عيد بأيّ حال عدت يا عيد.. بما مضى.. أم بأمر فيك تجديد .. من يحرر المرأة من المرأة التي تدمرها تحت ستار توعيتها و تحريرها
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( تحرير المرأة )
الثلاثاء 08 مارس 2016 – 12:14:00
لكنّها،أي المرأة، تستحق أكثر من أن تكون “وراء رَجل عظيم”، تستحق أن يتم الاعتراف بعظمتها هي ايضاً، بعظمتها المرتبطة بكيانها، بطموحاتها، بجهودها، بتعبها، بأحلامها، تستحق أن تصدق عظمتها هذه، وألا تحصر أهميتها في كونها المحفّز وراء رجل عظيم فحسب.
أجل، تستحق أكثر من أن تكون ظلاً، وداعماً، وسنداً، وتستحق خصوصاً أكثر من أن يتذكرها العالم ويتذكر معاناتها في يوم واحد في السنة، هو هذا اليوم العالمي الغبي للمرأة.
صدقاً، ينبغي كل يوم أن يكون يوماً للمرأة، كيف لا، وثمة كل يوم أعداد هائلة من النساء اللواتي يتعرضن للعنف، والقمع، والتهميش، والتحجيم، والقتل المعنوي والجسدي؟
كيف لا، ولم تتوقف حتى الآن ممارسات مرعبة كجرائم الشرف وتزويج القاصرات، بل بيعهنّ لمن يملك الثمن المناسب؟
كيف لا، والتّمييز ماضٍ من سيء الى اسوأ، ومثله احتقار الحقوق والكرامات؟
كيف لا، ولم تزل المرأة ملحقة بأب أو اخ أو زوج أو ابن، ولا يكاد يُعرَّف عنها إلا كابنة فولان أو زوجة علاّن؟
لا أريد أن اتّهم أحداً، جميعنا متّهمون، جميعنا مسؤولون، جميعنا شركاء في الجريمة.
تقولون إن وراء كل رجل عظيم امرأة؟
حسناً إذاً. لنطرح على أنفسنا، نساء ورجالاً، السؤال الآتي:
مَنْ وراء كل امرأة معذبة يا ترى؟
خضم تَغوصُ فيه الفَتاة المغربية و العربية العصرية، والعاصفة تلوكها والزلزال يتقاذفها، يأتي صوت يمعن في ترويعها من الرجل بدلاً من توعيتها على جذور ذلك الاضطراب كله في حياته وحياتها… صوت امرأة يدّعي تحريرها، ويوهمها بأن الرجل العربي هو أصل بلائها…وتتعزز مخاوفها، وتتكرس عزلتها عن الصديق الوحيد الممكن، والقادر على أن يمد اليها يد المساعدة…فمن يحرر المرأة العربية من المرأة التي تدمرها تحت ستار توعيتها، وتفسد حياتها – ربما بحسن نية – بحجة انقاذها من الرجل “العدو”، المسيطر، الاناني، القاسي، المتسلط… الى آخر المعزوفة؟ ثمة خلل – بالتأكيد – تعاني منه المرأة العربية الطامحة الى انتزاع حقوقها العادلة للمشاركة في الحياة العامة وخدمة الوطن، لكنني لم استطع يوماً حمل نفسي على الوقوف ضد الرجل – بوجه عام – واعتباره البلاء الأوحد، لا من باب “حسن الاخلاق”، بل بفضل الوعي الفني بحقيقة الاشياء. و كصحفية، أرى بوضوح أننا نؤذي المرأة والأدب معاً حين نرسم صورة ساذجة عن حقيقة الوضع الانساني، ونوهم المرأة بأن الدنيا منقسمة الى أسود واأبيض فقط، وأن الرجل هو الشرير المجرم والمرأة هي الضحية البريئة…
والخطر أن نفعل ذلك بحجة تحرير المرأة، بحيث تتسلل تلك النظرة الساذجة للأمور الى لاوعيها، ويترسخ حقدها على الرجل حين تتوهمه المسؤول الأوحد عن مصائبها، لانني أؤمن بعمق أن قضية المرأة جزء من قضايا مظلومي المجتمع جميعاً رجالاً ونساء، لم أنجرف يوماً الى الشوفينية في نظرتي للتحرر، وكنت موقنة من أن مأساة المرأة العربية هي من بعض مأساة وطننا العربي مع التخلف، وأن خصم المرأة والرجل هو ذلك التخلف الجاثم على الصدور.
