إضراب المركزيات النّقابية بين النجاح والفشل حضور في بعض القطاعات العمومية وغياب في القطاع الخاص فشل في التعبئة من أجل “الملحمة النضالية”
جريدة طنجة – عزيز كنوني (إضراب المركزيات النّقابية )
الأربعاء 02 مارس 2016 – 10:01:17
ومن جُملة القطاعات التي تَضاربَت حولها نِسَب المشاركة، قطاعان اثنان شَكّلاَ استثنــــاء، التعليم الذي يشهد اختلالات كبرى والجَمـاعــــات المحلية التي دأبت على تنظيم إضرابات منذُ سنوات للمطالبة بتحسين أوضاع موظفيها الذين يَدّعُــــون التهميش واللامبالاة. و بـالتــّالي، فلم يكن منتظرا أن يتأخر هذان القطاعان عن الانخراط في الإضراب “الوطني” العام، ولأسباب وجيهة ! …
بيـانــات المركزيات الأربع، تحدّثَت عن “نجاح باهر” للإضــراب الذي خــاضته الطبقة الشغيلة “بوعي ومسؤولية” لتجاور نسبة المشاركة المائة بالمائة، في بعض القطاعات، ما تسبب في “توقف عجلة الإنتاج وشل الحركة في مكونات النسيج الاقتصادي والخدماتي في كل المؤسسات والإدارات والمصالح بالوظيفة العمومية والقطاعات الوزارية” حسب زعم النقابات، و بدرجة أقل، في القطاع الخاص.
بل إنَّ المركزيات النقابية اعتبرت أن المشاركة الواسعة في الإضراب العام تعبير عن “قدرتها على التعبئة والنضال والاحتجاج السلمي للتعبير عن مطالبها المشروعة ” وهنأت الطبقة الشغيلة في القطاعين العام والخاص، على مشاركتها في “الملحمة النضالية” ليوم 24 فبراير ، وبشكل شامل في كل الجهات والأقاليم والمدن وجميع القطاعات المهنية والإدارات والمرافق العمومية ! …
وبطبيعة الحال دَعَت المركزيات النقابية حكومة بنكيران إلى “العودة إلى جادة الصواب” وفتح مفاوضات مع الحركة النقابية حول القضايا الكبرى المطروحة.
بلاغــات المركزيات النقابية، قد يفهم منها أن “الأرض توقفت عن الدوران” لمدة 24 ساعة، وأن شللا تاما وشاملا أصاب البلاد، بانخراط الموظفين والعمال في إضراب، يوم “الملحمة النضالية” ! ….
في الجهة المقابلة، ينبري مصطفى الخلقي وزير الاتصال وما يتبعه، والوزير محمد موبديع، وزير الوظيفة العمومية و…إلى آخره، ليفندا “ادعاءات المركزيات النقابية وليعلنا أن الإضراب كان “فاشلا” وبعيدا عن نسب المشاركة التي تم الإعلان عنها ، ولو أن الحكومة ترفض الدخول في “متاهات” نسب المشاركة وتفضل “تجاوزها” !…
موبديع، من جهته اختزلَ الإضراب في بعض “الاضطِرابات” التي شهدها قطاع النقل، خاصة، وشدد على أن حق الإضراب مكفول بالدستور وأن مطالبة النقابات بالحقوق أمر يعزز المكتسبات الوطنية ويقوي مؤسسات الدولة.
الوزيران أكّدَا أنّ الإضرابَ مرَّ في ظُــروف “عــادية” و “طبيعية”، وأن أغلب المؤسسات العمومية اشتغلت بشكل “اعتيادي”، فلا توقف ولا شَلَل إلاَّ ما كان من بعض “الاضطرابات” هنا وهناك، خاصة في قطاع النقل.

الخلقي، اعتبر، من منظوره،أنّ الإضرابَ غير مُبـــرّر لأنّ الحوار مع النقابات لم يتوقف !!! …
الإضراب ناــجح…الإضراب فاشل
الأصداء التي تناقلتها بعض الصحف الوطنية، تشير إلى أن الانخراط في الإضراب تفاوت بين مدينة وأخرى وبين قطاع وقطاع، إلا أن التعليم والجماعات المحلية، وهما القطاعان الأكثر تضررا من الوضع الحالي المطبوع بشيء من الاختلالات وبكثير من اللامبالاة، ولعقود، دون أن تتوفر لدى الحكومة والحكومات السابقة، الإرادة السياسية لمعالجة، ويشكل جذري، الأوضاع بهاذين القطاعين.
