الحزب الحاكم بطنجة والانقلاب الكبير…
جريدة طنجة – م.العمراني ( “ملفات شائكة للحزب الحاكم و سوء التدبير ” )
الثلاثاء 15 مارس 2016 – 10:53:17
أياما بعد تسلم الأستاذ العبدلاوي مهامه كعمدة للمدينة، بالطابق السابع لقصر البلدية، انفجر ملف أمانديس، وخرج الآلاف من الساكنة للتظاهر ضد بطش الشركة، بسبب اشتعال فواتير استهلاك الماء والكهرباء، وسرعان ما تمددت بقعة الاحتجاجات حتى صارت تهدد الاستقرار بالمدينة…
و كان لا بد من تدخل ملكي، حيث أعطى تعليمات صارمة لرئيس الحكومة ووزير الداخلية، للتجاوب السريع والحازم مع مطالب الساكنة…
و في وقت اعتقد الجميع أن ينتصر الحزب، المتحكم في دواليب المدينة، لمطالب الفئات المتضررة من جبروت الشركة، المفوض لها تدبير قطاع توزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل، بإخضاعها للمحاسبة والمساءلة، كان الموقف صادما…
تبرير الارتفاع المهول في الفواتير بعدم إلزام أمانديس باعتماد تعرفة العداد المشترك، فيما يشبه تبرئة لذمتها، وتحمليها لولاية طنجة ومجلس المدينة السابق!..
والحال أن هاته الاحتجاجات كان يجب أن تكون مدخلا لافتحاص حساباتها، والتدقيق في مدى تقيدها بدفتر التحملات التي يؤطر تدبيرها لهذا القطاع…
الأخطر من ذلك فإن الإخوة الذين انتخبهم الشعب لحمايتهم من بطش هاته الشركة، يستعدون يوم 25 مارس الجاري، لعقد دورة استثنائية ستخصص لمنح أمانديس الضوء الأخضر بالموافقة على مراجعة عقد التدبير المفوض، والمصادقة على نتائج تدبيرها خلال 13 سنة المنصرمة!…
وهو موقف صادم للساكنة التي خرجت بالآلاف يوم 4 شتنبر الماضي لتسليمهم مفاتيح تدبير المدينة، وأملهم في وصول ممثلين عنهم لا يخافون في قول الحق لومة لائم…
المصيبة هي أن نتائج مراجعة العقد تم إعدادها أسابيع قبل انتخابات الجماعية الأخيرة، أي في عهد المجلس السابق، وكان بالأحرى من إخوان بنكيران أن يطالبوا بإحالة نتائج المراجعة على مكتب محاسبة معتمد للتأكد من مصداقيتها وصدقيتها…
لكن يبدو أن حزب المصباح مصر على إغماض عينيه، ومنح الضوء الأخضر لأمانديس لاستكمال ما تبقى من مدة العقد الذي يربطها بمدينة طنجة، أي حتى 2022!!!…
ملف ثان في طريقه إلى إشعال حرائق جديدة إن لم يتم التعامل معه بما يستحق من عناية واهتمام…
إنه تصميم التهيئة، الوثيقة التي ستحكم حركية العمران بالمدينة، ونموها الإقتصادي خلال العشر سنوات المقبلة…
لم يواجه أي تصميم تهيئة لمدينة طنجة بالرفض والانتقاد مثل ما ووجه به هذا المشروع..