هناك جمعيات نسائية ترى أنه من حق المراة العمل في البغاء اذا كان الاختيار شخصيا، في حين هناك جمعيات نسائية تطالب بمنع ممارسة مهنة البغاء لانها تمثل صورة لاضطهاد المراة.
وهناك جمعيات نسائية ترى بأن الحجاب الاسلامي يعكس صورة لاضطهاد المرأة , في حين أن هناك جمعيات نسائية أخرى ترى أن من حق المراة أن ترتدي ماتشاء وأن الحجاب لن يعيق المرأة من ممارسة دورها في المجتمع .
و هُناك جمعيات نسائية تدافعن عن حق الفتاة في التمدرس و حق المرأة في العمل و حقها في العيش الكريم ، و ينسين تماما أن المرأة القروية مثلا هي بدورها امراأة و ليست كائنا شاذّا .
يبدو أن العالم لا يعلم عن المرأة القروية و ما تكابده من هموم إلا الاسم فقط و الصور غنية عن كل تعريف ، إننا نرى أن الكثير من مناطق العالم تحتفي كل سنة فقط بالمرأة المثقفة و المرأة الموظفة ، و الوزيرة ، لكن لا أحد أعطى للمرأة القروية حقها في هذا اليوم العالمي،على الرغم من التبجح بالحديث عن معاناة المرأة القروية والاهتمام بها.. في وقت أن فتيات في عالمنا القروي تعشن أوضاعا مزرية ، منها من ترعى الغنم ، و منها من تجلب الحطب و منها من تقود أباها المتسول ،و….و….و، منها المحرومة من حظها في التعليم ،الصحة،السكن وغير ذلك من الحقوق التي يكفلها لها الله قبل أي دستور أو قانون.
ناهيك عن متاعب أخرى تكابدها المرأة في العالم القروي وبالمدن أيضا بحيث هناك العشرات بل المئات بل الآلاف من نساء المدن اللواتي،تستغلن في مهن غير إنسانية،بمقابل مادي جد هزيل، فدائما نتابع حوادث تهز أركان البيوت المغربية، نساء يضعن حملهن على قارعة الطريق.. نساء يتعرضن للعنف الأسري و يقعن ضحايا لانعدام الرحمة في قلوب البشر حتى المقربين و الأحباب … نساء و نساء و نساء ….أين حماة المرأة المغربية التي تمتهن الدعارة من أجل كسب قوتها اليومي،؟..لقد ثبت وبجلاء أن المرأة المغربية الفقيرة ربما الأمية أضحت تتعرض للإهانة والتعنيف النفسي والبدني من بنت جلدتها أي المرأة المتعلمة الأرستقراطية،باستغلالها في أبشع صور الاحتقار والمهانة في مهن هابطة…
بعض الجمعيات النسائية باتت تكرس الفرقة داخل المجتمع، وتحول المرأة من مواطن نافع إلى عائل يحتاج التحدي والتضامن والجمعيات والأيام العالمية ليثبت وجوده!!
الملايين تبذر سنويا على جمعيات فاشلة لم تفعل شيئا للمرأة ولا للرجل ولم تحدث أي تغيير في المجتمع، كلما شككت في مصداقيتهم تبجحوا بأن حرية التعبير التي نملك اليوم كنساء هي ثمار مجهوداتهم، والحقيقة أنها جمعيات عمل رؤسائها على النهب لتوفير الڤلل والسيارات والسفريات.. واذهبوا وانظروا أرصدتهم وأماكن عطلهم.. وانظروا إلى المعنفين والمعنفات من المفقرين والمفقرات لتعرفون أي عمل يتحدثون عنه. وكلنا نعلم في نهاية الأمر أننا لا نحتاج أيام عالمية ولا جمعيات.. وإنما ولأجل المرأة ولأجل الرجل ولأجل الأسرة ولأجل الكل.. لا نحتاج إلا يوما واحدا لا غير.. يوم لتكريس فكرة يجب أن تطبق على طول العالم، وهو اليوم العالمي لقضاء عادل.