وماذا عن طنجة ؟
وإذا كان الإضراب قد أحدث نوعا من “الاضطراب” بالدار البيضاء وفاس وبعض المدن الكبرى، باستثناء مدن الجنوب، فإنه، على العكس، مر بطنجة، دون أن يترك أثرا يذكر. وكأنه لم يكن. فالحياة استمرت هادئة نشيطة عادية استطلع المواطنون خلالها قضاء مصالحهم إن في الإدارات أو المقاطعات الجماعية والمحال التجارية دون كبير عناء.
حتى أنه قيل إن الإضراب ربما يكون قد اقتصر على تجمع لبعض سيارات الأجرة الكبيرة عند مدخل المدينة من تطوان والرباط، ظهر “اليوم المشهود” (بينما الدعوة إلى الإضراب نصت على الانطلاقة عند منتصف ليلة الثلاثاءـ الأربعاء). أصحاب “التاكسيات” الكبيرة رفعوا شعارات تطالب بتعميم الحماية الاجتماعية والتكوين المهني ومحطات الوقوف والنقل السري ومنافسة حافلات النقل الحضري…..
ما عمال ميناء طنجة المتوسط، فقذ أكدوا خلال وقفتهم “النضالية”، أن مشاركتهم في الإضراب لا تعني شركة “ا ب م ” التي يعملون بها، وإنما جاءت تلبية لدعوة المركزيات النقابية، من باب التضامن النقابي، ومن أجل الضغط على الحكومة “تى تعود إلى الصواب وتتفادى الإضرار بالاقتصاد الوطني “!!!
أسباب فَشل الإضــراب :
إذا أمكن الحديث عن “فشل” الإضراب، بمعنى أنه لم يتم على الصورة “الكاسحة” التي روج لها الداعون إليه، ولأسابيع، فإن الأسباب جلية واضحة، وأهمها أن المركزيات النقابية فقدت قوة الحضور والتدخل، بسبب الوهن الذي أصابها، كما أصاب الأحزاب “التقليدية” بسبب كثرة الخلافات التي تنشب بينها وعدم قدرتها على اتخاذ مواقف واضحة ومسؤولة و “موحدة” في القضايا الكبرى، وبسبب “تبعية” بعضها لبعض الأحزاب السياسية، الأمر الذي يحد من استقلالية قرارها .
ثم إن الشعب المغربي واع اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالظروف الراهنة التي يجتازها وسط أوضاع عصيبة تمر بها بعض دول الجوار العربي والإفريقي. وبالتالي، فهو يثمن نعمة الاستقرار الذي هو سر نجاحه السياسي ومفتاح نموه الاقتصادي وعنوان إشعاعه الدولي، كبلد صاعد ، وهو يرفض أن “يزج” به في “متاهات” غير مأمونة النتائج والعواقب !!! …
ثم إن الحديث عن “توقف عجلات الإنتاج في كل مكونات النسيج الاقتصادي والخدماتي ” وعن “الشلل التام” الذي أصاب قطاع التعليم بكل فئاته وأسلاكه وفي قطاعات العدل والمالية والصحة……كلام تتفجر منه معاني القسوة والغلظة والشدة على الموطن، قد يصعب تقبلها من طرف كل ذي غيرة على بلده، مهما كانت الظروف.
حقيقة إن المشاكل الموجبة للإضراب موجودة، وهي مشاكل في العمق، وقد ساهمت في تراكمها مختلف التيارات السياسية التي تعاقبت على الحكم قبل مجيء بنكيران وهو أمر لا يعفيه وحكومته من المسؤولية، …….
ومع ذلك، فالمطلوب منا جميعا أن نعالج قضايا الوطن في مثل هذه الظروف .! con mucho cariño.
الصورة : ” العربي الجديد”

















