الشيخ عبد الباري الزّمزمي في ذمّة الله
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( عبد الباري الزّمزمي )
الإثنين 15 فبراير 2016 – 09:28:58
والشيخ عبد الباري الزمزمي ،مؤسس و رئيس الجمعية المغربية للدراسات في فقه النوازل والعضو المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كان عاملا بارزا من علماء طنجة، اشتهر بغزارة علمه وطهارة مسلكه وعفة لسانه وسهولة تواصله مع الناس وحبه للخير والعمل عليه، وميوله الراسخ إلى الوسطية ونبذ البدع ، وجنوحه إلى الاجتهاد في إدراك الأحكام الشرعية ضدا على التقليد والجمود ، سالكا طريق البحث والنظر والاستدلال ، وفق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة.
وهو ما تجلى في فتاواه التي كان يقدمها لمستفسريه من المغرب ومن العالم العربي والإسلامي، مباشرة أو عبر وسائل الإعلام، بشجاعة العالم التقي الملتزم، الذي يخشى الله في أقواله وأفعاله، ما تسبب له في العديد من المتاعب، مع دعاة الغلو والتزمت والخمول.
وعند شعوره بدنو أجله، طلب مغادرة المصحة الخاصة التي كان يعالج بها بعد إذن الطبيب المعالج، ونقل في سيارة إسعاف إلى بيته بطنجة، حيث أسلم الروح لباريها لحظات بعد وصوله ولقائه بأهله، وكانت أخر وصية له أن يدفن في قبر تحت قدمي والدته.
وقد أحدث موت الشيخ عبد الباري الزمزمي حزنا عميقا داخل أسرته وداخل مختلف فئات المجتمع الطنجي، بعلمائه وأهاليه وأعيانه وفي صفوف طلبة العلم بهذه المدينة ومعارفه العديدين بطنجة وبمختلف مناطق البلاد، إذ كان الفقيد العزيز يحظى بمحبة واحترام وتقدير الجميع ، لدوره البارز في مجال الدعوة، والإقبال الذي كانت تحظى به دروسه ومحاضراته وخطبه المنبرية التي منع منها أربع مرات ما بين 1978 و 2001. وظلت فتاواه ومؤلفاته رابطة اتصاله بمريديه وعارفي قدره، الأمر الذي يدل على المكانة الرفيعة التي كان يحظى بها في شتى المحافل، داخل طنجة وخارجها وبين جماهير المسلمين في العالمين العربي والإسلامي. رحمه الله.
ازداد الشيخ عبد الباري الزمزمي بمدينة طنجة مهد الزاوية الدرقاوية الصديقية، عام 1943، داخل أسرة اشتهرت بالعلم والزهد والتصوف، وتوجه كافة أفرادها إلى الاشتغال على الدعوة الاسلامية، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في تكوين شخصيته ، حيث حفظ القرآن الكريم مبكرا، وتلقى الفقه والعلوم الشرعية على يد والده، العلامة الشيخ الزمزمي رحمه الله، ليتفرغ، كوالده وأعمامه وكانوا من خيرة علماء المغرب، للدعوة الاسلامية بمدينة طنجة أولا، ثم بمدن أخرى حيث استقر به المقام بالدار البيضاء سنة 1976، حيث كان يلقي خطب الجمعة قبل أن يتولى الإمامة وخطبة الجمعة وعقد مجالس العلم، بأحد مساجد هذه المدينة.
وللشيخ عبد الباري الزمزمي مؤلفات عديدة في مختلف مجالات الفقه والشريعة كما أن له مساهمات في العديد من الصحف المغربية والعربية تميزت كتاباته وخطبه، على الدوام ، بالدعوة إلى الاجتهاد اعتبارا لتطور حياة الناس والبعد عن الجمود والتقليد .
وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم موقع جريدة طنجة بأحر عبارات التّعازي والمواساة إلى عائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة وإلى معارفه ومحبيه ومريديه وطلبته وعارفي قدره، وإلى مجالس علماء المغرب، مع خالص الدعاء أن يتغمده الله بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويثيبه على ما قدم من خير لبلاده وأمته، ويلهم ذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.