مقاطعة طنجة تخلد ذكرى ابن بطوطة وسط مطالبات جدية باعادة الاعتبار لهذا الهرم التاريخي
جريدة طنجة – ل.السلاوي ( تخليد ذكرى ابن بطوطة)
الثلاثاء 01 مارس 2016 – 10:40:16
وقد حضر الندوة كل من محمد البشير العبدلاوي رئيس الجماعة الحضرية، و ممثلين عن البعثات الدبلوماسية وبعض الاجانب المقيمين بالمدينة واعلاميين و ممثلين عن مندوبيات السياحة والسكنى ومفتشية الآثار وبعض المنتخبين اضافة الى جمع غفير من سكان المدينة العتيقة وممثلي جمعيات المجتمع المدني.
في مداخلة لمحمد أفقير، رئيس مقاطعة طنجة المدينة، أكد فيها أن طنجة التي شهدت ولادة ابن بطوطة لا يمكنها أن تظل على هامش التراث الإنساني، ابن بطوطة خرج في مغامراته إلى أراض بعيدة مجهولة واستكشف في أسفاره أرجاءً مثيرةً من العالم ليسرد لنا قصة رائعة يعكس من خلالها ثقافات شعوب عديدة في عالم عصره، وشخصية ابن بطوطة لا تمثل فقط طنجة أو المغرب وإنما بصفة عامة تمثل العالم العربي والإسلامي في أدب الرحلة العالمي ويمكن أن يفخر بها العالم العربي والإسلامي لما قدمته للبشرية من معلومات مهمة حول العالم.
خلال هذه الندوة التي تعتبر شكليا تكريما و تخليدا للرحالة ابن بطوطة ، و حسب بعض الحضور عليها أن تتوّج بمبادرات جدية من طرف مسؤولي هذه المدينة لتكريم الرحالة عينيا، على الأقل ترميم و نشل ضريحه من الاهمال .

ضريح ابن بطوطة، الذي يجب حمايته كأحد المعالم الأساسية في المدينة، فالوضع الآن غير مقبول لرمز من رموز المنطقة، وإهمال كبير لإمكانيات هائلة للاستثمار السياحي للترويج للمدينة ثقافيا وتطويرها”.
وزارة الثقافة أو السلطات المحلية عليهم الاجزام بأن ضريح ابن بطوطة هو فضاء يجب أن يتأهل ويؤرخ للذاكرة عبر وضعه في ظروف مناسبة، وشراء الفضاء المحيط الدائر به، ويقام متحف للشهادة على حقبته وإنجازاته.
رد فعل المسؤولين هو دائما تثمين لهذه المطالب وواعد للاصلاح، ولكن من ناحية التنفيذ لا شيء، وهو وضع غير مفيد لمدينة طنجة لأن تصبح مدينة بلا ذاكرة أي بلا ملامح ورموز تاريخية، في دول أخرى تحترم رموزها التاريخية، تبذل مجهودات كبيرة وممولة للنبش في سجلات الماضي بحثا عن اسم يشرف المدينة ويعود من التاريخ ليمثلها ويخرجها إلى الحاضر، وفي طنجة المليئة بأسماء عالمية هناك استخفاف بالموروث وعجز عن الاحتفاء برموزها التاريخية والثقافية.
من جهته أحمد ك. فاعل جمعوي و من أبناء هذه المدينة يتأسف لوضعية الضريح المتردية، ويعتبرها نتيجة لإهمال سياسي ثقافي شامل، “بالنسبة للحالة المتردية التي يوجد عليها ضريح ابن بطوطة، فهي تعكس جانبا من السياسة الثقافية المغربية، حيث أنه “ليست هناك إستراتيجية ثقافية متكاملة من أجل حماية مثل هذه الآثار، سواء على مستوى النصوص القانونية وآليات الصيانة والترميم، أو على مستوى وضعها في سياق يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والسياحية لحماية هذه الآثار”..
وزاد بالقول إن الأمر لا يتعلق فقط بضريح ابن بطوطة، بل هناك العديد من البنايات في مدينة طنجة تشكل بالمعايير الدولية تراثا ثقافيا، لكنها في حالة جد مزرية”، مردفا أنه يجب ألا نعفي أيضا النخب المحلية من المسؤولية، فهي تفتقد للمصداقية السياسية والأخلاقية، ولا تملك أدنى تصور لدور التراث الثقافي بمدينة طنجة في بناء وصياغة الوجدان المحلي والوطني”.
السلطات تقوم بجزء بسيط من العمل-يقول احد ساكنة المدينة القديمة- لا أحد يهتم بتاريخ المدينة ، مآثر تدفن، وأصداء تاريخ ينبذ، وأزقة تهوي رويدا رويدا، وتتغير معالمها الأصلية دون حسيب ولا رقيب ، ضريح ابن بطوطة الذي يقف هو الآخر شاهدا على حقبة من الإهمال المتواصل ، باب لا تصلح إلا لزريبة المواشي، ومكان يعكس الإهمال بشتى معانيه ، لا وزارة الأوقاف قامت بالواجب ، ولا مسؤولي المدينة أعادوا الاعتبار لضريح شد أنظار العالم ، بقي الضريح القرفصاء وتحول إلى مكان استراحة أطفال ونساء وعجائز ، لم تتغير معالم الضريح من الخارج ومن الداخل ، وحدها لوحة صغيرة كتب عليها تعريف بسيط بالرحالة العربي ، لوحة يتفحصها يوميا العديد من السياح ولا يجدوا فيها ما يشفي غليلهم .

الإهمال لقبر ابن بطوطة لم يقف فقط في حدود إعطاء مفاتيحه لعائلات مجاورة أو إلى عدم تخصيص ميزانية لإعادة ترميمه وإصلاحه أو الجهل التام بمكان دفنه، بل كاد الأمر يصل إلى احتراق الضريح برمته من سنتين تقريبا حيث التهمت النار مجموعة من الأغطية وقطع الثوب المحيطة بالقبر، وكاد قبر ابن بطوطة يتحول إلى رماد .
متاهة من الأزقة الملتوية وسط مباني متداعية بطابعها التراثي، تجرك إلى زنقة “ابن بطوطة” بطنجة حيث يتواجد القبر المتواضع للرحالة الأسطوري ابن بطوطة. باب صغير مقفل ومجموعة من الأطفال يتسابقون فيما بينهم لكي يحضروا المفتاح من عائلة مجاورة تتحكم في من سيدخل القبر أو لا يدخله، أو من حارس يفتح الباب على هواه.
بالداخل غرفة صغيرة، مخيّبة تماما لشخصية جابت الأرض طولا وعرضا واستقرت بين أربع جدران، ويغطي القبر قطعة قماش خضراء يكتسيها الغبار،”لا تبحثوا عن قبري في التراب بل في قلوبكم”، هكذا قال ابن بطوطة الذي أرخ العالم ترحالا وكتابة، وكأنه تنبأ بمصيره المجهول.
خلاصة هذا اللقاء جاءت بضرورة استغلال هذا الارث التاريخي وتجويده واعطائه القيمة المناسبة له من أجل تسويق الصورة الرائعة لمدينة طنجة كمدينة تعايش وتسامح ومدينة مستقبلة لمختلف انواع الجنسيات، ومن أجل تطوير تاريخ ابن بطوطة من أجل عكس تلك الرحلات كلها من كل بقاع العالم نحو مدينة طنجة وليس منها الى خارجها .
ويأتي هذا النشاط في سياق الأنشطة الثقافية لمقاطعة المدينة، و انفتاحا على المدينة العتيقة.