيث إنها لا تزال تواجه التمييز في النوع والقانون ولا تتمتع بالحماية الكافية من العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف، ولا تستفيد من حقوقها الكاملة كمواطنة كاملة الأهلية. .