ولاية أمن طنجة تحت القصف!..
جريدة طنجة – م.العمراني ( ولاية أمن طنجة )
الثلاثاء 29 مارس 2016 – 09:03:02
البداية كانت يوم الجمعة مع إعفاء رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية، إبراهيم أحيزون، ونائبه يوسف العبدلاوي، من مهامهما ونقلهما إلى مدينتي أزيلال و كلميم من دون مهمة…
ويوم الأربعاء المنصرم نزلت برقية جديدة تقضي بإعفاء طارق الزيات، رئيس مصلحة الاستعلامات العامة بذات الولاية، ونقله بدون مهمة إلى مدينة زاكورة…
وقبلهما تم إعفاء بوشعيب الوردي، رئيس فرقة مكافحة المخدرات بولاية أمن المدينة، ووضعه رهن إشارة المنطقة الأمنية الثانية ببني مكادة…
ومن خلال تأمل الخيط الناظم لهاته القرارات، يتبين أنها استهدفت المفاصل الرئيسية للجسم الأمني بالمدينة، وهذا له تفسير واضح:
الإدارة العامة للأمن الوطني قررت ضخ دماء جديدة في شرايين ولاية أمن المدينة، وهو القرار الذي أرادت من خلاله أن يجيب على الاختلالات الكثيرة التي تعتري الأداء الأمني بالمدينة، خصوصا على مستوى التعاطي مع الإجرام المستفحل بالمدينة، أو على مستوى معالجة قضايا المبحوث عنهم بتهم الاتجار الدولي للمخدرات، والتي أصبحت حديث الرأي العام بالمدينة، الذي يحكي قصصا مثيرة عن الجرأة التي صار يمتلكها تجار المخدرات بالمدينة، لدرجة أنهم لم باتوا يتجولون بكل اطمئنان في شوارع المدينة، وهم مطمئنون إلى أن يد الشرطة لن تطالهم!..
لابد من الاعتراف أن أداء ولاية أمن طنجة كان موضوع انتقاد واسع من طرف ساكنة المدينة…
ارتفاع خطير لجرائم السرقة واعتراض المارة باستعمال السلاح الأبيض، بحيث لم يعد مكان ولا شارع بالمدينة يستعصي عن غزوات محترفي السرقة والنشل…
استفحال ظاهرة الاتجار في المخدرات القوية وحبوب الهلوسة، في أكثر من حي، بل صارت مناطق بأكملها خاضعة لنفوذ تجار المخدرات، دون أن يتمكن الأمن من اعتقالهم…
لن تجد مدينة في المغرب سوى طنجة، يتجرأ مدمنو المخدرات على الانتظام في طوابير طويلة أمام منازل تجار المخدرات، في واضحة النهار، لاقتناء جرعتهم اليومية من السموم، وهم متيقنون من أن الشرطة لن تفسد عليهم نشوتهم…
مدينة بكاملها تستنكر التساهل المفضوح مع لوبي مقاهي الشيشة بطنجة، الذي يعيث في المدينة فسادا…
مقاهي تنبث كالفطر بجوار المؤسسات التعليمية، وقد أصبحت مسرحا لممارسات مشبوهة…
تلميذات وقاصرات يرتدن هاته الأماكن…
استهلاك المخدرات القوية وحبوب الهلوسة…
تحكم شبكة قوية من القوادات في مختلف هاته الأوكار، التي تحولت إلى بورديلات لتوفير المتعة الجنسية لمن يدفع أكثر…
كل ذلك يحدث أمام أنظار مسؤولي ولاية أمن المدينة دون أن يحركوا ساكنا…
مقاهي المدينة صارت مسرحا لحكايات يتناقلها السكان حول ممارسات العديد من المطلوبين في قضايا الاتجار الدولي بالمخدرات، الذين أصبحوا يتجولون في المدينة عبر أسطول سياراتهم الفارهة وكأنهم من أعيان المدينة!..
و الحصيلة…
انكسار صورة جهاز الشرطة لدى المواطن، الذي فقد فيه الثقة…
وبناء على كل ما تقدم..
وحيث أن الوضعية التي وصل إليها جهاز الشرطة بمدينة طنجة وصلت حدا لم يعد من المقبول السكوت عنه، فقد أوفدت الإدارة العامة لجانا للتقصي إلى ولاية أمن المدينة، رفعت على إثرها تقارير إلى المدير العام للأمن الوطني، تضمنت تشخيصا للاختلالات التي تعتري مفاصل الأداء الأمني بالمدينة…
و حيث أنه لا علاج لأي اختلال من دون زوال مسبباته، فإن الإدارة العامة يبدو أنها وصلت إلى قناعة مفادها:
يستحيل تنزيل الاستراتيجية الأمنية للمدير العام الوطني من دون العنصر البشري المؤهل للتجاوب معها…
وهذا هو السياق الذي تندرج في إطاره هاته التغييرات، وجميع المؤشرات تؤكد أن التغييرات ستطال رؤوسا أخرى في القادم من الأيام…
وما علينا إلا أن ننتظر نتائج هذا القصف المكثف الذي تعرضت له ولاية أمن المدينة على امتداد الأيام المنصرمة….