نساء طنجة الرائدات : الإعلامية شفيقة الصباح
جريدة طنجة – دة. زبيدة بن علي الورياغلي ( شفيقة الصباح )
الأربعاء 24 فبراير 2016 – 09:20:16
شفيقة الصباح الإعلامية المتألقة ذات الصوت الجميل والمسحة المشرقية المتفردة والنطق الفصيح واللغة العربية السليمة، الرائدة في عالم الأثير والمثقفة الموهوبة التي عبرت بصوتها الفضاءات الرحبة وحلقت في الآفاق، وأسهمت في الارتقاء بالمنسوب الثقافي للإعلام الجهوي، ومنحت إذاعة طنجة تميزاً وأضافت إلى إيقاعها ثراء وإبداعاً.
تابعت الأستاذة شفيقة الدراسة الابتدائية والثانوية باللغة العربية في ثانوية خديجة أم المؤمنين بتطوان، وزاوجت بينها وبين دراسة اللغتين الإسبانية واللاتينية بأكاديمية اللغة الإسبانية بنفس المدينة، وتمكنت من هذه اللغات وأحادتها إحادة تامة. سنة 1964. أسندت لها مهمة الإشراف على برنامج موجه من الإذاعة الوطنية بالرباط إلى موريتانيا افريقيا والصحراء، إلى جانب ممارسة عملها كمذيعة ومنتجة برامج. في هذه الفترة تقرر ترشيحها للعمل بالتلفزة المغربية في برامج تعتمد اللغتين العربية والإسبانية، ولكن ولظروف عائلية طارئة اضطرت للانتقال إلى إذاعة طنجة أواخر سنة 1964 وذلك بموجب قرار إداري صادر عن الإذاعة المركزية بالرباط، لكنها عادت مرة أخرى للعمل بإذاعة الرباط مدة ثلاثة أشهر أنتجت خلالها برنامجين «صباح الخير» و«عالم الأطفال» سنة 1965 التحقت بإذاعة طنجة بصفة نهائية، واستقر بها المقام فيها لتنطلق مسيرتها المهنية الناجحة التي امتدت ثمانية وثلاثين سنة.
تتحدث الإذاعية شفيقة عن أخصب مرحلة في تاريخها الإعلامي بإذاعة طنجة فتقول: «أولى المحطات التي امتدت حتى أوائل السبعينات اتسمت بالإقتناع والانطلاق في الآفاق الرحبة لفن الإذاعة، تحمس وحب شديدين طبعا كل ما كان يدخل في نطاق مهمتي. نظام جيد في الوسط، وجدول عمل لا يطغى فيه عامل التميز». وتضيف قائلة: «الشيء الذي كان يسهل لأصحاب المقدرة والمستوى الثقافي الجيد القيام بأداء ما يطمحون إليه من تنوير وتثقيف جمهور المستمعين»(6).
عرفت مسيرتها الإعلامية المتألقة نجاحاً منقطع النظير خلال ميكروفون إذاعة طنجة محققة سبقاً إعلامياً متفرداً في إنتاجها للعديد من البرامج الثقافية والفنية الهادفة والراقية التي تسمو وترتقي بالمستوى الفكري والتربوي والمجتمعي للمواطنين الذين تجاوبوا معها على اختلاف طبقاتهم واهتماماتهم وأعمارهم، وهو الأمر الدال على عمق ثقافتها، وموهبتها الفذة ومهنيتها العالية ومواطناتها الحقة، وتنوع إنتاجاتها وغزارتها، وحضورها المؤثر، إضافة لما حباها الله من صوت دافئ هادئ ينفذ إلىأعماق المستمعين دون استئذان خاصة عند تقديمها لنشرات الأخبار.
ومن أهم إنتاجها في الإذاعة وأبرزها برنامج «أصوات من الضفة القريبة» بتعاون مع الإذاعة الوطنية الإسبانية الذي حاولت من خلاله مد الجسور بين الثقافتين المغربية والإسبانية، وربط علاقات ثقافية وفنية بين الضفتين، وفتح قنوات التواصل والتبادل المعرفي والتعاون بينهما، وقد استمرت في تقديم هذا البرنامج ما يقرب من ثماني سنوات ومن بين أشهر برامجها الإذاعية أيضاً برنامج «بلا حدود»، «شاي الصباح»، «لحظة من فضلك»، «بطاقة بريد»، «مجالس أدبية» و«إليك سيدتي» واللائحة طويلة تضم خمسة وعشرين عنواناً.
رحلت الإعلامية الكبيرة المرحومة شفيقة الصباح إلى دار البقاء في 03 يونيو 2015 وبرحيلها فقد الإعلام المغربي الجهوي رائدة من جيل الرواد العصاميين المتميزين الذين بصموا تاريخ إذاعة طنجة بميسم التفوق والتألق..
(الهوامش والإحالات)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تأسس المعهد الموسيقي العربي الإسباني بتطوان بمقتضى الظهير الخليفي المؤرخ في 15 شوال عام 1364، الموافق لـ 21 شتنبر 1945، كتاب الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها. تأليف ذ. محمد الحبيب الخراز طبعة 2008، الطباعة: مطبعة الخليج العربي 152 شارع الحسن الثاني تطوان.
(2) المرجع نفسه، ص: 327.
(3) المرجع نفسه، ص: 190.
(4) المرجع نفسه، ص: 190.
(5) المرجع نفسه، ص: 189.
(6) صرحت بهذا القول في استجواب صحفي أجراه معها ذ. عثمان بنشقرون لم أتمكن من الوقوف على مصدره.