تصميم لتهيئة طنجة أم تصميم على خرابها؟!..
جريدة طنجة – م.العمراني ( تصميم التهيئة الجديد )
الثلاثاء 22 مارس 2016 – 10:31:49
هي محطة حاسمة واختبار حقيقي للمُكونات السياسية المشكلة لمجلس المدنية، أكانت في الأغلبية (العدالة والتنمية والاتّحاد الدستوري)، أو في المعارضة ( البام والتجمع الوطني للأحرار)…
إذ لا يخفى على الجميع أن تصميم التهيئة يعتبر إحدى أهم وأخطر الوثائق التي تتحكم في مستقبل المدينة خلال العشر سنوات المقبلة، وترهن نموها العمراني والاقتصادي لعقد من الزمن…
وبالرجوع إلى مضامين هاته الوثيقة المعروضة على ممثلي ساكنة طنجة، يجب التسجيل أنه لم يسبق في تاريخ المدينة أن أثار تصميم تهيئة سابق مثل هذا الرفض والاحتجاج…
يكفي الإشارة إلى أن حجم التعرضات فاق 5300 تعرض، هم في أغلبيتهم الساحقة من المواطنين البسطاء، الذين فوجئوا بتحويل عقاراتهم إلى مناطق خضراء، أو مرافق عمومية، أو حتى شقها بالطرقات، مما يعني استصدار قرارات نزع ملكية أراضيهم، وحرمانهم بالتالي من استغلالها!…
قبل إصدار أي تقييم لهاته الوثيقة المرجعية لا بأس من الاستئناس بمقتطف من الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس للمشاركين في المناظرة الوطنية حول العقار، التي احتضنتها العاصمة بالرباط يوم 8 دجنبر المنصرم، جاء فيها:
“إذا كان للعقار الدور الأساسي في مجال التعمير والتخطيط العمراني، فإن وثائق التعمير وآليات التخطيط العمراني، ينبغي أن تستهدف خدمة المواطنين. وهو ما يتطلب العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني، والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين.
كما يتعين أن يكون التعمير آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير..”.
التوجيهات الملكية تتحدث بوضوح عن تكريس العدالة الاجتماعية، وألا تكون وثائق التعمير وسيلة للمضاربة، مثلما دعت إلى إرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات…
لكن الحقيقة الصادمة هي أن تصميم التهيئة لم يلتزم بأي من التوجيهات الملكية، فالجميع يعرف أن بعض المحضوضين عرفوا من أين تؤكل كتف تصميم التهيئة…
لقد تم تفصيل تنطيق تصميم التهيئة على مقاس أراضيهم، فعند تفحصك لهاته الوثيقة ستجد العديد المناطق مخصصة للعمارات، والفيلات، وخالية من المناطق الخضراء، ومن الطرقات، وعند البحث عن أصحاب هاته الأراضي ستتفاجأ بكونها مملوكة لبعض الأسماء المعرفة في عالم العقار أو حتى السياسة…
بالمقابل فإن الأراضي التي تم اقتراحها لاحتضان المناطق الخضراء والمرافق العمومية، والطرقات، تجد القاسم المشترك بينها أنها مملوكة للبسطاء من المواطنين، أو الذين يجهلون أساليب “دهن السير يسير”!…
وهذا وحده كفيل في دولة الحق والقانون أن يدفع القضاء إلى فتح تحقيق في هاته القرائن، التي ترقى إلى شبهة جنائية…
أكثر من ذلك فإن هاته الوثيقة تركت ثغرات كبيرة لفائدة الإدارات المكلفة بالتعمير، لتفسير بعض المقتضيات التنفيذية لهاته الوثيقة، وإلا ما معنى أن يمنح لهم الحق في تحديد عدد الطوابق بناء على تفسيرهم لبعض بنود قانون التصميم؟!…
ناهيك عن عدم مطابقة هذا التصميم مع الواقع الميداني، فكم من مشاريع سكنية مرخصة على أرض الواقع تجدها بقدرة قادر وقد تحولت إلى مناطق خضراء، أو مخترقة بالطرقات، أو مقترحة لإنجاز مرافق عمومية بها!…
مجلس المدينة اليوم أمـامَ اختبـــار حقيقي لجميع مُكونـاتـــه، فـــالعدالة والتنمية المُتحكّمــة في دَواليب التسيير، بحُكمِ تَوفُرها على الأغلبية المُطلَقــة، ستكــون أمــامَ مِحك تنزيــل التزامـاتهــا وتعُهداتها بالوقوف إلى جانبِ المستضعفين، وفضح الفساد، ومواجهة انحراف الإدارة…
فيما بـاقي الهيئات السياسية المُمثّلة داخلَ مجلس المدينة أمامها فُرصة حقيقية لمُصالحة نفسها مع المواطنين، ولإثبــات أنّهـا فعـلاً قــادرة على الدّفـــاع عن مَصـالـح الساكنـــة…
تفصلنا أيام قليلة على 24 مارس الجاري، و يومها سينكشف المستور….