ذاك القضاء الذي يمكن أن تلجأ إليه المرأة ليحميها من عنف زوج ظالم ويعاقبه، ذاك القضاء الذي يمكن أن يلجأ إليه الرجل ليحميه من عنف رب عمل جائر ويمنعه، ذاك القضاء الذي يمكن أن تلجأ إليه أم من ابن مدمن عاق، ويمكن أن يلجأ إليه فلاح من إقطاعي متجبر، وتلجأ إليه طفلة لمسها مجرم منحرف، ، وتلجأ إليه امرأة قروية تعاني الفقر المدقع من مسؤولين فاحشي الثراء.. ويلجأ إليه زوج مظلوم من زوجة عنيفة.. ومن يدري، فلله في خلقه شؤون، ذاك القضاء، الذي يجب أن نلجأ إليه جميعا ليفتح تحقيقات في ميزانيات الجمعيات النسائية التي نهبت أموال المواطنين من رجال ونساء.
لقد قاوم الشعب المغربي خاصة، والشعوب ذات المرجعية الإسلامية عامة فكرة المساواة بمفهومها الغربي، لعقود وعقود.. وجمعياتها الشفارة، التي حصرت الظلم في الرجل، وجعلت الضحية المرأة.. وأرادت تحويل الزوج والزوجة إلى متصارعين في حلبة قتال.. يسترزقون على طلاقهم وعلى قصصهم لمزيد من الاسترزاق.. بدل إصلاح ذات البين حفاظا على الأسرة. ولا عجب، فنفس الذين يروجون للمساواة الحرفية بين الرجل والمرأة هم أنفسهم من يروجون للفردانية، لنفهم غرضهم الحقيقي من مساواتهم تلك.
ولو لاحظنا أن المرأة المظلومة “الضحية” لا تتجسد إلا في المجتمعات التي يعاني فيها الرجل من الظلم.. التي يعاني فيها المواطن من قلة الكرامة ومن التهميش والفقر، ومن ظلم السلطة وقلة العدل، بينما تكاد تختفي في المجتمعات التي تعيش العدالة الاجتماعية، برجالها وشيوخها وأطفالها ومرضاها ومعاقيها وسجنائها وأقلياتها.. لفهمنا أن المرأة جزء لا يتجزء من المجتمع، ظلمها من ظلم الكل وارتياحها من ارتياح الكل حيث القضاء منصف، حيث رؤساء الجمعيات النسوية وراء القضبان بسبب النهب.. بل حيث العدل فوق الكل.
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة.
وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.
وإذا كانت أماً كان برُّها مقروناً بحق الله-تعالى-وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، والفساد في الأرض.
وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها.
وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة.
وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها؛ فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي.
فأين النظم الأرضية من نظم الإسلام العادلة السماوية، فالنظم الأرضية لا ترعى للمرأة كرامتها، حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.
وأين إكرامُ الإسلام للمرأة، وجَعْلُها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة، وتسلبها حقها في الملكية والمسؤولية، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار، وتعدها مخلوقاً نجساً؟.
وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟.
وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعة تنتقل فيه الزوجة؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت؛ لتنظر في حقيقة المرأة وروحها أهي من البشر أو لا؟
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها، ورعاية زوجها، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها، أو شبابها، أو هرمها، وفي حال فقرها أو غناها، أو صحتها أو مرضها.
أين نحن من كل هذا الآن … كرّمنا الله و أذلنا عبيده …. و لا يزالون في ذلّهم لنا يتفننون … فاتركونا من الجمعيات النسائية و الذكورية بحق حبكم لله… و لنكرّم نساءنا كما أراد الله و رسوله لهن و لكم….