الجامعة في مواجهة السؤال..؟
جريدة طنجة -عبد السلام مفرج ( آراء)
الخميس 11 فبراير 2016 – 10:15:43
قد يكون من قبيل ذلك – كما يهمنا في هذا المقام – الشأن الجامعي في أبعاد وتفاعلاته مع المحيط الجهوي الذي ينتمي إليه بقوة الواقع و القانون معا .
وعليه , ليس جديدا دأب الناس – في ثنايا حديثهم عن الجامعة ووظيفتها – التركيز على بطالة خريجيها بالأساس , في مقابل تجاهل الدور الرئيسي الذي أنشئت من أجله أولا و أخيرا ألا وهو تكوين مواطنين مؤهلين ,على استعداد متواصل للمساهمة في التنمية المجتمعية و إنعاش الاقتصاد الوطني بفضل مبادراتهم النابعة من صلب بحوثهم وتخصصاتهم …
( طبعا و قطعا ) لا يعني ذلك أن الجامعة لم تضع ضمن أولويات أهدافها – في ظل مسلسل الإصلاح الجاري – إعداد اطر كفأة تنخرط بفاعلية في معترك الشغل و الحياة العملية , بيدا أنها ليست بالضرورة صاحبة ( الاختصاص النوعي ) في ذلك .
وهذا يعني أنها لم تكن يوما ( مؤسسة مغلقة ) نذرت وجودها لصنع أهل التقانة ، أو تفريخ أطر معبأة برصيد نظري فحسب ، بل للمؤسسة الجامعية دور أسمى من ذلك وأبعد بمسافة شاسعة .. كيف لا وهي مطالبة دائما بالاستمرار في الاضطلاع بمسؤوليتها الوطنية العليا ؟ يأتي في طليعتها : السعي الحثيث لاحتلال مكانتها العضوية كشريك لاغني عنه للقوي المدنية الحية ، بجميع فئاتها و أطرافها المكونة لمحيطها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي من ناحية، وكذا البحث الجاد عن القنوات الملائمة لتفعيل أنشطتها الإشعاعية في مجال الدراسات و الأبحاث الرصينة، مع الأداء الأمثل لدورها الاستشاري المؤثر في كل يتصل بتدبير قضايا و حاجيات ساكنة الجهة التي توجد بها من ناحية أخرى .
وإذا كانت الجامعة – من هذا المنطلق – تعد فاعلا تنمويا جديرا بثقة الرأي العام المحيط به و المتتبع لشؤونه ، فقد وجب من باب أولى التحديات القائمة ألان توفير و دعم الرأسمال البشري القادر على تحريك العجلة الوطنية لهذه المؤسسة الحيوية، فكل الأطراف المعينة غدت اليوم واعية بمكمن القوة في قلب الجامعة ، و المتمثل في مواردها البشرية وطاقاتها قبل أي شيء آخر بما في ذلك ( الإمكانات المادية ) التي لا ينبغي التقليل من الحجم حساسيتها في هذا الموضوع ، ما دامت ( البنية التحتية ) تحديدا تشكل ( قاعدة شرطية ) لكل نجاح بيداغوجي أو اندماج تنموي على الساحة .
في حدود هذه النقطة بالذات ، يبدو أن الجامعة المغربية بدأت تستوعب مسألة بالغة الأهمية، مفادها أنه لو كانت تتخد قرارا ما بتوقيف برامجها و كبح جماح مشاريعها و ( طموحاتها ) في كل مرة انعدمت فيها الوسائل و الإمكانات، لما كان قد حصل بصيص أي تغيير أو نهضة ملحوظين ، ولو بصورة ضئيلة، إن على الصعيد الوطني أو الصعيد الجهوي …
ولعلها الحالة الأقرب إلى ( الانتحار البطيء ) للجامعة في علاقتها بالمجتمع، حيث لا سبيل بعدها إلا إلى إغلاق أبوابها حفظا لما تبقى لها من ( الماء الوجه العلمي ) على الأقل، قبل أن تشرع أصابع الاتهام من كل حدب و صوب في صب جام اللوم الاذع عليها ، محملة إياها – دون عذر يذكر – مسؤولية تخريج أطر عاطلة لا محل لها من ( الإعراب السوسيو اقتصادي ) في محيطها الجهوي .
تلك ( معادلة العرض و الطلب ) وحل اشكاليتها – بلا شك – أولى أبواب ( تصالح ) الجامعة مع نفسها ومع محيطها , قبل تعزيز موقعها و تأمين وظيفتها …
إنها رحلة البحث عن الذات ؟ لكنها أيضا إحدى الأسئلة العالقة و الساخنة في أوراش الإصلاح الجديد ولا مناص من البحث لها عن جواب ..