هناك شبه إجمــاع على أن هاته الوثيقة ستكون وَبـالاً على المواطنين وعلى الجماعة الحضرية لطنجة ومجالس المقاطعات الأربع…
آلاف المواطنين تعرضوا للظُلم، بعد أن حول التصميم أراضيهم إلى مناطق خضراء، أو مرافق عمومية، أو طرقات…
الجماعة الحضرية مطالبة بتعبئة ما يفوق عن 300 مليار سنتيم لتنزيل هاته الوثيقة على أرض الواقع، وهو المبلغ الذي يجب رصده لنزع ملكية المواطنين لإقامة المناطق الخضراء، وشق الطرقات، في حين أن ضحايا المجالس السابقة لم يتوصلوا بمستحقاتهم منذ اكثر من 30 سنة، فيما الأحكام النهائية الصادرة ضد مجلس المدينة تجاور 100 مليار سنتيم، فكيف للإخوة أن يتدبروا 300 مليار 100 مليار سنتيم، فكيف للإخوة أن يتدبروا 300 مليار إضافية، وهم عاجزون حتى عن تنفيذ الأحكام السابقة؟!…
الأفظع من ذلك أن هناك بعض المحظوظين الذين يعرفون جيّدًا من أين تُؤكل الكتف، سيربحون الملايير بفضل بركات تصميم التهيئة، بعدما تمكنوا من تحسين تنطيق عقاراتهم، وصارت مناطق مخصصة للعمارات بعدما كانت في السابق مناطق خضراء ومرافق عمومية!…
ومرة أخرى، كان الجميع ينتظر أن ينتفض الحزب الحاكم في المدينة لنصرة ضحايا هاته الوثيقة، تأتي المفاجأة الصادمة…
المنتخبون الذين لم يترددوا أيام فؤاد العماري في شل عمل المجالس المنتخبة، وقلب الطاولة، والدفع بالمقاربة السياسية لحماية مصالح المواطنين، تحولوا اليوم بقدر قادر إلى منتخبين برتبة موظفين مستسلمين للقانون، وللصلاحيات الممنوحة للمؤسسات المنتخبة، وأن دورهم ينحصر في إبداء الرأي، والحال أن عمدة المدينة، باعتباره المجسد لإرادة الساكنة، التي فوضتها له عبر صناديق الاقتراع، كان عليه أن يراسل والي الجهة، ووزارة التعمير، ورئاسة الحكومة، يطالبهم فيها بسحب هاته الوثيقة إلى حين معالجة ما يعتريها من اختلالات…
العمدة يعرف جيدا أن لا أحد بإمكانه معاكسة إرادة مجلس منتخب بطريقة ديمقراطية، وله في عمدة فاس إسوة حسنة، فالأزمي قرر سحب مشروع تصميم التهئية بعدما تيقن من كونه غير واقعي وغير ومنصف.
لكن السؤال المطروح:
لماذا لا يرغب العمدة في إعمال المقاربة السياسية لوقف هاته الوثيقة الغاصبة لحقوق المواطنين البسطاء؟…
ملف ثالث لا يقل اشتعالا عن سابقيه…
إنه ملف الأسواق الجماعية، والبداية كانت من سوق بير الشعيري والسوق المركزي لبني مكادة…
مرة أخرى يختار الحزب الحاكم بالمدينة المقاربة القانونية الصرفة، ويلجأ إلى الاستنجاد بصلاحيات المؤسسات المنتخبة لاستصدار قرارات الهدم، وبعد إسقاطها من طرف القضاء، يلجأ لاستصدار قرارات الترحيل، وهو يعلم يقينا أنها قرارات غير موضوعية، وغير منصفة، وظالمة في حق المئات من الأسر التي تمارس أنشطتها التجارية في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل…
وعوض أن يجنح الحزب الحاكم إلى التفاوض، نجده ينفرد باتخاذ القرارات، وهو يعلم أنها غير واقعية، وستكون مكلفة اجتماعيا وأمنيا، وحتى سياسيا!…
المقاربة التي ينهجها حزب العدالة والتنمية في التعاطي مع الملفات الحارقة بالمدينة تدفعنا لطرح سؤال عريض:
هل يقود الحزب الحاكم بطنجة انقلابا شاملا على التزاماته وتعهداته التي قدمها للمواطنين، وعلى أساسها حاز ثقتهم؟…
وإذا كان الأمر كذلك، من حقنا ن نتساءل عن ثمن هذا الإنقلاب، ولفائدة من؟!…