هل تَسير قضية سوق بئر الشّعيري على طريق التّسوية؟ القضاء فرض منطق الحوار
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( سوق بئر الشّعيري )
الإثنين 08 فبراير 2016 – 16:47:00
العمدة استندَ في قرارهِ على تقرير لجنة محلية مُختلطة، بتاريخ 18 اكتوبر 2015 أشار إلى وجود تهديد للسلامة العمومية بسبب خطر انهيــــار السوق وهو ما لم تقتنع به المحكمة بسبب عدم تنصيص تقرير اللجنة على طبيعة هذا التهديد وخطورته.
تجار السوق، وأمام عجزهم عن الوصول إلى حل متوافق عليه مع الجماعة التي يرتبطون معها بعقود سليمة بخصوص استغلالهم لمرافق السوق، اضطروا للجوء إلى القضاء حيث سجلوا دعاوى ضد العمدة ووزير الداخلية والدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة.
وبعد أن كانت المحكمة الإدارية قد أمرت بوقف تنفيذ عملية إغلاق السوق كمقدمة لهدمها، قضت من جديد بالإلغاء النهائي لقرار عمدة طنجة استنادا على خرق قرار العمدة لمجموعة من الضوابط الإجرائية الشكلية تتصل بالتوقيع على القرار وسبل تنفيذه.
وهذا يعني أنّ المحكمة لم تأخذ بتوصيات اللجنة المحلية المختلطة التي طعن التجار في مصداقيتها وزكاها العمدة والسلطات الإدارية، خاصة في جوانبها المتعلقة بالإقرار بأن السوق مهددة بالانهيار، ما يستوجب إفراغها وهدمها ! …
الوُقـــوف عند قراري المحكمة يوحي بتساؤلات كثيرة حول طبيعة تعامل السلطات المحلية، إدارية وجماعية، مع المواطنين، ويدفع إلى القول إن طبيعة هذا التعامل تغيرت كثيرا عما كانت عليه في العهد الذي تذكرون. المواطن بدأ يعرف حقوقه ومتى وأين يطالب بها، وكيف…ولعله أعطى إشارات واضحة في هذا الشأن، لمن يهمهم الأمر….خاصة وأن الأحداث والمواجهات الكثيرة، وعمليات سد الحبل مع المواطنين، التي شاهدها المغرب خلال الشهور الأخيرة، أعطت الدليل، بما لا يترك مجالا للشك، أن العنف الإداري والمقاربات الأمنية لم تعد من “وسائل الإقناع” بعد سنة 2011.
وهو ما صار للعمدة في مواجهته مع تجار سوق بئر الشعيري الذين خلق قرار العمدة البيجيدي بترحيلهم وهدم السوق التي تشكل مورد رزقهم ورزق أولادهم، موجة من التعاطف والمساندة لدى المواطنين وصارت قضيتهم قضية رأي عام بامتياز…..
وحين قَضت المحكمة بما قضت به، طلعت الأخبار بأن الهدف من إفراغ السوق ليس ما جاء به تقرير اللجنة المذكورة من أن السوق تواجه خطر الانهيار، بل لأنه تقرر بناء مستوصف مكان السوق، بعد إخلائها. فهل كان العمدة يتصور، وهو يعرف منطقة بني مكادة جيدا، أن قراره سيقابل بالنفاذ المعجل ؟ هكذا، وخلال 48 ساعة ؟…..ومما أجج الجدل داخل صفوف تجار السوق أن المجلس الجماعي، وبالرغم من قرارات المحكمة الإدارية بالرباط، أدرج في جدول أشغال دورته العادية لشهر فبراير، نقطة نقل سوق بئر الشعيري إلى مكان آخر….وهو ما زاد من تصميم التجار على رفض كل الحلول المعروضة عليهم، خاصة ترحيلهم إلى سوق بأرض الدولة، يرون أنها لا تخدم مصالحهم…ومن إصرارهم على ممارسة كل أشكال النضال السلمي من أجل إيجاد حلول متفق عليها مع البلدية والولاية.
ويبدو أن بَــوادرَ مُشجّعـــة بــدأت تُلـــوح في الأفـــق، بعد أن راجت أخبار مفادها أن اجتماعا نظم الأثنين الماضي بحضور الوالي والعمدة ورئيس غرفة التجارة والصناعة وممثلي التجار…بغاية تدارس كل الحلول الممكنة للخروج من “ورطة” الأحكام القضائية والمواجهات التي لا فائدة منها ……
خلال هذا اللّقــــاء، يكون العمدة قد قبل مؤقتا بالتخلي عن ترحيل التجار إلى سوف أرض الدولة، واقترح منح تجار سوق بئر الشعيري بقعة أرض بجوار تلك السوق، تملك لهم شرط أن يقوموا ببناء سوق جديدة على نفقتهم، وأن يلتزموا بإخلاء سوق بئر الشعيري بمجرد حصولهم على البقعة الأرضية المقترحة عليهم.
ممثلو التجار وافقوا من حيث المبدأ على هذا المقترح ولكنهم اعترضوا على الرحيل قبل الانتهاء من تشييد سوقهم الجديدة…..
عند هذا الحد، تـوقفَ الحوار، يقول المتتبعون، ولكنه لم يغلق، لرغبة الطرفين في طي هذا الملف المسيء لعلاقات الجماعة بشريحة هامة من المواطنين النشيطين ، بسبب تدابير شكلية يغلب عليها طابع الاستعجال وقلة التجربة…وهو أمر متوقع !
فـــإذا صحّت هذه الأخبار ، كما نتمنّى، فإنّ الحوارَ يكون قد انتصرَ على المُواجهة وشد الحبل، وأرشد إلى أن الحوار الجدي والمسؤول، طريق موصلة حتما إلى التفاهم وإيجاد الحلول..