احذروا مخاطر الاستقواء بالشرعية الانتخابية
جريدة طنجة – م .العمراني ( الاستقواء بالشرعية على حساب مصالح تجار سوق بني مكادة)
الثلاثاء 01 مارس 2016 – 11:22:45
القرار بالقَدر الذي تمَّ الدِّفاع عنه بــــاستماتة من طرف الحزب المتحكم في دواليب القرار بمجلس مدينة طنجة، بالقدَر الذي لقي رفضًا قـاطعًا من طرف التجار المعنيين بالترحيل، الذين اعتبروه قرارا متسرعا، وغير منصف، وأنه جاء لإرضاء الفراشة الذين رفضوا الالتحاق بسوق أرض الدولة إلا إذا تم ترحيل سوق بير الشعيري و “البلاصا”…
قبل الخوْض في حَيثيات هذا القرار، وتقييم مواقف الأطراف المتدخلة في الموضوع، يجب الاعتراف بكامل الجرأة والصراحة أن تواجد سوق بين مكادة المركزي وسوق بير الشعيرى أصبح يشكل بؤرة سوداء أمنيا، واجتماعيا…
إن الزحف الذي نفذه الفراشة على الساحات العمومية وعلى الطرق و أرصفة الشوارع والأزقة المجاورة لهذين السوقين، منذ أربع سنوات، حول المنطقة إلى ملاذ آمن لتجار المخدرات، ولمحترفي السرقة، مثلما جعل منها مجالا عصيا عن السلطات العمومية، التي تجد صعوبات كبيرة في ضبطها أمنيا…
ولكل هاته الاعتبارات فإن قرار ترحيل هذين السوقين، وتحرير الملك العمومي من احتلال الفراشة أصبح قرارا مطلوبا أكثر من أي وقت مضى، وفي صالح المدينة…
لكن…
إن أيّ قرار مَهما كانت أهميته، وأيًا كانت الشرعية التي تستندُ عليها الجهة الواقفة وراءه، فإنها لا تمنح لصَاحبه مطلق الصَـــلاحية لاتّخاذه دون مُراعاة لمصالح الجهة المتضررة، ودون التحلي بما يكفي من الشجاعة، والتبصر والحكمة لضمان تنفيذه بأقل الخسائر الممكنة…
ما هي مطالب تجار بني مكادة؟…
يطالبون فقط بالإنصاف، وبضمان حقوقهم و مكتسباتهم، باعتبارهم يمارسون أنشطتهم التجارية منذ عشرات السنين، في وضعية قانونية، ويؤدون واجباتهم الضريبية…
وبالتالي من حقهم الاعتراض على أي قرار يضعهم في كفة واحدة مع الفراشة، ومع الباعة الجائلين، الذين احتلوا بالقوة الشوارع والأرصفة، فأصبحوا بين عشية وضحاها، في سياق يعلم الجميع خلفياته، مُلَّاك محلات تجارية تطابق مواصفات تجارتهم!…
تجار بني مكادة يطالبون بتوفير سوق مركزي جديد مطابق للمواصفات المتعارف عليها في الأسواق المركزية، لا من حيث الهندسة المعمارية، ولا من حيث مساحة المحلات التجارية، وأيضا في موقع استراتيجي يحافظ على رواج تجارتهم…
إن كل ذي عقل رصين، وكل من يتحلى بالحد الأدنى من الموضوعية، سيجد أن مطالب التجار جد معقولة ومنطقية، وأنهم لا يسعون إلى تعجيز مجلس المدينة، ولا ولاية طنجة، وأنهم لم يرفضوا الحوار مع الجهات المعنية بقرار الترحيل، بل إن المفاوضات كادت أن تصل إلى توقيع اتفاق شامل ينهي هاته الأزمة…
ما هي المستجدات إذن التي جعلت الجهاز التنفيذي بمجلس المدينة، في خطوة انفرادية، ينقلب على الحوار الجاري مع التجار، ويبادر بطرح قرار الترحيل للمصادقة على أنظار المجلس، بل وحشد الأغلبية لاستصداره؟!…
من خلال استجماع كافة المعطيات والملابسات المحيطة بقرار مجلس المدينة، يتضح أن استصدار مقرر الترحيل لم يحض بموافقة جميع التيارات داخل حزب بنكيران، وأن تيارا نافذا داخل الحزب وداخل مكتب مجلس المدينة، أصبح اليوم مزهوا بالنصر الذي حققه الحزب خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، إلى درجة جعلته يعتقد أن من حقه اتخاذ أي قرار دون الحاجة إلى تبريره، أو دون مراعاة أثاره الاجتماعية…
يكفي أن يكون القرار يخدم أجندته داخل الحزب، وترتيباته خلال المرحلة المقبلة، ليتم تنزيله في الحال!..
المسؤولية والشرعية الانتخابية لا يمكن الاستناد إليهما لهضم حقوق المواطنين، وعدم الالتفات إلى مطالب المتضررين، وتنبيهات المعارضين…
بالأمس القريب كان إخوة بنكيران يضعون أنفسهم في خط الدفاع الأول عن حقوق ومطالب الساكنة، وكانوا لا يترددون في التصدي لأي قرار لا يراعي مصالح المتضررين أيا كانت الجهة الواقفة وراءه…
بينما أصبح الحزب اليوم، وأمام اندهاش المناضلين قبل المواطنين، هو من يشرعن القرارات الأكثر إيلاما واستهدافا لحقوق المواطنين، والأخطر من ذلك أنه يتم اتخاذها بالكثير من التعالي، ودون حتى تبريرها وفتح حوار مع المتضررين منها!…
إن قراءة متأنية لمرحلة تدبير حزب العدالة والتنمية لشؤون مدينة طنجة خلال الخمسة أشهر من تسلمهم مقاليدها، تدفع إلى الاعتقاد بكون حزب المصباح يتجه إلى إقرار سلطة الاستقواء بالشرعية الانتخابية دون مراعاة الكلفة الاجتماعية لما يتخذه الحزب من قرارات، وهذا ينطوي على مخاطر قد تعصف بالاستقرار والسلم الاجتماعي داخل مدينة هشة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا…