الأمن أساس الملك
جريدة طنجة – عزيز گنوني ( آراء)
الأربعاء 17 فبراير 2016 – 17:49:05
لا اعتراض لدينا على هذا الطرح، ولو أننا لا نعيش وضعا “افتراضيا”، بل نواجه وضعا أمنيا سيئا، مترديا، لا يمر يوم من أيامنا دون أن نسمع أو نقرأ خبر وقوع جريمة اعتراض سبيل أو اعتداء أو تعنيف …..أو قتل أو ذبح بالسلاح الأبيض الذي أصبح استعماله من طرف الكبار والصغار أمرا متيسرا، بالليل والنهار ، خاصة والمدينة تعج بالمتسكعين ، والمتسولين ، والمتشردين، والمقرقبين ، والمهووسين ، والمخبولين، والمهاجرين ، واللصوص ، هواة ومحترفين، والنازحين من كل أرجاء البلد، إلى “طنجة الكبرى” التي صارت ” إيل دورادو” في مخيلة المتخلفين والسدج، والحال أن “مدينة البحرين” تغرق في كأس ماء، تعيش البطالة والعطالة والفقر والتهميش …. وقلة الأمن الذي لا تختلف فيه عن سواها من المدن- العواصم المغربية !!!..والذي، بسببه تتسع دائرة الإجرام وتتكاثر أعداد المجرمين والمنحرفين.
وما جريمة حومة الحداد بطتجة إلا نموذجا من نماذج الجريمة التي تشهدها المدينة والتي يذهب ضحيتها أبرياء سلبوا حقهم في الحياة ،لا لذنب اقترفوه، سوى أنهم وجدوا في بلدة أوضاعها غير مضبوطة وشؤون أحوالها غير محكمة.
هذه الجريمة ليست “حالة معزولة”، كما اعتدنا أن نسمع. إنها، وبتقدير المتتبعين، تندرج في مسلسل الإجرام الذي تشهده المدينة مع اتساع “المناطق السوداء ” المعروقة، والتي توجد تحت “سيطرة” أمنية دون المطلوب، وتكاثر أوكار الانحراف والمنحرفين المعشعشين في شتى مناطق المدينة ، والذين لا يترددون في استعمال السيوف والسكاكين، لمجرد سوء تفاهم أو خلاف بسيط، أو محاولة سرقة ، في غالب الأحوال.
فبعد ثلاث جرائم قتل، شهدتها مدينة طنجة، خلال الأسبوع الأول من السنة الجارية ، ذهبت ضحيتها زوجة سقطت جثة هامدة إثر طعنة قاتلة تلقتها من زوجها وهما معا ينحدران من منطقة سيدي يحيى الغرب، وشاب مات بطعنة سكين من صديق له على إثر ملاسنات بموضوع مقابلة في كرة القدم، وشاب آخر فقد حياته بضربة على الرأس من حارس ليلي بمركز تجاري، وإفريقي قتلته خليلته على إثر شجار،… شهدت حومة الحداد ، الاثنين الماضي، جريمة قتل بشعة راح ضحيتها رجل في السابعة والخمسين من العمر، المرحوم سعيد الغري، بعد أن اقتحم لصان متجر الذهب الذي يملكه أسفل منزله ووجها له طعنات قاتلة في مناطق متفرقة من جسمه وخاصة في العنق، قبل أن يسرقا كميات من الذهب ويلوذا بالفرار. وظل الضحية ينزف في متجره وهو يردد الشهادة، إلى أن فارق الحياة ، تغمده الله بواسع رحمته.
وكما ورد في بلاغ لإدارة الأمن الوطني ، فإن الجانيين، قاصر في 17 من عمره وشاب ذي 21 عاما ، جاء أحدهما من تاونات والآخر من سلا، ليقترفا جريمة قتل في حق تاجر مجوهرات بطنجة، من أجل السرقة.
اللصان اللذان تم اعتقالهما بالعوامة، سويعات بعد فرارهما ، اعترفا بجريمتهما الشنعاء، كما تم استرجاع المسروق، بينما لا زال البحث جاريا لاعتقال شريك لهما يوجد في حالة فرار إلى حدود أمس الجمعة.
وقد هب عشرات الآلاف من سكان طنجة في جو من التأثر والغضب، للمشاركة في تشييع جنازة المرحوم سعيد الغري، عصر الثلاثاء الماضي، في موكب رهيب، رفع خلاله المشيعون شعارات غاضبة، تندد بقلة الأمن بمختلف أحياء ومناطق المدينة، وبتنامي الجريمة، وتطالب بإعدام الجناة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وتحولت الجنازة إلى مظاهرة حاشدة، للتعبير عن تضامن سكان طنجة قاطبة مع أهالي الضحية وتنديدهم بضعف التجهيزات الأمنية وإلحاحهم على ضرورة اعتماد الصرامة القصوى في معاقبة الجناة الذين لم يعد لهم الحق في الحياة بعد أن سلبوا ، ظلما وعدوانا، حق غيرهم في الحياة.
ونود هنا أن نؤكد ما دأبنا على الإشارة إليه، وهو أن قلة الأمن لا يتحمل مسؤوليتها وتبعاتها رجال الأمن المحليين بمفردهم. لقد نوهنا بهم وبخصالهم و كفاءاتهم المهنية ، في أكثر من مناسبة، ونعترف أن الأمر يتعداهم إلى غيرهم ممن يعود إليهم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، انطلاقا من مبدأ أن الأمن أساس الملك، بل وأساس استمراره ودوامه. !!! ……